طرفاية – عزيز اليوبي
” في لحظة أكاديمية متميزة، ناقش الباحث ” أزرقي عالي أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه في موضوع:
«مدينتا طرفاية والعيون بين الإرث الاستعماري وسياسة إعداد التراب الوطني»، والتي نال عنها شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدًا، بعد سنوات من البحث والتحليل والتقصي العلمي.
الأطروحة لم تتعامل مع طرفاية والعيون بوصفهما مجرد وحدتين ترابيتين، بل باعتبارهما مجالين محمّلين بالذاكرة والتاريخ والسياسة، حيث عمل الباحث على تفكيك البنيات المجالية التي خلفها الاستعمار، وتتبع امتداداتها في السياسات العمومية اللاحقة، وكيف أعادت الدولة الوطنية صياغتها ضمن تصورات جديدة للتنمية المجالية وإعادة التوازن الترابي.
طرح الباحث سؤالًا محوريًا حول كيفية تفاعل الذاكرة الاستعمارية مع رهانات إعداد التراب الوطني الحديثة، وكيف يمكن فهم التحولات العمرانية والمجالية خارج المقاربة التقنية الصرفة، لصالح تحليل تاريخي ومجالي يربط بين الماضي وبنيات الحاضر.
واعتمد في ذلك على مصادر متنوعة شملت وثائق أرشيفية، نصوصًا قانونية، ومعطيات ميدانية، مما منح الأطروحة بعدًا توثيقيًا وتحليليًا جعلها مرجعًا مهمًا لفهم تحولات المجال الصحراوي من الهامش إلى قلب السياسات الاستراتيجية للدولة.
وخلال جلسة المناقشة، نوّهت اللجنة العلمية بجدية البحث وعمق المقاربة ودقة التحليل، معتبرة أن العمل يشكل إضافة نوعية لحقل إعداد التراب الوطني، ويعكس نضجًا علميًا وقدرة على الربط بين المحلي والوطني، وبين التاريخ وأسئلة التنمية المعاصرة.
ويكتسي هذا التتويج دلالة رمزية خاصة، لأن الدكتور” أزرقي عالي ” ينتمي إلى مدينة طرفاية، التي لم تكن فقط موضوعًا للبحث، بل فضاءً للانتماء والذاكرة، ما يجعل هذا الإنجاز مصدر فخر للمدينة ورسالة أمل لشبابها في أن المعرفة تظل أحد أهم مسالك الارتقاء الاجتماعي والفكري.
ولا يمثل هذا التتويج نهاية المسار، بل بداية مرحلة جديدة من العطاء العلمي، يُنتظر أن تسهم في تعميق النقاش الأكاديمي حول قضايا التخطيط الترابي، والتنمية المجالية
في زمن تتسارع فيه التحولات المجالية والسياسية، تظل مثل هذه الأعمال الأكاديمية ضرورة لفهم التحولات العميقة التي يعرفها المجال الوطني، ولإعادة طرح الأسئلة الكبرى حول علاقة الإنسان بالمكان، ودور المعرفة في بناء المستقبل.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.


