السياح المغاربة في مطارات تركيا.. بين التمييز الممنهج والغياب الرسمي المخجل

رحال الانصاري3 ساعات agoLast Update :
السياح المغاربة في مطارات تركيا.. بين التمييز الممنهج والغياب الرسمي المخجل

عبد الله مشنون
كاتب صحفي مقيم في ايطاليا

 

في عصر يتحدث فيه الجميع عن حقوق الإنسان وكرامة المواطن، تظل تجربة المغاربة في مطارات تركيا نموذجًا صارخًا ومؤلمًا لما يعانونه من تمييز واضح وإجراءات مهينة تتكرر بشكل مستفز، دون أن تتحرك وزارة الشؤون الخارجية المغربية أو سفارة المغرب في أنقرة لحماية حقوق مواطنيها أو حتى لإدانة هذه الممارسات.

شهادات مواطنين مغاربة تعرضوا للاحتجاز والتفتيش المفرط عند وصولهم إلى مطار إسطنبول، رغم توفرهم على كل الوثائق القانونية، ليست سوى رأس جبل الجليد. هؤلاء المغاربة، الذين سافروا للسياحة والترفيه، وجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة إجراءات تعسفية وتوقيفات بلا مبرر، استمرت لساعات وسط عدم وضوح الأسباب، وانعدام أي مبرر قانوني واضح.

والأدهى من ذلك، أن مسؤولين أتراك اعترفوا ضمنيًا بوجود مذكرات داخلية تُلزم بمضايقة المغاربة، لكنها مذكرات سرية لا تُظهر للمتضررين، ولا تحظى بتفسير أو اعتراض من قبل الجانب المغربي. هذا المشهد يعكس إهمالًا دبلوماسيًا فادحًا، حيث تبدو الدولة المغربية غائبة تمامًا، أو على الأقل، صامتة أمام انتهاكات متكررة تسيء لصورة بلادها ولكرامة مواطنيها.

لن نبالغ إن قلنا إننا نعيش حالة من التمييز القنصلي؛ ففي الوقت الذي نرى فيه مواطني دول غربية وأوروبية يتلقون دعمًا وتحركًا عاجلاً من سفارات بلادهم عند تعرضهم لأي مشكلة في الخارج، لا نجد للدبلوماسية المغربية وجودًا فاعلًا أو حتى موقفًا مدافعًا عن مواطنيه في تركيا. أين هي تلك الحماية التي يفترض أن تؤمنها الوزارة والدبلوماسية؟

ومن هنا لا يمكننا أن ننسى الدور الكبير لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، الذي لطالما اعتبر نفسه “أبًا لكل المغاربة” أينما وجدوا، وحرص شخصيًا على أن يكون المواطن المغربي في كل مكان محل اهتمام ومتابعة مستمرة ودعم لا محدود. إن توجيهاته السامية، عبر مختلف مؤسسات الدولة، تهدف إلى حماية حقوق المغاربة في الخارج، وتعزيز مكانتهم، مما يجعل من الضروري أن تتجسد هذه الرؤية الملكية في تحرك فعلي وجاد من قبل الأجهزة الرسمية المعنية، لا سيما في مواجهة مثل هذه الممارسات التي تمس كرامة مواطنينا.

هنا نطرح أسئلة ملحة:

هل المواطن المغربي أقل قيمة من نظيره الأوروبي في عيون الدبلوماسية؟

لماذا تبدو المعاملة التي يلقاها المواطن المغربي في المطارات التركية مختلفة وسلبية مقارنةً بمعاملة باقي الجنسيات، التي تحظى بحرية وانسيابية في التنقل والاحترام؟

ماذا تفعل وزارة الخارجية والسفارة المغربية في أنقرة إزاء هذه الانتهاكات المتكررة؟

هل سنظل نتغاضى عن هذه الإهانات أم أن الوقت قد حان للضغط السياسي والقنصلي للحفاظ على كرامة المغاربة في الخارج؟

إن كرامة المواطن المغربي يجب أن تكون فوق كل اعتبار. لا يمكننا أن نسمح باستمرار هذه الممارسات التي تقوض ثقة المغاربة في دولتهم، وتحول رحلاتهم السياحية إلى تجارب مهينة.

من هذا المنطلق، نوجه نداءً جادًا إلى معالي وزير الشؤون الخارجية وإلى سفير المغرب في تركيا، نحثهم فيه على اتخاذ خطوات فعالة وسريعة لتعزيز الحماية الدبلوماسية للمواطنين المغاربة، وضمان معاملة تليق بكرامتهم في كل المحافل والمطارات الدولية، والعمل على فتح قنوات حوار بناءة مع السلطات التركية لوضع حد لهذه الممارسات التي تؤثر سلبًا على صورة بلادنا ومواطنيها.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading