كان من المفترض أن يكون المهرجان الدولي للورد العطري احتفاءً بجمال الطبيعة وثراء المنطقة، لكنه تحول في هذه الدورة إلى مرآة تعكس واقعاً مُراً من ضعف البنية التحتية وتأخر التنمية، وسط أجواء خانقة من الغبار المتطاير وفوضى الأخلاق التي لطخت سمعة هذا الحدث.
فبينما كانت الوفود تحاول استنشاق عبير الورد، كانت تستنشق أيضاً غبار الإهمال الذي يلف المنطقة. الطرق المهترئة، نقص المرافق الأساسية، والتنظيم العشوائي، كلها عوامل عكست صورة قاتمة عن واقع التنمية المتعثرة في هذه البقعة التي كان يُفترض أن تتزين بأبهى حللها لاستقبال الزوار.
ولم يقتصر الأمر على ضعف البنية التحتية، بل امتد ليشمل مظاهر سلبية أخرى طغت على الأجواء الاحتفالية. فبدلاً من التركيز على الجوهر الثقافي والاقتصادي للمهرجان، تحول جزء منه إلى ساحة لاستعراض “عضلات شكلية” من طرف بعض المقربين من الرئيس، الذين استغلوا الحدث لتلميع صورهم على حساب المصلحة العامة.
الأكثر إثارة للقلق والانتقاد هو التحول المزعوم لجزء من فعاليات المهرجان إلى سوق للدعارة والنخاسة، حيث استغل البعض حالة الفوضى والتهاون الأمني لاستدراج الفتيات لممارسة الرذيلة. هذه الادعاءات، إن صحت، تمثل وصمة عار على جبين المنظمين والسلطات المحلية، وتستدعي تحقيقاً عاجلاً وشفافاً.
كما لو أن الأمر لم يكفِ، فقد لوحظ تفشي مظاهر سوء التربية والأخلاق بين بعض الحضور، سواء كانوا كباراً أو صغاراً. حالات التحرش العلني بالجملة كانت حاضرة، مما أثار استياء العديد من الزوار الذين قصدوا المهرجان بحثاً عن أجواء احتفالية راقية.
ورغم هذه الصورة القاتمة، لا بد من الإشارة إلى الدور الاحترافي الذي قام به الأمن الوطني في محاولة ضبط الأوضاع والحفاظ على الأمن العام. إلا أن بعض الشهادات أشارت إلى سلوكيات غير لائقة من قلة من العناصر الأمنية المراهقة، الذين وردت عنهم حالات تحرش ببعض النساء، وهو أمر مرفوض ويستدعي محاسبة المسؤولين عنه.
إن المهرجان الدولي للورد العطري، الذي كان من الممكن أن يكون نافذة مشرقة على إمكانيات المنطقة، تحول في هذه الدورة إلى مثال صارخ على التناقض بين الطموحات والواقع. فبين عبير الورد ورائحة الفساد، وبين مظاهر الاحتفال وفوضى الأخلاق، يبقى السؤال مطروحاً حول مستقبل هذا الحدث وقدرته على استعادة صورته النقية وخدمة التنمية الحقيقية للمنطقة وسكانها. إن محاسبة المتورطين في هذه التجاوزات وإصلاح الخلل في التنظيم والبنية التحتية بات ضرورة ملحة لإعادة الاعتبار لهذا المهرجان وللمنطقة بأسرها.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.