حينما تصبح الهندسة سبباً في زوال المبنى

abdelaaziz618 نوفمبر 2025Last Update :
حينما تصبح الهندسة سبباً في زوال المبنى

وقار خديجة تكتب

لماذا هدم قصر الضيافه ؟

 

في السنوات الأخيرة برزت في المغرب مجموعة من المشاريع المعمارية التي حاولت استلهام أنماط حديثة في البناء، غير أن بعضها أثار الكثير من الجدل بسبب ابتعاد تصميمه عن الهوية المعمارية المغربية العريقة. ويُعدّ “قصر الضيافة” واحداً من أبرز الأمثلة التي طُرحت للنقاش، خاصة بعدما تقرر هدمه نتيجة اعتبارات مرتبطة بالهوية الحضارية ومعايير الاندماج المعماري.

 

*هندسة لا تعكس روح المكان

 

المغرب بلد غني بتراث معماري متنوع، يمتد من أسوار فاس العتيقة إلى هندسة القصور الصحراوية، ومن الزليج الفاسي إلى الأقواس الأندلسية و هذه العناصر ليست مجرد زينة، بل تعبير عن تاريخ وثقافة وهوية.

 

*قصر الضيافة

– بحسب المتابعين – جاء بهندسة خارجية وداخلية لا تمتّ بصلة لهذا الإرث. فقد اعتمد أسلوباً حداثياً ومصرفا يميل نحو الفخامة المعولمة التي تسعى إلى التقليد بدلاً من الإبداع المحلي، ما جعله يبدو “غريباً” عن محيطه العمراني.

 

*غياب الانسجام الحضاري

 

المدن المغربية تقوم على مبدأ التناسق البصري، وهو مبدأ تحرص عليه مؤسسات التخطيط العمراني حفاظاً على شخصية المدينة وهويتها البصرية. أي بناء كبير يخرج عن هذا النسق يتسبب في تشويه المشهد العام.

وقد اعتُبر قصر الضيافة نموذجاً لبناء حديث لم يُراعِ قواعد الانسجام، سواء من ناحية الشكل الخارجي أو توزيع المساحات الداخلية التي افتقرت إلى روح الفسيفساء المغربية والزخرفة التقليدية.

 

*الهدم… قرار لإعادة الاعتبار للهوية

 

وفقاً للرؤية المعمارية التي تتبناها الكثير من المدن المغربية اليوم، يُفضَّل أن تكون المشاريع الكبرى منسجمة مع التراث المحلي، أو على الأقل تستلهم عناصر منه. وفي حالة قصر الضيافة، كان الحل النهائي هو الهدم، ليس بسبب حجمه أو موقعه بقدر ما كان بسبب تعارضه مع الهوية البصرية والحضارية للمغرب.

 

هذا القرار يعكس تحوّلاً عاماً نحو حماية الطابع المغربي وإعادة الاعتبار للمعمار الأصيل، وتوجيه رسالة واضحة مفادها أن الحداثة لا تعني التخلي عن الجذور، بل يمكن مزج الاثنين بطريقة متوازنة ومحترمة للبيئة الثقافية.

 

*خاتمة

 

قصر الضيافة قد يكون انتهى مادياً، لكنه فتح باباً واسعاً للنقاش حول علاقة المغرب بمشاريعه المعمارية الحديثة، وذكّر بأن الهوية ليست مجرد زخرفة أو اختيار جمالي، بل هي جزء من ذاكرة المكان وروحه.

وإذا كان هدمه قد أثار تساؤلات، فإنه أيضاً أعاد النقاش حول أهمية المحافظة على الطابع المغربي في كل مشروع عمراني كبير، حتى لا نفقد ما يُميز مدننا عن غيرها في عالم يسير نحو التشابه.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading