في إطار التفاعل مع مضامين خطاب جلالة الملك بمناسبة الاحتفال بعيد العرش المجيد ليوم 29 يوليوز 2025، اذ يدعو الى اعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، وتثمين الخصوصيات المحلية لكل مجال ترابي، وتمكين المواطنين من الاستفادة المتكافئة من ثمار التنمية، وبمناسبة الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة وعيد الاستقلا المجيد، وعيد الوحدة الوطنية، وتخليدا للتحول التاريخي الذي عرفته قضية الصحراء المغربية بعد القرار رقم 2797/2025 الصادر عن مجلس الامن التابع للأمم المتحدة يوم 31 اكتوبر الماضي، نظمت فيدرالية المجتمع المدني اميضر للتنمية والترافع، بتنسيق مع المجلس الجماعي اميضر، بقاعة مقر الجماعة يوم الاحد 16 نونبر 2025 على الساعة الثالثة ونصف مساءا يوما دراسيا وتشاوريا حول موضوع: “قراءة في المستجدات القانونية المؤطرة لأراضي الجماعات السلالية، والتشاور حول سبل تثمينها وفق مقاربة ترابية مستدامة على ضوء توجهات السياسات العمومية بالمملكة”، تحت شعار: “المجتمع المدني شريك أساسي في هندسة السياسة العمومية، من اجل تعاقد ترابي جديد بخصوصيات محلية “.
وافتتحت الجلسة الأولى بتسيير من رئيس مكتب فيدرالية المجتمع المدني اميضر للتنمية والترافع، حيث أوضح ان الغاية من تنظيم هذا اليوم الدراسي، هو الاستمرار في توفير الفضاءات المناسبة لبلورة كل النقاشات، والأسئلة المرتبطة بالتنمية الترابية بجماعة اميضر، كما ذكر بكون موضوع اليوم الدراسي يشكل ركنا من الأركان المادية للتنمية الترابية التي تطمح اليها فيدرالية المجتمع المدني باميضر.
وفي الإطار نفسه، أكد رئيس الفيدرالية ان ورش تثمين الأراضي السلالية ليس بالسهولة، التي يتصورها البعض، وان مثل هذه التظاهرات الفكرية والمعرفية، التي واظبت دينامية المجتمع المدني باميضر على تنظيمها، هي التي توفر مجال الاستفادة والتشاور وتبادل الخبرات والرؤى، والتأطير القانوني لأعضاء ونواب الجماعة السلالية، في إطار التفكير الاستراتيجي للتنمية والتدبير الترابي المستدام للوعاء العقاري للجماعة السلالية باميضر.
وافتتحت الجلسة الثانية من هذا اللقاء بمداخلة رئيس الهيئة الوطنية للجماعات السلالية، مولاي احمد كنون، حيث استعرض من خلالها الأوراش الجهوية المنظمة من طرف وزارة الداخلية حول الجماعات السلالية، في تسلسل كرنولوجي منذ سنة 2014 الى غاية تنزيل القوانين الحديثة العهد سنة 2019، وخص بالذكر القانون 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير املاكها، والقانون رقم 63.17 المتعلق بالتحديد الإداري للجماعات السلالية، و المرسوم التنظيمي الجديد رقم 2.19.973 ( بمثابة دليل نائب الجماعة السلالية)
كما أحاط الأستاذ احمد كنون بالأبواب الرئيسية المضمنة بهذه القوانين، سيما أهمية التحفيض العقاري للأراضي السلالية، والتوفر على لائحة أعضاء الجماعة السلالية، كمراجع أساسية في أرضية اشتغال الهيئات النيابية.
كما أكد أيضا على اهمية التشبيب ومقاربة النوع في الهيئة النيابية للجماعة السلالية، موضحا الدور الأساسي، الذي يلعبه أعضاء ونواب الجماعة السلالية في تدبير أملاك جماعتهم، باعتماد مبدأ التشاور، والتشارك في تحديد الحاجيات الأساسية للساكنة، والتوافق على الاشكال المستدامة للإجابة عنها.
وبعد ذلك تدخل الاستاذ سليمان مزيان، بصفته منسق مشروع التدبير المندمج للموارد المائية بواحة فركلة بمداخلة تحت عنون “من اجل مقاربة حقوقية في تدبير الأراضي السلالية”، موضحا من خلالها ان هذه المقاربة تروم الى حماية حقوق الانسان الفردية والجماعية اثناء صياغة وتنفيذ السياسات العمومية، بدل التركيز على التنمية بمفهومها الكمي والعددي. وهي بذلك مقاربة تساءل (بكسر الهمزة) البرامج والسياسات العمومية حول مدى تجسيدها، واستجابتها لحقوق الانسان الجماعية والفردية، من الحق في العمل والحق في التعليم والحق في الصحة والكرامة والمساواة، الى الحق في البيئة السليمة.
واشار الأستاذ سليمان مزيان الى كون تدبير الأراضي السلالية من هذا المنظور، مشروط باحترام وتنزيل المبادئ الأساسية للمقاربة الحقوقية، من تشخيص مفصل للواقع بتحديد مكامن الضعف، وحكامة وتشاركية واستدامة، وتنظيم الانتفاع، وتسهيل الاستثمار بما يضمن الحفاض على حقوق الأجيال القادمة. كما وضح الأستاذ في مداخلته ان هذه المقاربة تضمن كذلك آليات ناجعة لحل النزاعات، ومنع التصرفات التي تضر بأملاك الجماعة السلالية، كالترامي الفوضوي والعشوائي على الأملاك، والاستغلال الغير معقلن للموارد الطبيعية (مقالع ومياه جوفية ونباتات وغيرها …)
بعد ذلك تفضل الأستاذ محمد فارح بمداخلة تحت عنون “أهمية الرقمنة ومقاربة النوع في تدبير الأراضي السلالية” بسط من خلالها أهمية الرقمنة في تسهيل الإجراءات الإدارية، والحد من المساطير البيروقراطية، وتجسيد الشفافية بما يضمن الحد من المحسوبية والزبونية ومكافحة الفساد، وفي مقابل ذلك تقوية الثقة بين المواطنين والمؤسسة، ودعم الاستغلال الأمثل لهذه الأراضي لتحقيق تنمية مستدامة، كما وضح الاستاد محمد فارح، اهمية الرقمنة في تحويل البيانات الورقية إلى صيغة رقمية، يسهل الوصول إليها ومعالجتها، مما يساعد على اتخاذ القرارات الدقيقة، والقرارات الكبرى بسرعة وبهامش خطأ ضعيف مقارنة مع ما هو معمول به الى حدود الساعة.
كما أضاف الى ذلك أهمية الرقمنة في اعتماد الخرائط، التي توفرها الأقمار الصناعية في تتبع الاستغلال عن قرب للأراضي السلالية، وتحسين تدبيرها عبر تحليل البيانات، والخصائص الطبيعية والمعطيات الجغرافية والطبوغرافية، … وتوجيهها نحو تدبير يتماشى مع المتطلبات التنموية والاقتصادية والحاجيات الانية للسكان، بما يضمن تحسين ظروف عيشهم، وتحقيق رفاهيتهم.
كما وضح كذلك ان من فوائد اعتماد الرقمنة في تدبير الأراضي السلالية، تسهيل الاستثمار بفضل جاذبية التراب التي توفرها المرونة والسرعة في الولوج الى المعلومة بشكل منظم وفعال.
وفي المحور الثاني من مداخلته أكد الأستاذ فارح، ان مقاربة النوع في تدبير الأراضي السلالية هي الالية الوحيدة الضامنة للمساواة في الانتفاع من أملاك الجماعة بين الجنسين، والالية التي تعزز دور المرأة في عملية اتخاذ القرارات التنموية، بتجاوز الإرث التاريخي الذي يميل إلى اقصاء المراءة وتفضيل الذكور في استغلال الأراضي السلالية.
كما أشار كذلك الى كون هذه المقاربة، تمنح للمرأة فرص المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة الاراضي السلالية، بترشحها للهيئة النيابية للجماعة السلالية، وتعزيز تمثيلتها في المجلس الإقليمي للوصاية.
و بعد ذلك تدخل الاستاد محمد بن يدير بصفته أستاذ التعليم العالي بالمعهد الوطني للتهيئة و التعمير بمداخلة تحت عنوان “تأملات في سياسات الامتلاك العقاري في المجال القروي”، حيث وضح من خلالها التحديات التي تواجه سياسة الامتلاك العقاري بالمجال القروي في غياب التحفيظ العقاري الفردي و الجماعي، و اعتماد التقسيم العرفي بين ذوي الحقوق، و تضارب قوانين التعمير مع القوانين المؤطرة للجماعات السلالية و املاكها، ما يخلق إرباكا في التطبيق، وصعوبة في مواكبة التحولات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية، التي يشهدها هذا المجال الترابي.
وفي جولة حول نماذج التحديات والاكراهات التي تعيق سياسة التمليك بالمجال القروي بمجموعة من المناطق في العالم، وبالخصوص في شمال افريقيا، لخص الأستاذ بن يدير المشترك بين هذه التجارب، في كون المركب الثلاثي المتمثل أساسا في: “الأرض-الانسان-الاستدامة”، حجر الزاوية في الاستراتيجيات الاستشرافية في سياسة التهيئة، والتعمير، والاستثمار بالأراضي السلالية.
و في ختام مداخلته أحال الأستاذ بن يدير محمد الى ضرورة التفكير، والترافع بصيغة الجمع وفق الاليات القانونية، التي يضمنها دستور المملكة، و القوانين التنظيمية للعرائض، لإعادة النظر في الاليات القانونية، و مساطير السياسة العقارية بالمجال القروي، و ذلك من اجل تسهيل مساطير التحفيظ الجماعي و الفردي بما يضمن تحقيق استقرار الممتلكات، والحد من النزاعات العقارية و مراجعة الإطار القانوني المنظم للجماعات السلالية و تدبير املاكها، خاصة فيما يتعلق بتوسيع صلاحيات أعضاء ونواب الجماعة السلالية، بما يضمن التصرف في أملاكها، والاستجابة لاحتياجات الأفراد والمجتمع المحلي، و اعتماد تخطيط ورؤية مستقبلية للوعاء العقاري، بتنسيق مع مختلف القطاعات والجهات المعنية، مثل الوكالات الحضرية والمحافظة العقارية والجماعة الترابية، تحت مراقبة السلطات الوصية.
وبعد نقاش غني ومتنوع، شارك فيه المتدخلين بحضور العنصر النسوي، ونواب الجماعة السلالية، ومنتخبي جماعة اميضر، وباحثين، ومتدخلين من جماعات سلالية مجاورة لاميضر (بومالن دادس وتنغير …)، اختتمت اشغال اليوم الدراسي بالتوصيات التالية:
ـ تقديم طلب تحين لائحة أعضاء الجماعة السلالية اميضر وفق الشروط المنصوص عليها في المرسوم التطبيقي رقم 2.19.973 الى السيد عامل إقليم تنغير.
ـ العمل على فرز لجنة استشارية للهيئة النيابية بالجماعة السلالية اميضر، ممثلة بعضوين من كل عظم من أعظم الخريطة الاثنية السلالية اميضر، وذلك في حدود مهمة التشاور والتداول في المواضيع المرتبطة بحق الاستغلال وحق الانتفاع من أملاك الجماعة السلالية (عقار، وموارد طبيعية، وموارد مالية).
ـ تقديم طلب للسيد عامل إقليم تنغير، لغرض تنظيم عملية اختيار نواب الأعظم الغير الممثلة بالهيئة النيابية اميضر، انطلاقا من الخريطة الاثنية للجماعة السلالية وذلك عن طريق التراضي بين أعضاء الجماعة وفق الشروط المنصوص عليها في المرسوم التطبيقي رقم .2.19.973
العمل على تنظيم لقاء تواصلي وتشاوري بين مكونات المجتمع المدني ونواب الجماعة السلالية واللجنة الاستشارية للهيئة النيابية بعد تأسيسها، وذلك لإعداد مذكرة اقتراحية لتثمين الأراضي السلالية باميضر، بخريطة وتصميم استشرافي حول الاشكال المتاحة لتعبئة هذا الوعاء العقاري، بما يضمن تطوير تنافسيته وجاذبيته.
ـ اعداد برنامج تكويني، يستجيب لحاجيات أعضاء ونواب الجماعة السلالية في التأطير القانوني وهندسة وتتبع المشاريع …واعداد مقترح بطائق تقنية لمشاريع تنموية، واجتماعية، للاستجابة للحاجيات الانية لأعضاء الجماعة السلالية، بتمويل من الموارد المالية للجماعة.
الترافع وفق ما يقتضيه القانون الإطار رقم 99.12 كميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة والقانون رقم 12-03 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة، والمرسوم التطبيقي رقم 2-04-564 الذي يحدد كيفية تنظيم البحث العمومي المتعلق بالمشاريع الخاضعة لدراسات التأثير، من اجل إلزام المستثمرين الحاصلين على رخص الاستثمار بالوعاء العقاري للجماعة السلالية اميضر، بإنجاز دراسة التأثير على البيئة والموارد المائية لضمان الاستدامة والاستقرار الاجتماعي المنشود.
ـ الترافع الى جانب فعاليات المجتمع المدني المحلي والوطني، وفق ما يضمنه القانون التنظيمي رقم 14.44 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض، وذلك لمراجعة القانون 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير املاكها، والمرسوم التطبيقي رقم 2.19.973 بما يضمن:
ـ تبسيط الإجراءات الإدارية للوصول إلى الأراضي السلالية، لصالح لذوي الحقوق.
ـ تحديد نسب مئوية واضحة لتمثيل المرأة في الهيئة النيابية للجماعات السلالية والمجالس الإقليمية للوصاية في المرسوم التطبيقي رقم 2.19.973.
ـ إعادة النظر في مقتضيات المادة 17 من القانون 62.17 وذلك بتحديد المقصود بعبارة “غير المشمولة بوثائق التعمير”.
ـ حذف بند المادة الأولى المتعلق بشرط الإقامة بالجماعة السلالية لاكتساب صفة العضوية من المرسوم التطبيقي رقم .2.19.973.
ـ توسيع صلاحيات نواب الجماعات السلالية في تدبير أملاكها.
الترافع الى جانب فعاليات المجتمع المدني المحلي والوطني من اجل اصدار قانون الجبل والواحة، كاستجابة تشريعية تؤطر وضع وتنفيذ السياسات العمومية في برامج وطنية تلائم الخصوصيات المجالية للجبل والواحة كامتداد جغرافي له.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



