الحمد لله الذي جعل ديننا دين رحمة وإنسانية، وربط بين الإيمان وحسن الخلق، وجعل من أبسط الأفعال أبوابًا للأجر والثواب، فجعل الابتسامة عبادةً منذ البداية، وجعل التبسُّم في وجه الآخرين صدقةً يؤجر عليها المسلم.
فالابتسامة في المفهوم الإسلامي ليست سلوكًا طارئًا ولا قيمة مستحدثة، بل خُلُق أصيل وأصل راسخ في التشريع الإسلامي، تُسهم في بناء مجتمع متماسك تسوده المودة والاحترام. وقد أكد النبي محمد ﷺ هذه الحقيقة بقوله: «تبسُّمك في وجه أخيك صدقة»، في بيان واضح يربط العبادة بحسن التعامل.
وللابتسامة أثر عميق في النفوس؛ فهي تُخفف التوتر، وتزرع الطمأنينة، وتقرّب القلوب، وتكسر حواجز الجفاء. وفي واقع تتكاثر فيه الضغوط وتتعاظم فيه الهموم، تصبح الابتسامة سلوكًا حضاريًا يعكس رقيّ الأفراد ووعي المجتمعات.
وقد كان رسول الله ﷺ قدوة عملية في ذلك، فعلى الرغم من جسامة المسؤوليات وثقل الأمانة، عُرف بكثرة تبسّمه ولين جانبه، ليجسّد معنى أن العبادة لا تنفصل عن الأخلاق، وأن التدين الحق يُترجم سلوكًا راقيًا في التعامل.
إن استحضار قيمة الابتسامة باعتبارها عبادة يعيد ضبط مفهوم التدين، ويصحح الفهم الذي يحصره في الشعائر الظاهرة دون المعاملات. فالدين الذي جعل الكلمة الطيبة صدقة، وجعل إماطة الأذى عن الطريق عبادة، هو ذاته الذي جعل الابتسامة نورًا يسبق الكلام وأثرًا يبقى في القلوب.
وفي زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى الرحمة والتراحم، تبقى الابتسامة رسالة صامتة، لكنها عميقة الدلالة، قادرة على ترميم العلاقات، وبناء جسور الثقة، وترسيخ القيم الإنسانية التي جاء بها الإسلام.
الحمد لله الذي جعل في ديننا الابتسامة عبادة.
بقلمي: رجاء التوبي
عاشقة للوطن
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

