ابراهيم افروخ
للحديث عن أزمة الكركرات وغيرها، لابد من الإشارة إلى الدور المحوري الذي يلعبه النظام الجزائري في قضية الصحراء منذ بداية افتعال المشكل، فلا يمكن لأي متتبع لملف الصحراء أن يغفل هذا الدور بأي شكل من الأشكال، وما يشهده معبر الكركرات ومناطق خلف الجدار كمنطقة بير لحلو وأمهيريز وميجك من وقفات احتجاجية لصحراويين من ساكنة مخيمات تندوف بدافع من قيادة الجبهة وبإيعاز من المخابرات الجزائرية، هو رد فعل طبيعي على قرب إطلاق المغرب لميناء الداخلة المتوسطي الذي سينعكس نشاطه العالمي على ملف الصحراء بشكل قوي جدا، هذا تعلمه القوى الإقليمية والدولية بما فيها الجزائر وموريتانيا، المخابرات الجزائرية توصلت بشكل متأخر أن المغرب يسعي لطي ورقة معبر الكركارات، وهي الورقة التي استعملها النظام الجزائري لسنوات وبالتالي اكتشفت مخابراته مؤخرا أن المغرب ينوي سحب هذه الورقة نهائيا عبر إغلاق هذا المعبر ليكون دوره مقتصرا على التنقل المدني فقط، وما يهم النشاط التجاري فسيكون عبر ميناء الداخلة المتوسطي.
ميناء الداخلة المتوسطي رؤية ملكية كانت مسطرة قبل قرار العودة إلى الاتحاد الإفريقي؛ العودة تلك تخللتها آنذاك أنشطة ملكية موسعة أسس خلالها محمد السادس أرضية اقتصادية قوية ومتينة مكنت من توقيع عدد كبير من الاتفاقيات التجارية بين المغرب والكثير من الدول الإفريقية، وبعض هذه الاتفاقيات تم الشروع في تنفيذه خاصة المتعلقة بالتجارة الفلاحية والمواد الاستهلاكية لكن سرعان ما دفعت أطراف معادية للمغرب بصحراويين لاعتراض الشاحنات التجارية والتشويش على مرورها ومنعها من التنقل عبر معبر الكركارات، الطرف المنافس والمعادي لوحدة المملكة لن يدفع بالصحراويين فقط بل سوف يشعل فتيل حرب عصابات تقودها مليشيات البوليساريو المسلحة بالمنطقة وما فيلق القراصنة الذي دربته الجزائر مؤخرا إلا دليل على نوايا الجزائر بملاحقة البواخر داخل البحر وملاحقة الشركات الأجنبية المستثمرة بالمحاكم الدولية من طرف الجمعية الجديدة التي أسست بأمر مشابه أيضا.
المغرب يقترب من إطلاق عمل ميناء الداخلة المتوسطي الذي قام بإنجازه على مساحة 8 هكتار نصفها داخل البحر إنجاز بغلاف مالي تجاوز 12 مليار درهم، ويقع ميناء الداخلة المتوسطي في جماعة العركوب شاطئ امهيريز وهو موقع جغرافي هام سيمكنه من أن يكون قطبا اقتصاديا ضخما يوفر أكثر من 200.000 منصب شغل متفرقة على امتداد عشر سنوات.
قيام أكثر من 16 دولة بفتح تمثيليات ديبلوماسية لها بمدينتي العيون والداخلة، هو نتاج علاقات سياسية نسجتها الرباط على أساس مصالح اقتصادية قوية مرتبطة بارضية ميناء الداخلة المتوسط الذي سيضاعف من معاملات المغرب الاقتصادية والتجارية مع الاسواق الإفريقية في معاملات إقتصادية جديدة تنطلق من الداخلة نحو إفريقيا (أوروبا – الداخلة – إفريقيا) (دول – الخليج – إفريقيا.)
فيما أن رغبة دول الخليج المؤثرة لن تتردد في فتح تمثيليات لها بمدينتي العيون والداخلة بل سوف تفتح قواعد عسكرية تكون رهن إشارة الجيش المغربي لصد أي عدوان ولحماية المصالح الاقتصادية المشتركة بالصحراء إذا استدعى الأمر ذلك، المنطق والتحولات الجديدة العالمية والإقليمية تفرض مسألة أن أي حرب تطلقها جبهة البوليساريو بالصحراء هي نهاية لمشروع هذا التنظيم المسلح بالمنطقة…
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.