بين ممرّات المركز الرياضي للجيش الملكي بالمعمورة، تتحرك السيدة بهية اليحميدي بهدوء الواثقين، لا تكتفي بمتابعة الحصص التدريبية من بعيد، بل تدقق في كل تفصيل يخص “الزعيمات”. هذه السيدة التي أمضت أكثر من 32 عاماً كأستاذة للتربية البدنية، انتقلت من ساحات المدارس إلى قيادة أكبر قلعة كروية نسوية في إفريقيا، محطمةً الصور النمطية، ومثبتةً أن الإدارة الرياضية فنٌّ لا يفرق بين رجل وامرأة.
المحطة الفاصلة: 2012 وبداية العصر الذهبي
منذ توليها مسؤولية فرع كرة القدم النسوية بنادي الجيش الملكي عام 2012، وضعت اليحميدي خارطة طريق واضحة. لم يكن الهدف مجرد المشاركة، بل الهيمنة المطلقة. وبحلول نهاية عام 2025، تتحدث الأرقام عن نفسها: 12 لقباً في البطولة الوطنية، و12 لقباً في كأس العرش. إنها ليست مجرد ألقاب، بل هي إرث بنته بهية بصبر وأناة.
2025: عام التربع على عرش القارة والعالمية
دخلت بهية اليحميدي التاريخ في نوفمبر 2025، عندما قادت الفريق إدارياً لتحقيق لقبه القاري الثاني في دوري أبطال إفريقيا للسيدات (نسخة 2025) بعد فوز ملحمي في النهائي. لم يتوقف الطموح هنا، بل بلغت القمة بمشاركة الفريق في أول نسخة لكأس العالم للأندية للسيدات (FIFA)، وهو الإنجاز الذي تعتبره اليحميدي “ثمرة سنوات من التخطيط الصارم ودعم إدارة النادي”.
“صناعة الخلف”: السر في الاستمرارية
في حديثها الدائم، لا تركز اليحميدي على الفريق الأول فحسب، بل تعتبر الفئات الصغرى هي “خزان المستقبل”، تقول دائماً: “لا يمكننا البقاء في القمة دون الاهتمام بالقواعد”، تحت إشرافها، تم إنشاء منظومة متكاملة لفرق الناشئات (تحت 15 و17 و19 سنة)، مما جعل نادي الجيش الملكي المموّل الرئيسي للمنتخب المغربي النسوي بنجمات من طينة غزلان الشباك وفاطمة تغناوت.
نضال من أجل الاحتراف
خارج رقعة الملعب، تلعب بهية دوراً قيادياً كنائبة لرئيسة العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية. هي لا تطالب فقط بالنتائج، بل تدافع بشراسة عن حقوق اللاعبات، وتحسين أجورهن، وتدعو لزيادة الاهتمام الإعلامي باللعبة. بالنسبة لها، الاحتراف ليس شعاراً، بل هو عقود وضمانات اجتماعية للاعبات يضحين بكل شيء من أجل العلم الوطني والقميص العسكري.
اليحميدي وصناعة مجد المرأة الرياضية
بهية اليحميدي ليست مجرد مديرة إدارية؛ هي رمز لتمكين المرأة في المجال الرياضي المغربي. في الوقت الذي تستعد فيه لخوض تحديات جديدة في عام 2026، تظل “أستاذة الأجيال” وفية لمبدئها: “العمل الجاد هو السبيل الوحيد للبقاء في القمة”. خلف كل لقب يرفعه نادي الجيش الملكي، هناك بصمة خفية ولكنها عميقة لامرأة آمنت بالكرة النسوية حين كان الآخرون يشكون في مستقبلها.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



