الدكتور سيدي علي ماءالعينين ،
عندما بدأ النقاش وطنيا حول اصلاح مدونة الأسرة ،وتلويح بعض الفاعلين الى ضرورة مراجعة نظام الإرث ،
جاء رد إمارة المؤمنين سريعا وحاسما بأن لا مس ولا إجتهاد فيما فصل بخصوصه القرآن الكريم .
واستمر النقاش في البلاد حول جوانب أخرى لا تمس بالدين تخص اصلاح مدونة الأسرة التي تعني مختلف جوانب حياتنا.
في رمضان و ببيوت الله جرت العادة و قبل قيام الإمام للصلاة ،تستعين جمعيات المساجد بأساتذة و علماء ودارسين يلقون دروسا أمام الحاضرين .
هذا تقليد جميل يعطي لليالي رمضان طعما خاصا حيث تتحول المساجد الى منتديات للفكر في أمور الدين والدنيا.
ليلة أمس قادتني صلاة التراويح الى أحد مساجد المدينة ، لكن ما أثار انتباهي في الدرس هو ان صاحبه إختار أن تكون كلمته- التي لا اراها درسا ولا خطبة – عبارة عن إنطباعات و أحكام و تهجم في غير مقامه في حق جهات يصفها لقرابة اكثر من نصف ساعة بعبارة : يقولون،يريدون، ….يون،… يون.
هؤلاء في نظر المتكلم هم الداعون لإصلاح مدونة الأسرة ، و الذين يريدون ان نتبع الغرب و نغير الإرث و نمنع التعدد، و نزيح قيم الإسلام وننشر مفهوم الأسرة عند الغرب الكافر الذي يزوج الرجلين و يعاني من ضعف نسب الشباب والأطفال بسبب قلة الولادة الناتجة عن انهيار الأسرة .
جميل جدا لو كان الرجل حريصا على ذكر أهمية الأسرة في المجتمع المغربي المتشبع بالقيم الدينية . وان الدولة وضعت مدونة للاسرة بعد تحكيم ملكي . والآن هناك توجه لإصلاح المدونة تبعا لتطورات العصر دون المس بالاحكام القطعية الواردة في القرآن الكريم .
فلماذا هذا الشخص يخوض في أمور حسمها امير المؤمنين وقبلت بحكمه كل الاطراف ؟
لماذا هذا التهجم المجاني من داخل بيت الله على مغاربة لا يمكن لأحد أن ينتزع منهم اسلامهم ولهم إجتهاداتهم في مدونة الأسرة ؟
لماذا حمل هذا النقاش الخلافي الى بيت الله مع أن الأمر محسوم بتدخل ملكي ؟
من فتح المجال لهذا الشخص ان يجلس على كرسي المسجد ويحاضر فيما ليس من إختصاص بيوت الله؟
أليس من حق اصحاب الرأي الآخر – بهذا المنطق- أن يسمح لهم لعرض وجهة نظرهم امام المصلين لضمان المساواة وتكافؤ الفرص ؟
لقد وضعت وزارة الأوقاف قواعد لكل من يرغب في حمل الميكروفون والحديث من داخل بيت الله . كما وضعت ضوابط للمساجد في كل جوانبها من الفتح والاغلاق، و الأذان و صلاة الجمعة وخطبتها.
ووضعت شاشات لنقل دروس من برامج قناة السادسة ،وضعت وفق قواعد الإمام مالك ويشارك فيها علماء من مختلف مناطق المغرب بالعربية و اللهجات.
غاية الوزارة في ذلك جعل المساجد فضاء للإسلام المعتدل ،و بيت الله الذي تدوب فيه كل الخلافات والاختلافات الفقهية و الدنيوية .
لكن بعض هؤلاء الذين تأتي بهم الجمعيات لإلقاء دروس قبل صلاة العشاء والتراويح في رمضان ، بعضهم يأتي للمسجد للتهجم على من يعتبرهم حداثيين و فجار و فاسقين ، حتى لو كان منهم من يجلس بالمسجد امامه و يستمع له مكرها حيث حرمة المسجد تمنعه للرد عليه !!!!
المضحك في هذا الرجل ،انه بعد انتهاء كلمته ،توجه الى الامام يستفسره ان كان لم يتجاوز الوقت وحل وقت الصلاة ،
ولما أخبره الإمام بزيادة بعض الدقائق ،قفز الرجل من موضوع مدونة الأسرة وبلا سابق اشعار الى موضوع صحيح البخاري الذي قال إنه خضع لأكثر من ست مائة دراسة وتحليل من علماء وفقهاء عبر العصور أكدت صحته ليكون أصح كتاب بعد كتاب الله ،
لكن هناك جهلة يخوضون فيما لا يفقهون ،يقولون وجدوا في الصحيح كذا وكذا …
وبدأ يقول : يقولون….يريدون…. يجاحدون….
طبعا مرة أخرى لا يذكرهم من يكونون ،لكنهم عنده هم كل من كتب حرفا عن البخاري و صحيحه ينتقذه .
ولو عرض الاسماء و على مر السنين ،لوجد نفسه يتحدث عن الألباني حيث الحاصل أن الشيخ رحمه الله قد ضعف بعض الأحاديث الثابتة في الصحيحين ، وكان منطلقه النقدي العام سليما متسقا مع مناهج المحدثين السابقين الذين سجلوا بعض الملاحظات على أحاديث الصحيحين ،
ولم يكن يوما ساعيا في كسر هيبة الصحيحين من قلوب الناس ، ولا مبالغا في دعاوى الرد والتضعيف …
يبدو ان كلمة الرجل التي لا ترقى إلى درس هي مجرد إنطباعات عن “هم “, الخصوم الافتراضيين لأفكاره …
جاء الرجل للتحريض ،و الخوض فيما حسم فيه أمير المؤمنين ، وجاء للتهجم على كل مجتهد في الدين خارج النصوص الجامدة لفقهاء القرون الماضية.
ابعدوا اصوات الفتنة عن المساجد ،فالمساجد بيوت الله ننشر فيها الشريعة والسلم و السلام.
فهل تعتبرون ؟
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.