النهار نيوز المغربية:ع الرزاق توجاني
في قلب مدينة تامنصورت، المدينة الصاعدة التي تسعى بثبات نحو مستقبل تنموي واعد، بدأت تتجلى ملامح وعي جديد بأهمية الأنشطة التربوية والرياضية داخل المؤسسات التعليمية، وخصوصًا تلك التي تستهدف الناشئة في مرحلة الإعدادي. من بين هذه المبادرات الهادفة، يبرز الدوري الكروي المنظم بالثانوية الإعدادية السكانية الشطر 3، كتجربة متميزة تترجم هذا الوعي إلى فعل تربوي ملموس، يلامس واقع التلميذ ويخاطب اهتماماته.
هذا الدوري لم يكن مجرد تظاهرة رياضية عابرة، بل شكل محطة بارزة في مسار انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها السوسيوثقافي، حيث تم تنظيمه بتنسيق محكم بين إدارة المؤسسة وجمعية آباء وأولياء التلاميذ، وبتعاون مثمر مع عدد من الجمعيات الرياضية المحلية. هذا التآزر يعكس الرغبة الجماعية في جعل المدرسة فضاء حيًا للحياة، وليس فقط مكانًا لتلقي الدروس النظرية.
لقد تحولت ملاعب المؤسسة خلال أيام الدوري إلى منصات للفرح والتحدي، حيث تنافست فرق التلاميذ في جو يطبعه الحماس والانضباط، وبرزت مواهب شابة أبانت عن إمكانيات رياضية واعدة تحتاج فقط إلى من يرعاها ويوجهها. وكانت الروح الرياضية حاضرة بقوة، كما تجلت قيم التعاون والاحترام والمثابرة، وهي قيم تتجاوز حدود الرياضة لتؤسس لثقافة مدرسية إيجابية.
حضور الأطر التربوية وفعاليات المجتمع المدني، إلى جانب أولياء الأمور، أضفى على هذه التظاهرة طابعًا احتفاليًا وتربويًا في آنٍ واحد، حيث أبان الجميع عن اهتمامهم الكبير بدعم مثل هذه الأنشطة التي تعزز الانتماء للمؤسسة وتحفز التلاميذ على العطاء والاجتهاد. وكان للسيد مدير المؤسسة دور بارز في هذا النجاح، من خلال دعمه وتشجيعه المتواصل لمثل هذه المبادرات التي تنسجم مع الرؤية الجديدة للمدرسة المغربية كمجال للتكوين المتكامل.
إن تجربة الدوري الكروي بتامنصورت تضعنا أمام نموذج يمكن تعميمه وتطويره، شرط توفير الإمكانات الضرورية من فضاءات ومعدات وتأطير متخصص، لأن الرياضة المدرسية ليست ترفًا أو نشاطًا ثانويًا، بل هي حاجة أساسية تسهم في التوازن النفسي والجسدي للتلميذ، وتحميه من الفراغ والانحراف.
تشجيع الرياضة داخل المؤسسات التعليمية بمدينة تامنصورت لا يجب أن يبقى رهين مبادرات موسمية، بل ينبغي أن يُدرج ضمن رؤية شمولية تجعل من الرياضة جزءًا لا يتجزأ من المشروع التربوي للمؤسسة، وسبيلاً لغرس القيم والمواطنة في نفوس الناشئة.
وهكذا، فإن الدوري الكروي لم يكن فقط مناسبة للتباري والفوز، بل كان رسالة واضحة تؤكد أن المدرسة قادرة، متى تضافرت الجهود، على أن تكون فضاءً للإبداع والنمو، ومصدرًا لإشعاع ثقافي وتربوي داخل المجتمع.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.