في أحد المراكز بابن جرير… حيث تُقمع الكفاءة وتُرقّى الرداءة!

رحال الانصاري7 يوليو 2025Last Update :
في أحد المراكز بابن جرير… حيث تُقمع الكفاءة وتُرقّى الرداءة!

متابعة وتحرير سيداتي بيدا

في إحدى المؤسسات التي يُقال إنها تُعنى بالكفاءات وتُشرف على تأهيل الصناعيين في المغرب العميق، تكاد الكفاءة تُعتبر تهمة، والشهادة الجامعية خطأ مهنيًا، والالتزام بالمساطر سببًا كافيًا لدفنك في قعر لوائح الترقية… بينما الولاء الأعمى يُفتح له الباب على مصراعيه.

المشهد هناك أقرب إلى عرض مسرحي ساخر:
أطر راكمت أكثر من 16 سنة من العمل الجاد، تحمل إجازات وشهادات، وتدير مهامًا معقدة… تُصفّف أسماؤهم في ذيل الترتيب الإداري، بينما من لا يملك سوى شهادة ابتدائية أو تكوين تقني بسيط، وخبرة بالكاد تجاوزت عقدًا من الزمن، يتصدرون لوائح الترقيات، فقط لأنهم يجيدون قول “نعم سيدي” في الوقت المناسب، ويرفعون الهاتف للجهة المناسبة.

أما من تجرأ على قول “لا” في وجه الخرق، فقد عرف مصيرًا أكثر قتامة.
إطار محترم تعرض للضرب ـ فعليًا لا مجازًا ـ على يد مسؤول “متقاعد” أعيد للحياة المهنية بطريقة يصعب فهمها، وتم تنصيبه كمشرف على أطر رسميين، رغم أنه تابع لشركة مناولة! وحين وقعت الحادثة، لم تُسجل كحادث شغل، بل كحادث صمت… لأن التعليمات كانت واضحة:
“تْنسا وتْدفن، ماشي كلشي خاصو يبان!”

ولأن العبث لا يأتي وحيدًا، تم تعويض هذا المتقاعد بمسؤولين من نوع خاص:
لا يضربون، بل يُتلفون نفسيتك بالتقسيط.
يقصونك من الترقية، يضعون اسمك في نهاية اللوائح، يُشعرونك أنك غير موجود، لأنك ببساطة… لم تكن خاضعًا بما يكفي!

أما لوائح الترقية، فحدث ولا حرج.
تُحرر في الظل، وتُرتب حسب مقاييس “غير معلنة”، يتقدم فيها من يحترف الطاعة، ويُقصى من يُتقن العمل. وكأنك أمام طابور لتوزيع الغنائم، لا مؤسسة يُفترض أن تحترم معايير الاستحقاق.

وسط هذا المناخ البائس، ظهرت مصطلحات جديدة بين العمال:

“الترقية الحمارية”: تُمنح فقط بعد 10 سنوات من الخدمة الصامتة.

“الصف الإداري الرابع”: حيث يتم دفن أسماء الأكفاء في عمق اللوائح، عقابًا لهم على الجدية.

المفارقة؟ أن هذه المؤسسة تدّعي تأهيل الكفاءات! لكنها في الواقع، تقتل الكفاءة وتكافئ الخضوع، وتُخرّج جيلاً من العمال الذين لا يعرفون سوى الصمت، والموافقة، و”تحت أمرك”.

في هذا المركز (الذي لن نذكر اسمه… احترامًا للقانون الذي لا يحب أن تُقال الحقيقة)،
تحوّلت الترقية إلى لعبة سياسية، وتحوّل الإداري إلى مهرّج وظيفي، وتحوّلت الكفاءة إلى تهمة…
وفي هذا المسلسل الطويل، لا أحد يربح سوى من عرف كيف يُصفق، ومتى يصمت، وأين يركع.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading