أبرز الدكتور منير القادري رئيس مؤسسة الملتقى المكانة الدينية والتاريخية للمملكة المغربية باعتبارها حصنا للعقيدة الاسلامية ومصدرا لشجرة الولاية والصلاح بفضل حركية صوفية كبيرة وإشعاع روحي بلغ أصقاع إفريقيا، مشيرا إلى الارتباط الوجودي الذي يجمع المغرب مع افريقيا، نتيجة تعلق الشعوب الافريقية غرب الصحراء بمؤسسة إمارة المؤمنين بالمغرب إلى جانب انتشار الطرق والزوايا الصوفية المغربية كالشاذلية والتيجانية والقادرية.
جاء ذلك خلال مشاركة القادري السبت 17 شتنبر الجاري، في الليلة الرقمية 121، التي نظمتها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بتعاون مع مؤسسة الجمال، ضمن فعاليات ليالي الوصال ذكر وفكر.
وبين رئيس المركز الاورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم أن السياق الإقتصادي العالمي يفرض على شعوب القارة السمراء البحث عن آفاق المستقبل المشترك، والانخراط في تجمعات ثقافية متآلفة تمهد لإقلاع اقتصادي واجتماعي متوازن وعابر للحدود مما يضمن لها النمو والرخاء.
وأشار الى أن شيوخ الطرق الصوفية المغربية كانت لهم أدوارا بارزة في افريقيا، تتمثل في ترسيخ القيم الروحية والأخلاقية للدين الإسلامي السمح المتمثلة في التصوف -مقام الإحسان- بهذه الربوع من العالم الإسلامي والدعوة إلى الله وتهذيب النفوس، وتدريس العلوم الشرعية، وتعليم اللغة العربية، فكانت زواياهم مراكز للذكر والتربية، ورباطات للجهاد، مقدما نماذج كشيوخ الزاوية الناصرية، والوزانية، والتجانية، والقادرية.
وتحدث عن مركزية إمارة المؤمنين التي تحفظ كليات الشرع وتحمي حمى الملة والدين ، مستدلا باستطلاع أجراه الباحث السنغالي “بكاري سامبي”، المختص في العلاقات المغربية الافريقية بشكل عام والمغربية السنغالية على وجه الخصوص، ونشره في كتابه “الإسلام والدبلوماسية السياسة الافريقية للمغرب “، أكد فيه أن الناس في السنغال يعتبرون ملوك المغرب حماة العقيدة الإسلامية مضيفا أن الناس بهذه البلاد -يقصد السنغال- تربطهم علاقات قوية بملوك المغرب، واستدل بالاستقبال الكبير الذي حظي به جلالة الملك محمد السادس نصره الله أثناء قيامه بجولة افريقية حيث خصص له أعيان وعلماء وشيوخ الطرق الصوفية استقبالا عظيما يليق بمقام أمير المؤمنين.
وأكد أن الطرق الصوفية بنيجيريا لها علاقة متميزة بإمارة المؤمنين بالمغرب، مشددا على أن أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله يحظى باحترام وتقدير كبيرين لدى النيجيريين ، وتابع أن زيارة الوفد النيجيري برئاسة الشيخ قريب الله ناصر كبارى، شيخ الطريقة القادرية بنيجيريا وغرب إفريقيا للمغرب ولمقر الطريقة القادرية البودشيشية بمداغ تأتي “استجابة للدعوة المولوية السامية لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي ما فتئ يرعى بعنايته السامية العلماء والصلحاء الطرق الصوفية بافريقيا”.
وأوضح أن المبادرات الملكية تهدف إلى خدمة الإنسان الافريقي وتفعيـل المقاربة التشاركية في إطار التعامل بمبدأ رابح راب، مذكرا بما جاء في خطاب الملك محمد السادس في قمة أديس أبابا سنة 2017 حيث قال “إفريقيا قارتي وهي أيضا بيتي ” وقال أيضا في ذات الخطاب “إن منظورنا للتعاون جنوب جنوب واضح وثابت، بلدي يتقاسم ما لديه دون مباهاة أو تفاخر” وقال أيضا “لقد اختار المغرب سبيل التضامن والسلم والوحدة واننا نؤكد التزامنا من أجل تحقيق التنمية والرخاء لمواطني إفريقيا”.
ولفت القادري إلى أن الطريقة القادرية البودشيشية تربطها علاقات متميزة مع باقي الطرق الصوفية إفريقيا كالتجانية أو المريدية وخاصة القادرية منها، موضحا ان الطريقة حريصة اليوم أكثر من أي وقت مضى على تعزيز هذه الروابط وتطويرها، وأشار أن الملتقى العالمي للتصوف الذي تنظمه الطريقة تحت رعاية صاحب الجلالة أمير المؤمنين الملك محمد السادس نصره الله، يستقطب أبرز علماء القارات الخمس وذلك بفعل منهج الطريقة الدعوي والتربوي الأصيل الذي يتأسس على القيم الإسلامية السمحة الداعية الى الرفق واللين والمحبة والتسامح والعيش المشترك والرحمة.
ومن جانبه أشار الشيخ قريب الله ناصر كبارى شيخ الطريقة القادرية بنيجيريا وغرب إفريقيا، إلى أن زيارته الى المغرب جاءت بدعوة كريمة من الملك محمد السادس حفظه الله ، مشددا على أن الشعبين النيجيري والمغربي تجمعهم نفس الثوابت الدينية ، العقيدة الاشعرية والمذهب المالكي والتصوف الجنيدي، وأعرب عن شكره لشيخ الطريقة القادرية البودشيشية على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، مضيفا أن هذه الزيارة تعد فرصة لتعزيز التعاون بين الطريقة القادرية في نيجيريا والطريقة القادرية البودشيشية في المغرب.
ويُذكر أن هذه الليلة الروحية عرفت مشاركة علماء من داخل المغرب وخارجه بمداخلات علمية تربوية، إضافة الى برمجة وصلات من المديح والسماع، كما تم تقديم العزاء في وفاة الطالبية حسام بودهان وحمزة كمبري.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.