الدروش عزيز *
*ملف مالية حزب التقدم والاشتراكية صمت الدولة والنيابة العامة يطرح أسئلة خطيرة*
بقلم: عزيز الدروش القيادي المرشح للأمانة العامة لحزب التقدم والاشتراكية
في الوقت الذي حُكم فيه الأمين العام السابق للحزب الليبرالي الحر محمد زيان بثلاث سنوات سجنا على خلفية ملفات مالية تتعلق بحزبه، يطفو على السطح سؤال أكثر خطورة، وأكثر إحراجًا للدولة وللمؤسسات القضائية:
لماذا لم يُفتح إلى اليوم أي تحقيق في ملفات مالية حزب التقدم والاشتراكية رغم الشكاية الرسمية المودعة لدى النيابة العامة منذ سنوات؟
لقد تقدمتُ بصفتي قياديًا وعضوًا سابقًا في هياكل الحزب، بشكاية مفصلة إلى النيابة العامة من أجل التحقيق في اختلالات مالية خطيرة طالت الحزب ما بين 2010 و2025، وعلى رأسها:
1. صفقة بيع المقر المركزي القديم
صفقة تحيط بها ضبابية كاملة، لا يُعرف حجم أرباحها ولا أين ذهبت أموالها، ولا لماذا جرى التفريط في مقر تاريخي للحزب دون استشارة القواعد أو تقديم تقرير مالي شفاف.
2. صفقة بناء المقر المركزي الجديد
مشروع كلّف الملايين، دون دفتر تحملات واضح، ودون إعلان عن الصفقات، ودون تقديم أي تفاصيل للمناضلين أو المجلس الوطني. فمن استفاد من هذا الورش؟ ومن هي الجهة التي أشرفت على البناء؟ ولماذا غابت الشفافية بشكل كامل؟
3. الدعم العمومي المرتبط بتفسير دستور 2011
دعم مالي مهم تلقاه الحزب لتأطير النقاش السياسي حول دستور 2011 لكنه بقي في خانة “المال المفقود”. لم نر ندوات، ولا برامج، ولا تقارير منشورة. فأين ذهب المال؟ ومن المستفيد؟
هذه الملفات ليست مجرد “خلافات داخلية”، بل هي شبهات تبديد للمال العام، لأن أموال الأحزاب تموَّل من جيوب المواطنين، ومن ميزانية الدولة، وبالتالي فإن أي تلاعب فيها هو اعتداء مباشر على المال العام، وعلى ثقة المواطن في الديمقراطية.
هل الدولة والنيابة العامة عاجزتان؟ أم أن نبيل بنعبدالله يتمتع بحماية غير مفهومة؟
في دولة تُعاقب فيها الزعيم السياسي محمد زيان على اختلالات مالية، وفي دولة جهازها القضائي يؤكد دائمًا أنه *لا أحد فوق القانون*، يصبح من المشروع طرح السؤال التالي:
لماذا لا يُستدعى نبيل بنعبدالله للتحقيق؟
هل بسبب:
تحالفات قديمة؟
أو شبكة المصالح التي بناها داخل دواليب الدولة؟
أم أن هناك جهات تخشى فتح *صندوق أسود* حزبي قد يكشف الكثير؟
الأخطر من ذلك أن الصمت الرسمي يُشعر الرأي العام بأن هناك *مواطنين من الدرجة الأولى*، و“مواطنين من الدرجة الثانية”، وأن العدالة تُطبق بانتقائية، وهو ما يضرب عمق الثقة في المؤسسات.
العدالة ليست انتقائية.. والدولة مطالبة بتصحيح الوضع
هذه الشكاية موجودة لدى النيابة العامة، ومعززة بالوثائق والملاحظات المحاسباتية.
وإذا كانت الدولة جادة في محاربة الفساد، وإذا كانت تريد فعلا تجديد الثقة في المؤسسات، فإن فتح تحقيق في مالية حزب التقدم والاشتراكية ليس خيارًا، بل ضرورة دستورية وأخلاقية.
أما استمرار الصمت، فسيعني شيئا واحدًا:
أن نبيل بنعبدالله فوق القانون.
والدولة التي تسمح بذلك، تُضعف نفسها، وتُفقد المواطنين ثقتهم بها.
من المستحيل بناء دولة قوية و ديمقراطية و عادلة بمؤسسات و أحزاب ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى
عزيز الدروش محلل وفاعل سياسي
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

