نعيمة عتماني
شهدت المدن المغربية يومي 27 و28 شتنبر 2025 مسيرات احتجاجية غير مسبوقة قادتها حركة شبابية أطلقت على نفسها اسم “جيل زيد”. الحركة، التي ولدت بشكل تلقائي من رحم الإحباط الجماعي، لم تكن تنظيماً سياسياً حزبياً ولا جمعية ذات هياكل رسمية، لكنها حملت صرخة قوية ضد انسداد الأفق الاجتماعي والسياسي أمام شريحة واسعة من الشباب المغربي.
ويأتي هذا الاحتجاج في إطار حق يكفله الدستور المغربي وتؤكده المواثيق الدولية، إذ ينص دستور2011 على حرية الاجتماع والتجمع والتظاهر السلمي كركائز أساسية لممارسة المواطنة. ومع ذلك، تكشف الأحداث الأخيرة عن فجوة كبيرة بين النصوص القانونية والممارسة، حيث يعاني الشباب من شعور متزايد بالتهميش وفقدان الثقة في الطبقة السياسية.
وخلال المسيرات، رفع المشاركون شعارات مرتبطة بالكرامة والعدالة الاجتماعية وحرية التعبير. وما يميز حركة “جيل زيد” أنها جيل التكنولوجيا الرقمية؛ إذ يستخدم الشباب وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة للتعبير والبحث والنقد ونشر المعلومات بسرعة وفعالية. ويعكس اختيار اسم الحركة رمزية واضحة، جيل يسعى للتجديد والتمكين ويرفض الإقصاء والرضوخ للسياسات التقليدية.
انطلقت حركة “جيل زيد” من قلب واقع اجتماعي متفجر، حيث يعاني الشباب من بطالة متفاقمة بين خريجي الجامعات، وغلاء المعيشة، وضعف جودة التعليم والخدمات الصحية، إلى جانب اتساع الفوارق الاجتماعية والمجالية. ومع هذا الواقع تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصة قوية للشباب لإيصال أصواتهم ومطالبهم بعيدًا عن القنوات الرسمية. لم تكن هذه الحركة مجرد احتجاج عابر، بل صرخة تعبّر عن إحباط متراكم وطموح لمستقبل أفضل، يعكس حجم التحديات التي تواجه الشباب اليوم وحاجتهم إلى الإصغاء الحقيقي والمشاركة الفعّالة في صناعة القرارات التي تمس حياتهم اليومية، وهو ما يؤكد أن معركة العدالة الاجتماعية في المغرب لم تُحسم بعد. ويبقى السؤال المحوري: هل ستتمكن الدولة من تحويل صرخة الشباب إلى فرصة لإصلاح حقيقي يعزز العدالة الاجتماعية ويقوي الثقة بين الأجيال والمؤسسات، أم أن تجاهل مطالبهم سيزيد من عمق الأزمة؟.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.