النهار نيوز المغربية:ع الرزاق توجاني
تشهد مدينة مراكش في الآونة الأخيرة موجة لافتة من بيانات التضامن التي يصدرها بعض الأشخاص المحسوبين على العمل الجمعوي، إلى جانب فاعلين آخرين، دعماً لأحد البرلمانيين المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة. ورغم أن التضامن قيمة مجتمعية نبيلة، إلا أن توقيت هذه المواقف وطبيعتها أثارا نقاشًا واسعًا حول حقيقتها: هل هو تضامن نابع من قناعة ومسؤولية… أم تملّق سياسي مُغلَّف بخطاب جمعوي؟
هذا الجدل دفع إلى إعادة طرح سؤال جوهري حول موقع ودور الفاعل الجمعوي داخل مدينة تواجه تحديات اجتماعية وخدماتية كبيرة. فبدل أن ينخرط بعض الفاعلين في قضايا تمسّ المواطنين مباشرة—كالهشاشة الاجتماعية، والبنية التحتية الناقصة، وصعوبة الولوج إلى بعض الخدمات الأساسية—نجدهم يوجهون بوصلتهم نحو مواقف انتقائية لا تخدم إلا صورًا أو مصالح ظرفية.
وفي هذا السياق، يذكّر المتابعون بأن قيم العمل الجمعوي كما أكد عليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في عدد من خطاباته، واضحة لا تحتمل التأويل؛ إذ دعا جلالته باستمرار إلى جعل الجمعيات قوة اقتراحية، وشريكًا في التنمية، وفاعلًا يقف إلى جانب المواطن لا إلى جانب المصالح الضيقة. كما شدّد جلالته على ضرورة الابتعاد عن كل أشكال الاستغلال السياسي للجمعيات، والعمل وفق مبادئ الشفافية والالتزام وخدمة الصالح العام.
غير أن الواقع يشير إلى أن بعض المنتسبين للمجال الجمعوي اختاروا طريقًا آخر، يختزل نشاطهم في إصدار بلاغات تضامن انتقائية، أو التقرب من المنتخبين، بدل الانشغال بالقضايا الملحّة التي تنتظر صوتًا مسؤولًا.
وتعزز هذا النقاش دعوات عديدة تطالب وزارة الداخلية بالتصدي لظاهرة انحراف بعض الجمعيات أو منتحلي الصفة الجمعوية، الذين لا يظهر لهم أثر إلا في الفترات الانتخابية، أو ممن يحصرون نشاطهم في دعم المجالس أو السعي وراء الامتيازات المادية، في سلوك يفرغ العمل الجمعوي من قيمه، ويهدر المال العام، ويحوّله إلى أداة للتطبيل السياسي.
ويرى المتابعون أن حماية هذا القطاع ضرورية لإعادة الثقة للمواطن، وجعل الجمعيات تؤدي دورها الحقيقي كقوة تنموية ورقابية وحقوقية، تضع المدينة واحتياجاتها فوق أي حسابات أخرى.
ويبقى السؤال الذي يتردد بقوة اليوم في مراكش:
هل ما نشهده تضامن نابع من مبادئ… أم مجرد تملّق سياسي يسيء للمدينة ولجوهر العمل الجمعوي؟
سؤال يعيد التأكيد على الحاجة الملحة لربط الممارسة الجمعوية بالقيم التي رسمها جلالة الملك، وجعل مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.


