هل نجحت ثورة الياسمين الشعبية في تونس ۔ فی العديد من القضايا الجوهرية المتعلقة من جهة بفرص نجاحها في صناعة مستقبل ديمقراطي ۔ فی إجراء إنتخابات حرة وفرض عقد اجتماعي جديد بين المواطنين والحكم يضمن التأسيس لحكم القانون والمحاسبة الدورية للحكام وتداول السلطة۔ والفصل بين السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومن جهة أخرى بتداعيات ثورة الياسمين على البلدان العربية الأخرى. التي تعیش حروب آهلیة وخروجها عن المسار الثوري ۔
وکان من أسباب نجاح الثورة التونسیة ;
الجيش التونسي کان بعيداً عن السياسة الداخلية منذ الاستقلال، ومن ثم لم يكتسب الخبرة فی الدفاع عن النظام فی مواجهة الانتفاضات الشعبیة ورفضه التدخل لقمع الثورة التونسیة ۔فی حین عجزت الأجهزة الآمنیة عن القیام بذلك وکان عاملاؑ مهماً وحاسماً فی نجاح الثورة ، وقد حقق أول اهدفها الإطاحة بالرٸیس “بن علی” وعلى عكس الجيوش في دول مثل ۔ الجزائر ومصر وسوريا،لها خبرة فی الدفاع عن النظم السلطويه ومؤسسة الحكم في مواجهة انتفاضات شعبية أو في ضبط البلاد في أوقات الاضطرابات. وقد
كان الربيع العربي حلماً، كان الجميع يرقص فرحاً وهو يستمع للمحامی التونسي وهو يصرخ “بن علي هرب بن علي هرب”. كانت طائرة تُقلع من تونس العاصمة بلا عودة الی “جدة” ۔۔ وتشتعل الشرارة فی عاصمة المعز فی المحروسة مصر ۔ولکن الآحداث تآخذ منعطف آخر إنهیار جهاز الداخلیة ۔ وتتولي القوات المسلحة إدارة شٸون البلاد ۔۔ ومع هتافات کل میادین مصر ۔۔رایحین العصر الی القصر ۔تقلع طاٸرة من مطار القاهرة الي شرم الشيخ۔تحمل جنرال ولکن کانت الطاٸرة تستعد للعودة وعلی خشبة مسرح ۔بما یعرف بعد ذلك ب “مسرحیة “محاکمة القرن ” یعلن السید/ عمر سلیمان رٸیس جهاز الإستخبارات السابق وناٸب الرٸیس ۔۔ عن خلو مقعد رٸیس الجمهوریة ۔۔ وجماهير حاشدة تهتف تعلن من عاصمة المعز لدين الله الفاطمي بسقوط ديكتاتور ،، وكانت لحظة فارقة ونادرة في تاريخنا العربي، أن نرى تحرر الشعب التونسي من الاستبداد، ثم يسقط بعد ذلك حسني مبارك ۔ ويتم اتخاذ إصلاحات جادة في المغرب، وصولاً إلى المصالحة في اليمن.. . ولكن قطار الإصلاح لم يكن لمصلحة الشعب السوري ولا الیمني ولا المصري ۔۔ الیمن تحولت الی العصور الحجریة ۔۔”والجیوبولتیکا” تلعب آدوار آخري من مصالح إقلیمیة ۔ صراع مذهبي یطفوا علی مسرح الوضع فی الیمن ، فتدخل السعودیة وإیران ، والإمارات ، لتصفیة حسابات علی حساب الشعب الیمني ۔۔ فتدخل في حرب أهلية، مازالت النار مشتعلة حتي کتابة هذة السطور ۔۔ وفی الشام ومع ظهور غاز شرق البحر المتوسط ۔تصبح سوريا ملعب (من یحارب من ) لتصفية حسابات دولية وصراع علی من یتحکم فی خطوط الإمداد ۔والدوُب الروسي الحلم الذي لم یتحقق آبان “الحرب الباردة” والوصول الی “المیاة الدافٸة ” فی شرق المتوسط تحقق الحُلم فی قاعدة بحریة علی ” البحر المتوسط ” الفرصة جاءت علی (طبق من الحمص الشامي ) الإیرانیون والآتراك یلعبون آدوار مهمة فی الملعب السوري الکل له آطماع فی المنطقة قواتهم المسلحة علی آرض الواقع فی مسرح الحرب ۔وتفاهُمات بین الجانب الروسي والإیراني والترکي ۔ ومنطقة إدلب حرب( شبة کونیة) فی الصراع القاٸم ۔فی شمال شرق الفرات ۔ وأمریکا متواجدة فی شرق الفرات للدعم اللوجستي ۔۔وسرقة البترول ۔ب” إعترافها ۔ عقب دخول القوات الترکیة فی “تل الابیض ” ومنطقه شرق الفرات ۔ وتدخل لیبیا هی الآخري فی عملیة نهب وسرقة البنوك من الذهب والفضة التی کانت موجودة لفکرة إتحاد إفریقي وعملة موحدة ۔ سُؒرقت بمعرفة “حلف الناتو” وصراع لم ینتهي فی لیبیا من تدخل أطراف إقلیمیة بین حکومة منقسمة فی طرابلس ۔۔ وبني غازي ۔۔بین أطراف ولاعبیین دولیین فی الحرب الداٸرة ۔ ومع توابع زلزال الربیع العربي الثانی ۔ سقط الحُکم فی الجزاٸر ۔ والسودان ، مازال الحُکم علی التجربتین فی المهدؒ ۔۔ لیشتعل ربیع آخر ضد المذهبیة والطاٸفیة والفساد والمحسوبیة ۔۔ وضد قوانیین من جاءوا علی ظهر دبابة فی العراق ۔۔وقانون ۔ “بریمر ” ومعاهدة “الطاٸف ” ۔ لیتمرد جیل جدید من موالید ۔۔ الآلفیة الجدیدة ۔یحمل فکر آخر ضد المذهبیة والطاٸفیة ۔ وتُسقط الحکومه الطاٸفیة فی بغداد ” وحکومة آل الحریري ۔ ولم يستطع کل من اليمن ، وسوریا ،ولیبیا من إكمال المسيرة، وفي مصر المحروسة سقطت آول تجربة للإسلام السیاسي فجري ماجري وحدث ما حدث ۔ في 30 يونية 2013 م وتوقف المسار الديمقراطي ۔ بحکومة مٶقتة وإعلان حالة الآحکام العرفیة (الطوارٸ) بعد أن عاشتها مصر 30 عاماً من حکم مبارك لتعود مصر الی المربع ” صفر ” وفي البحرين، تم إخماد الإحتجاجات والمظاهرات فی المیادین من قوات سعودیة ، وإماراتیة ، خوفاً من ربیع فی الخلیج ۔ في المقابل تمددت الحركات، الجهادية التكفيرية، وانتشرت الطائفية ولغة الكراهية في الدول العربية، وكان نتاج ذلك أكثر من۔ 200 ألف قتيل، وأكثر من 4 ملايين من اللاجئين في حين لا يزال عشرات الآلاف في السجون.
ولكن على النقيض من ذلك، كانت الأمة العربية بحاجة لأن تصاب بصدمة وعي لكي تنتفض على الفكر الاستبدادي الذي لعب بمقدرات الأمة وسلب الشعوب الحرية وأذاقها الظلم. تلك التضحيات والتاريخ الذي سيكتب عن الربيع العربي سيكون محفزاً للأجيال القادمة، وسيكون لها إرث نضالي تستمد منه قيم الحرية والعدالة، ويولّد لديها القدرة على الثورة مجدداً على الظلم. متى ستأتي اللحظة التاريخية المقبلة لثورة جديدة، لا أحد يمكنه تقدير ذلك، كما لم تستطع كل مراكز البحوث وأجهزة الاستخبارات التنبؤ بالربيع العربي.
الربيع العربي لم ينتهِ، فهو ليس فصلاً من فصول السنة. إنه تاريخ مشرق لهذه الأمة ويحق لها أن نتباهى به، ففي كل بلد قصة، وفي كل قصة ألف عبرة في صناعة التغيير والتعلم من تجارب الحياة.
ومع أحتفالنا ۔ هذا الشهر والشهر القادم بذکري ثورة الیاسمین وثورة 25 من ینایر فی مصر ،تنتظر كل الشعوب العربية، أن تتوفف الحروب الاهلیة ویسقط النظم الإستبدادیة والسلطویة والمذهبیة ۔ والطاٸفیة ۔والقتل علی الهویة ۔۔
محمد سعد عبد اللطیف
کاتب وباحث فی الجغرافیا السیاسیة رٸیس القسم السیاسي نیوز العربیة
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.