استقبلت موريتانيا وفدا رفيعا من الجيش الجزائري، أمس الخميس 27 ماي الجاري، بهدف ما اعتبرته “تعزيز علاقات التعاون، بين جيشي البلدين الشقيقين، خاصة في المجال الصحي، وسبل الرفع من الخدمات الطبية المقدمة على مستوى المستشفى العسكري بنواكشوط”، وفق بلاغ للجيش الموريتاني
البعثة العسكرية الطبية القادمة من الجزائر، ضمت الطبيب العقيد عزوز صافي، قائد البعثة الطبية العسكرية الجزائرية للقيام بزيارة عمل، حسب بلاغ الجيش الموريتاني، حيث كان في استقبالها الفريق المختار بله شعبان، قائد الأركان العامة للجيوش المساعد.
وتأتي هذه الزيارة، بعد 4 أيام فقط من حلول وزير الخارجية الموريتاني، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الإثنين 24 ماي الجاري، في زيارة رسمية إلى المغرب، جاءت بعد تأجيل زيارة سابقة كان سيقوم بها نهاية شهر مارس المنصرم، ما أسال الكثير من المداد حول وجود أزمة صامتة بين الرباط ونواكشوط حينها.
ويفتح هذا التتابع الزمني في التحرك الموريتاني على الجانبين المغربي والجزائري، المجال للتساؤل عن دواعي هذه الزيارة في هذا التوقيت بالضبط؟، وما إن كانت مورتانيا تلعب على حبلي التوتر المشدودين بين المغرب والجزائر لكسب وُدّ الطرفين؟، أم أن هذه الزيارة الأخيرة للوفد الجزائري لموريتانيا روتينية ولا علاقة لها بسابقتها في المغرب؟.
وفي هذا السياق، يرى الباحث المغربي في العلوم السياسية، المتخصص في الشؤون العسكرية، محمد شقير، أن “هذا التحرك الرسمي الموريتاني يمكن وضعه في إطار منظومة شمال إفريقيا، أو المنظومة السياسية الإقليمية التي تتحرك فيها كل من الجزائر والمغرب”.
وأوضح الباحث في العلوم السياسي نفسه، أن “موريتانيا منذ التوتر المغربي الجزائري وهي تحاول أن تلعب على التوازن، أو نوع من الحياد الذي يكون مرة سلبي وأخرى إيجابي، حسب كل طرف، ولكنها(موريتانيا) تحرص على خلق نوع من التوازن في التعامل مع كل من الجزائر والمغرب لأنها تعتبر نفسها الحلقة الأضعف في المنطقة”
موردا “إذا أخذنا زيارة وزير الخارجية الموريتاني للمغرب، فقد تكون المسألة مرتبطة أساسا بالتوتر الإسباني المغربي الحالي، لأن وضع موريتانيا يقترب من وضع إسبانيا في علاقتها بالمغرب، وردود الفعل الغاضبة للمغرب تجاه إسبانيا، جعلت موريتانيا تبحث عن تهدئة الأوضاع وطمأنة المغرب”.
وشدد شقير على أن “زيارة قائد البعثة الطبية العسكرية الجزائرية إلى موريتانيا، تدخل أيضا ضمن نوع من الموازنة في التحرك الموريتاني في التعامل مع كل من المغرب والجزائر”، مشيرا إلى أن “الغرض من ذلك إيصال رسالة مفادها أن الموقف الموريتاني ثابت لا يتزحزح”.
واعتبر شقير أن “هذه المبادرة في ظل هذا النوع من التوتر الذي يسود المنطقة، يدخل في إطار زيارات المجاملة أو التعامل العادي، لأنه موريتانيا تعتبر أن مصلحتها تقوم على التوازن، رغم أن لها مصالح من الناحية السياسية والاقتصادية مع المغرب، وتعتبر شريكا أساسيا للمعبر التجاري، وتستفيد من العلاقات التجارية، وفي نفس الوقت، فهي تتخوف من الجزائر، بالقيام بأي رد فعل إما من خلال الانقلاب أو تدخل بأي شكل من الأشكال والعمل على عرقلة أي تحرك سياسي”.
وخلص شقير إلى أن “مصلحة موريتانيا هي أن تعمل على الحفاظ على التوازن بين القويتين، لأنه ليس من مصلحتها أن تَمِيل كل المَيْل لا في اتجاه المغرب أو الجزائر، لأن كل مَيْل لصالح جهة معينة سيقابله رد عنيف للقوة الأخرى، وبالتالي فهذه هي اللعبة التي تلعبها موريتانيا، على أن تحافظ على علاقة توازن بين قوتين هما المغرب والجزائر”.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.