عطيف محمد باحث في العلاقات الدولية
بداية يمكن القول أن روسيا تريد استرجاع أمجاد الاتحاد السوفييتي ،بل كذلك ضم الدول التي انفصلت عنها بعد سقود الاتحاد السوفييتي سنة 1991 هذا من جهة ،ومن جهة أخرى لا تريد أن تكون دول أوروبا الشرقية في حلف الناتو هذا يهدد مصالحها الاستراتيجية ،فضلا عن ذلك سيشكل حصارا لها من الغرب ،لذا تحاول روسيا أن لا يكون حلف
الناتو بجوارها .
أما بالنسبة لإشكالية مجلس الأمن ، كما نعلم أن هذا الأخير لم يتدخل بعد بشكل فعلي لتهدئة الأوضاع بين روسيا وأوكرانيا ، فإن تدخل سيكون من الصعب إيجاد حل لهذه الأزمة لأن الأعضاء الخمس الدائمين من ضمنهم روسيا والولايات المتحدة الأمريكية سيكون بينهما صدام داخل أروقة المجلس خاصة في حق الفيتو.
لذا تبقى دول الاتحاد الأوروبي تلعب دور الوساطة من تخفيف من هذه الأزمة حتى لا تندلع الحرب ، فمثلا إن اندلعت فالخاسر الأكبر هي أوروبا ،لماذا لأن الاتحاد الأوروبي هو المستفيد الرئيسي من الغاز الروسي ، أضف إلى ذلك المبادلات التجارية ، إذن فالدول الأوروبية ستكثف جهودها الدبلوماسية من أجل حل هذا النزاع بطرق سلمية كما جاء في الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة خاصة المادة 33 ،التي تقر بحل النزاعات بطرق سلمية عبر اجراءات سياسية وقضائية.
ومن خلال الوساطة التي قامت بها فرنسا وألمانيا نلاحظ أن الرئيسي الروسي قام باستقبال ممثلي البلدين بطريقة مستفزة وغير مفهومة ، ولها خلفيات وقراءات متعددة في البروتوكول الدبلوماسي مقارنة مع الاستقبال الذي قام به بوتين للرئيس البرازيلي.
وبخصوص للهجمات السيبيرانية التي قامت بها روسيا ،كما هو معلوم لقد اتهمت الولايات المتحدة سابقا روسيا بتدخلها في الانتخابات الأمريكية ، لذا فالتدخل السبيراني الأخير الذي قامت به روسيا المتمثل في اختراق المواقع الرسمية الأوكرانية يأتي في إطار معرفة روسيا ما يجري في الخفاء بين أوكرانيا والغرب ، بمعنى أن ظاهرة التجسس الالكتروني تبقى من الوسائل التي ستعمل عليها روسيا لفهم تحركات الغرب وأوكرانيا.
وأعتقد أن التصعيد سيستمر بين روسيا وأوكرانيا + الغرب وحتى إن رأينا التراجع الأخير للقوات العسكرية الروسية من الحدود الاوكرانية، ربما قد يكون هذا خداع للغرب ، فمادمت روسيا مصرة على احتلال الأراضي الشرقية من أوكرانيا ، فمن خلال العلاقات الدولية أن روسيا تحاول إظهار مدى قوتها العسكرية للغرب و جديتها في خوض الحرب، مما سيدفع أوكرانيا استعمال المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن نفسها إن شنت روسيا الحرب عليها،كما هددت الإدارة الأمريكية باستخدام المادة 5 من معاهدة الناتو ضد تهديدات روسيا للدفاع عن أمن أوكرانيا وأوروبا.
والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى فرض العزلة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ظل التوترات الحالية في العلاقات بين موسكو والناتو حول أوكرانيا، وبالرجوع إلى الماضي خاصة إبان الحرب الباردة لقد نتج عن مبدأ ترومان فيما بعد سياسة الاحتواء التي تهدف إلى الوقوف أمام المـد الشيوعي، و قد عبر عن ذلك جورج كينان Kennan George عام 1947 بقوله: ” المبدأ الأساسي لكل سياسة أمريكـية تجاه الاتحاد السوفيـيتي على المدى البعيد يجب أن ترتكز على احتواء الاتجاهات التوسعية السوفييتية، و يكون ذلك بحذر وصرامة ”
وهذا ينطبق تقريبا على الأزمة الحالية بين روسيا وأكرانيا + حلف الناتو وهذا الأخير يسعى جاهدا أن تكون أوكرانيا عضوا فيه لمحاصرة التمدد الروسي
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.