متابعة : رحال الأنصاري
في خطوة تعبّر عن عمق الأزمة التي تعيشها المقاولات الشابة بالأقاليم الجنوبية، وجّه عدد من المقاولين بمدينة العيون نداءً مفتوحًا إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، يناشدون فيه التدخل العاجل لإنقاذ مشاريعهم من التوقف والانهيار، وسط ظروف إدارية وقانونية وصفوها بـ”غير العادلة”، و”غير المنسجمة مع واقع الجهات الصحراوية”.
هؤلاء الشباب الذين اختاروا خوض تجربة الاستثمار وخلق فرص الشغل بدل الارتماء في مستنقع البطالة، وجدوا أنفسهم أمام عراقيل حقيقية تهدد استمرارية مقاولاتهم، على رأسها ممارسات بعض الإدارات، وعلى الخصوص إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التي تفرض إجراءات صارمة وشروطاً اعتُبرت “تعجيزية”، دون مراعاة للسياق المحلي أو الخصوصيات الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة.
من بين أبرز الإشكالات التي فجّرها هؤلاء المقاولون، مطالبتهم اليوم بوثائق ومراجع تعود إلى مشاريع نُفذت منذ أكثر من أربع أو خمس سنوات، ما يطرح تساؤلات حول عدالة التتبع الإداري ومصداقية المعايير المعتمدة في المراقبة، خاصة وأن عدداً منهم أكدوا التزامهم الكامل بتسوية وضعية العاملين وأداء المستحقات القانونية.
وزادت الأزمة تعقيداً بعد قرار وزارة الصحة القاضي بدمج صفقات الحراسة في صفقة وطنية موحدة، وهو ما أدى فعلياً إلى إقصاء الشركات المحلية من التنافس، وفتح الباب أمام شركات كبرى وافدة من خارج الجهة، في خطوة اعتُبرت ضرباً صريحاً لمبدأ الأفضلية الجهوية والتنافسية العادلة.
وفي ظل هذه التراكمات، نظّم عدد من المقاولين الشباب وقفة احتجاجية أمام مقر إدارة الضمان الاجتماعي بالعيون، عبّروا فيها عن استيائهم من هذه الممارسات، مؤكدين أن لجوءهم للاحتجاج لم يكن خياراً سهلاً، بل جاء بعد استنفاد كل سبل الحوار والإنصات.
وختم هؤلاء الشباب نداءهم برسالة قوية جاء فيها:
“كنا عاطلين، فاخترنا العمل والمساهمة في تنمية الوطن. لم نطلب امتيازات، بل نطالب فقط بالإنصاف. فهل جزاء من اختار الوطن أن يُقصى ويُحاصر؟”
هذا النداء، وإن كان صادراً من جهة العيون، إلا أنه يعكس أزمة أعمق تعيشها المقاولات الصغيرة والمتوسطة على امتداد التراب الوطني، ويعيد طرح سؤال جوهري:
هل نحن فعلاً في مغرب الفرص والتكافؤ… أم أن الواقع لا يزال يُقصي من يختار الطريق الصعب؟
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.