مرت سنتان على الزلزال المدمر الذي ضرب إقليم الحوز وخلف وراءه جراحاً عميقة لم تندمل، وبدلا من أن تكون الذكرى مناسبة لتقييم شفاف ومنصف لحصيلة إعادة الإعمار، خرج عدد كبير من المتضررين المقصيين من الدعم للاحتجاج أمام البرلمان يوم الإثنين 8 شتنبر 2025، معبرين عن غضبهم واستيائهم مما وصفوه بـ”الإقصاء الممنهج والتدبير الفاشل” لدعم الدولة الموجه للمتضررين.
وفي هذا السياق، عبرت عائشة الكوط، عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، عن صدمتها من تصريحات رئيس الحكومة التي أدلى بها خلال حوار بتته القناتان الأولى والثانية، والذي جاء بعد يومين فقط من احتجاج المتضررين، حيث قال فيه إنه زار الحوز وأن الأغلبية الساحقة من سكان الحوز “فرحانين” وإن “الخيام باتت شبه منعدمة”، مضيفة “إذن فما بال هؤلاء المحتجين الغاضبين؟ والله إن أمر رئيس الحكومة لعجيب ومُحير قالها دون أدنى استحياء”.
وقالت الكوط في تصريح لـ pjd.ma، إنه في الوقت الذي ينتظر فيه المتضررون من الزلزال حوار رئيس الحكومة، الذي روج له إعلاميا كثيرا، ليسمعوا حلولا عملية للمعضلات التي خلفها التنزيل السيء والفاشل لتدابير مواجهه آثار الزلزال ولإنصاف المتضررين المقصيين بسبب جشع المتدخلين والمحسوبية والولاءات الحزبية والحسابات الضيقة، صدم المواطنون بالمغالطات التي جاءت على لسانه.
وتساءلت ” ما الذي أفرح سكان الحوز؟” لتجيب “سنتان من العذاب والمعاناة تحت الخيام صيفا وشتاء في ظروف لا إنسانية من دون مرافق صحية ولا طرقات تفك العزلة؟ ما الذي أفرح سكان الحوز؟ وحتى المحظوظين الذين حصلوا على الدعم عانوا كثيرا مع ابتزازات وتعقيدات مجانية في إعادة البناء، من الحصول على التصاميم إلى الحصول على الدفعات إلى إيصال مواد البناء إلى المناطق النائية وبأسعار مضاعفة..”.
وقالت ” لنفرض بأن 51 ألف منزلا أعيد بناؤه، فهل يعلم رئيس الحكومة أن عددا من الذين دخلوا مساكنهم أجبروا على صباغة واجهات منازلهم لتحتسب ضمن 51 ألفا التي صرح بها حتى ولم تكن صالحة بعدُ للسكن؟ وحتى الذين أتموا بناء مساكنهم، كيف يفرحون بأقفاص من الإسمنت بمساحات من 50 إلى 70 متر مربع خصوصا العائلات الكبيرة المتكونة من الأجداد والأبناء والأحفاد والتي ألفت السكن في المنازل ذات المساحة الكبيرة؟ أين سيأوون ماشيتهم ومخزوناتهم؟”.
واستطردت “كيف يفرح أهل الحوز وقد ساهم التدبير الفاشل للكارثة في خلق المشاكل داخل الأسر وما بين الورثة، وما بين الجار والجار وخلخل أنماط العيش المتفردة الخاصة بهم واضطر بعض المتضررين للهجرة قسرا للمدينة ونحو المجهول؟ بل والأخطر من ذلك ساهم أيضا في تعميق الإحساس بالتهميش و”الحكرة” في مغربهم المنسي، مما عمق أزمة الثقة بينهم وبين القائمين على شؤونهم، أما الصحة والتعليم وباقي الخدمات فليس حظهم بأحسن من حظ إعادة بناء المنازل وستأتي الفرصة مستقبلا للحديث عن أوضاعهم.
وتساءلت البرلمانية ذاتها “إذا كان رئيس الحكومة يزور الحوز كثيرا فليقل لنا ما هي أبعد نقطة وصل إليها ومتى كان آخر مرة زاره؟ وهل أثناء زيارته لم ير تلك الخيام التي يفوق عددها 47 في دوار واحد فقط خلافا لما صرح به سابقا؟ ألم ير ذلك العدد الكبير من الخيام التي داهمتها الأمطار الرعدية التي ضربت المنطقة؟ ألم يتساءل رئيس الحكومة ما بال هؤلاء الناس مازالوا يعيشون في الخيام؟ هل حبا في الخيام ومعاناتها؟
وخاطبت رئيس الحكومة بالقول “السيد رئيس الحكومة، أقول لكم إن عملية الإحصاء والتسجيل في المنصة للاستفادة من الدعم وأيضا إجراءات إعادة البناء برمتها قامت بها لجان مكونة من البشر والبشر يصيب ويخطئ، لذا يجب عليكم، عوض أن تعمموا الفرح المتوهم وتتجاهل المتضررين المقصيين الذين ما يزالوا يحتجون سلميا، أن تعترفوا لهم بحقهم في إعادة النظر في مطلبهم المشروع في الاستفادة من الدعم الذي خصصه لهم جلالة حفظه الله”.
وختمت الكوط تصريحها بدعوتها إلى تشكيل لجان مركزية مستقلة ومحايدة لدراسة ملفات المقصيين وإنصافهم حتى يتم غلق هذا الملف بأخف الأضرار ويحفظ بعضا مما بقي من ماء وجه هذه الحكومة “الفاشلة والكارثية”.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.