تُعتبر كرة القدم من أبرز اهتمامات الدول والشعوب، فهي تحتل العدد الأكبر من المتابعين، وكذا اللاعبين الممارسين لها. وحسب تقارير الاتحاد الدولي لكرة القدم، بلغ عدد اللاعبين الممارسين لكرة القدم في نهاية القرن العشرين حوالي 250 مليونا، وما يزيد عن 1.3 مليار متابع ومتفرج. ومن خلال هذه الأرقام، يتضح أن كرة القدم هواية حقيقية ومتنفس رئيسي لدى الإنسان قبل أن تكون لعبة، فمن خلالها تلتقي الدول والشعوب على روح المنافسة الشريفة، كما أنها تعتبر فرصة لتلاقح الثقافات وتبادل الخبرات وخلق استثمارات حقيقية بين الدول.
فصارت كرة القدم تخدم المصلحة العامة والخاصة معا من خلال الرواج الاقتصادي والتلاقح الاجتماعي والفكري والثقافي. أصبحت كرة القدم ساحة لصناعة الأبطال وبناء فرق رياضية قوية يمكنها أن تصنع المستحيل، إيماناً بقدرات الفريق والعمل المخلص بين المجموعة الرياضية القويمة.
وبالموازاة مع ذلك، فقد تحولت كرة القدم المغربية خلال السنوات الأخيرة من مجرد رياضة شعبية إلى قاطرة حقيقية قادت النهضة الكروية في أفريقيا والعالم، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي أولى اهتماما خاصا بهذا القطاع الرياضي، وذلك من خلال جذب الاستثمارات الكبرى لإعادة هيكلة البنى التحتية وتطوير المواهب المغربية وتعزيز المنتخب الوطني.
من أبرز الثمرات اليانعة والإنجازات الخالدة للمنتخب الوطني خلال كأس العالم قطر 2022، مما جعل من الأسود رمزا للفخر الأفريقي والعربي.
فقد انطلقت ريادة المنتخب الوطني بشكل واضح وملموس في كأس العالم قطر 2022 بتقدمه على المستوى الأفريقي والعربي ليصل إلى نصف النهائي محتلا المركز الرابع عالميا، وهذا الإنجاز غير المسبوق جعل من المغرب منتخبا شرساً لمنافسيه لتفوقه على الدول الكبرى مثل إسبانيا والبرتغال، بتميزه كأفضل دفاع في البطولة. كل هذه الإنجازات لم تكن وليدة الصدفة، بل تحصيل حاصل ونتيجة لسنوات من العمل والتدريب بقيادة المدرب الوطني وليد الركراكي، الذي أعطى بتجربته الكبيرة فريقا بروح رياضية وقتالية شرسة مع الانضباط التكتيكي المتميز!
ومنتقلا إلى سنة 2025، بفوز المنتخب الوطني بكأس العرب بتسجيل رقم قياسي عالمي بـ19 انتصارا متتاليا في جميع المسابقات متجاوزا الرقم السابق للجارة إسبانيا بـ15 انتصارا، كما حصد المنتخب الأولمبي الميدالية البرونزية في أولمبياد باريس 2024، أما المنتخب تحت 20 سنة فقد توج بكأس العالم للشباب في تشيلي، وهو اللقب الأول عربيا والثاني أفريقيا بعد منتخب غانا سنة 2009، بعد تغلبه على البرازيل بركلات الترجيح. وفي ديسمبر 2025، احتل المغرب المركز 11 عالميا حسب تصنيف الفيفا باحتلاله المركز الأول أفريقيا.
مقارنة بغيره من الدول الأفريقية، برز المغرب بشكل رياضي حقيقي مع منافسيه من نفس القارة ويتقدم بخطى ثابتة مدعومة بالاستثمارات الملكية، خاصة أكاديمية محمد السادس ومركز التدريب الوطني، حيث يصنفان كأفضل المنشآت في القارة الأفريقية، إذ تقدمان أحدث الطرق والأنظمة المتكاملة لإنتاج المواهب الكبيرة، على رأسهم اللاعب أشرف حكيمي المصنف كأفضل لاعب أفريقي لعام 2025 حسب تصنيف الكاف، وغيره من المواهب المبدعة!
واليوم، مع انطلاق كأس أمم أفريقيا 2025 على الأرضية المغربية، يثبت المغرب استعداده التام باستضافة أكبر حدث كروي قاري، من خلال جاهزية الملاعب بشكل احترافي وبمتطلبات عالمية، وخير مثال ملعب مولاي عبد الله بالعاصمة الرباط والملعب الكبير بطنجة…
زيادة على الافتتاح الكروي المتفرد والمبهر يوم 21 ديسمبر 2025 بحضور صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، كدليل قاطع على مدى جاهزية المغرب والفريق الوطني، من خلال مباراة الافتتاح مع جزر القمر بتغلبه بهدفين مقابل لا شيء. ومن خلال هذا العرس الكروي، قدم عرضا كرويا متفرداً يعكس عمق التراث المغربي وتنوعه الثقافي، امتزجت فيه إيقاعات الغناء الگناوي التقليدي مع النغمات الأمازيغية الأصيلة والألحان الصحراوية، في رحلة فنية عبر مختلف مناطق المملكة، تجسد مزيجا بين الأصالة التاريخية والحداثة المغربية، مع لمسات من الموسيقى الحضرية والأفرو بيتس. هذا الافتتاح لم يكن مجرد احتفال رياضي، بل رمزاً من رموز المنافسة الشريفة والتلاقح الفكري، كما كان استقبال الدول المشاركة بفرحة غير مسبوقة من الشعب المغربي وكذا الفريق الوطني، ليصبح بذلك المغرب رمزا للوحدة والطموح العالمي. إذ أن هذه الفرحة ليست مجرد حماس رياضي مؤقت، بل فصل من فصول المجد القاري والعالمي، والتوجه نحو عصر جديد من الريادة الكروية..!
كما يُعتبر المغرب قاطرة الدول الأفريقية ومفخرتها، من خلال العمل النبيل والروح الوطنية والإيمان اليقيني بتحقيق أفضل نسخة وأجودها، ليكون قد تحدى المألوف وصنع ما لا يُصدق ضمن الدول الرائدة عالميا وقاريا.
أسود الأطلس لا يعرفون المستحيل..!
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

