بوح الأحد: COSTA GAVRAS Z و YVES MONTAND ليست مغربية، لن يحدد الفوضويون و القاصرون و حملة الحجارة و السيوف و سفهاء إشعال النيران و الأمير الذي …. مستقبل المغرب في غياب المغاربة و خارج الإرادة الشعبية و أشياء أخرى…

taouss5 manar5 ساعات agoLast Update :
بوح الأحد: COSTA GAVRAS Z و YVES MONTAND ليست مغربية، لن يحدد الفوضويون و القاصرون و حملة الحجارة و السيوف و سفهاء إشعال النيران و الأمير الذي …. مستقبل المغرب في غياب المغاربة و خارج الإرادة الشعبية و أشياء أخرى…

لا حديث إلا عن الاحتجاجات التي أريد لها أن تحمل رمز Z وعن دوافعها وأهدافها ومنظميها ووسائل عملها وخلفياتها وسيناريوهاتها وآفاقها.
قلت يراد لها أن تحمل هذا الرمز Z الذي له معاني كثيرة، ولكن تم اختزاله للتضليل في معنى لا تعكسه تلك الاحتجاجات ولا طبيعة المشاركين فيها ولا تصرفاتهم، وخاصة تجاه السلطات والممتلكات العمومية.
يعني الرمز Z عند الإغريق الحياة والعيش، واستعمل الرمز كذلك في نفس الدولة في الستينيات كصرخة معارضة بعد اغتيال الطبيب والمناضل اليوناني غريغوريس لامبراكيس Grigóris Lambrákis سنة 1963، ويستعمل هذا الرمز تضليلا الآن للتصنيف الجيلي للإشارة إلى مواليد الألفية الثالثة (من منتصف التسعينيات حتى 2012)، وللرمز كذلك دلالات روحية لأنه يشير إلى نهاية دورة وتحقيقها، وفي العبرية يرمز هذا الحرف إلى معرفة الذات، والوضوح، والقدرة على تمييز الحق من الباطل من خلال التأمل العميق. ولهذا الرمز كذلك دلالات عسكرية حيث يستعمله الجيش الروسي، حسب وزارة الدفاع الروسية، كاختصار لعبارة “النصر”، واستعمله مدنيون مؤيدون للحرب على أوكرانيا كرمز لدعم القوات الروسية.
يتضح إذن من خلال عملية الرصد التي تعطى لهذا الرمز دلالات عدة: جيلية ودينية وسياسية ونضالية وعسكرية، ولا يمكن التسليم اعتباطا بواحدة منها إلا من خلال فحص لمدى تطابق الاسم مع المسمى.
ارتأى -عن سبق إصرار وترصد- من يقف وراء هذه الاحتجاجات تجاهل كل الدلالات ليروج للدلالة الجيلية مع التعسف لمغربتها حتى يبعد عنها شبهة التبعية ويدمجها قسرا في حاجة مغربية إلى احتجاجات دفاعا عن خدمات اجتماعية بعيدا عن أي خلفيات سياسية، ولذلك فقد أبدع لها شعار GenZ212 كإشارة إلى أن من يقف وراء هذه الاحتجاجات هم الجيل الذي لا يتجاوز عمرهم العقد الثالث على أقصى تقدير، واختار “المهندس” بعناية رقم 212 وهو رمز الاتصال الهاتفي الخاص بالمغرب، ولكن كانت تكفي ثلاثة أيام من الاحتجاجات لمعرفة خلفية الاستعمال لأن أعمال القرصنة والتمرد والسيوف والتخريب كانت السمة الملازمة للكثير من تلك الاحتجاجات التي لم تنضبط للقانون والأخلاق والمنطق والحرص على مرافق خاصة وعامة يلزم الحفاظ عليها لأن من يخربها هم أول من يحتاج إليها وسيلزم وقت وأموال لإعادة بنائها وتشغيلها.
أستطيع أن أجزم، وكل الوقائع تؤكد ذلك، أن الإيحاء الجيلي لهذه الاحتجاجات كان فقط للتمويه والتضليل ولاستقطاب هذه الفئة والركوب عليها وجعلها حطبا لإشعال نيران فتنة ظل موقظوها يبحثون عن كل السبل لجعل المغرب يسقط فيها للتشويش والإلهاء والإنهاك، وسنعرف بالتفصيل سبب ذلك ومن يقف وراء هذا المخطط. ويمكن الرجوع لأكثر من بوح سابق نبهت فيه إلى هذا المخطط الذي يراد إدراج المغرب فيه قسرا وتعسفا.
لم تنجح عملية الاستقطاب في تجييش الشارع كما أريد لها لأن أعداد المشاركين كانت قليلة جدا في اليوم الأول، وخاصة في مدينة الملايين بحجم الدار البيضاء التي لم يتجاوز العدد فيها 300 مشاركا، فما كان ممن يقف وراء هذا “اللعب” إلا الانتقال إلى خيار أحمق والاستعانة بخدمات المناطق الشعبية الآهلة بالسكان لاستغلال حرمان ومعاناة بعض الفئات، ولذلك بدت الملاحظة التي أثارت الكثيرين وهي أعداد القاصرين التي أصبحت طاغية على كل الأماكن وعدد الموقوفين من هذه الفئة والصور التي تناقلتها كل مواقع التواصل الاجتماعي عن هذه الفئة التي شكلت أكثر من النصف لتصل أحيانا إلى 70%، ولولا حكمة السلطات الأمنية لكانت النتائج وخيمة وكارثية على أسر وأولياء أمور يتحملون كل المسؤولية في عدم توجيه أبنائهم القاصرين وإبعادهم عن مناطق اختيرت بعناية لتكون أماكن احتكاك واستفزاز للسلطات. من منا يسمح في تدبير شأن بيته أو عمله أو مؤسسته لابنه القاصر؟ من منا يسمح لابنه القاصر أن يتخذ قرار المشاركة في مظاهرات غير قانونية؟ وفيها احتمال التوتر عاليا؟ وهناك من غايته تحوير هدفها لتصبح مواجهات مع السلطات وتخريب للممتلكات الخاصة والعامة؟
شعار السلمية كان مجرد “تقية”، أو لنقل “كاموفلاج” لتوسيع دائرة المشاركين، ولكن المنحى التخريبي بدا واضحا منذ اليوم الأول بافتعال أحداث قطع الطريق السيار وإضرام النيران ورشق الأمن بالحجارة وضبط بعض مستعملي المخدرات وسط الاحتجاجات والمحاضر ستكون متاحة لمن يريد الاطلاع عليها في المحاكم، وصك المتابعة واضح بخصوص وجود هذه الفئة.
يمكن القول بأن أقل فئة تجاوبت مع هذه الاحتجاجات هي من سموا أنفسهم جيل Z لأن صور بعض من المشاركين تؤكد أن استعمال المعنى الجيلي كان للتمويه فقط. فهل الشيخ النهجاوي أمين ينتمي إلى هذا الجيل؟ وهل الراضي من هذا الجيل؟ السؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا كان الإصرار على استعمال المعنى الجيلي مع أن هذ الجيل لم يكن يشكل الأغلبية إلا إذا كان للرمز واختياره دوافع أخرى.
والأهم هل يمكن استساغة أن هذا الجيل يكون ضد تنظيم كأس العالم وكأس افريقيا في المغرب؟ ويصل بهم الأمر إلى حد مقايضته بمستشفى في مدن توجد فيها مستشفيات جامعية CHU مليئة بأفضل البروفيسورات و الأطباء المتخصصين وأحدث التجهيزات؟ قد يُتفهم رفع مثل هذه الشعارات في مناطق نائية ولكن ما تابعناه هو انفراد متظاهري مدن كبرى برفع هذا الشعار رغم أن فيها مستشفيات جامعية مجهزة أحدث تجهيز مثل الدار البيضاء والرباط وغيرهما.
ما حقيقة استعمال هذا الرمز إذن إن اقتنعنا أن لا علاقة لما رأيناه بالمعنى الجيلي للرمز؟
أدعو كل من يريد فهم خلفيات الشعار والرمز إلى تأمل سلوكات ممنهجة لبعض من يقف وراء هذه الاحتجاجات في استفزاز السلطات الأمنية والمسارعة بالاعتداء على أفرادها وإتلاف سياراتها وكأن الهدف مبيت باستهداف هذه السلطات قبل أي شيء آخر.
هنا تفهم الدلالة الحقيقية لاعتماد رمز Z لهذه الاحتجاجات، وهي دلالة سياسية جسدها فيلم من إنتاج فرنسي جزائري ألفه وأخرجه اليوناني الفرنسي كوستا غافراس Costa-Gavras و لعب دور البطولة فيه الفرنسي من أصل إيطالي yves montand وخرج إلى الوجود سنة 1969 وعنوانه Z، وهو مقتبس من رواية تحمل نفس الاسم للكاتب فاسيليس فاسيليكوس كُتبت بعد اغتيال النائب اليوناني غريغوريس لامبراكيس في سالونيك في مايو 1963، والفيلم كله تركيز على سلوك قوات الدرك والشرطة وتدخلاتهما ضد الساسة لأنهم فوضويون.
هذا الفيلم الذي اتخذ من اليونان مثالا صدر بالتزامن مع تداعيات الاحتجاجات الطلابية في فرنسا سنة 1968، أي أن الأجواء كانت مشحونة وكان وراءها تيار متطرف وفوضوي من أقصى اليسار الفرنسي الفوضوي.
استعمال الرمز Z لهذه الاحتجاجات سببه تبني هذا المعنى الذي يستهدف القوات الأمنية، وبهذه الثقافة والإيديولوجية ذات الحمولة الفوضوية، وبغاية استهداف السلطات الأمنية بمختلف تشكيلاتها، وما ترويج الدلالة الجيلية إلا كاموفلاج للتضليل. استلهام الرمز من هذا الفيلم يدل على أن صانع المجموعة متشبع بالثقافة الفرنكفونية، وينهل من قاموس التيار الفوضوي الفرنسي، ويعيد إنتاج أحداث 1968 بنسخة مغربية، ولا يمثل هذا التوجه إلا يتامى هذا التيار المعروفين في فرنسا والمغرب، وهم على كل حال ليسوا في حاجة لذكرهم فهم من أبناء الماما ومعروفين لكل من يتابع هذا البوح.
إذن Z ليست مغربية منشأ ولا ثقافة ولا شعارا ولا أسلوبا ولا خطابا. يشم منها كذلك رائحة جارة السوء التي كانت مشاركة في إنتاج فيلم Z من خلال المنتج أحمد راشدي الموالي لجبهة التحرير التي تتحكم في الجارة منذ ٱستقلال البلد دون تداول على السلطة منذ عقود.
ومما يعضد حقيقة أن Z ليست مغربية الارتباك والأخطاء التي رافقت مختلف مراحل نشأةGenZ212 . ففي أول منشور مجهول صدر قبل أسابيع حدد يومي الاحتجاج وسمى مدنا بعينها وحدد حتى أماكن التجمعات. ومن ضمن الفضائح التي تدل على خلفيته الغريبة عن المجتمع المغربي النعت الذي أطلقه على مكان التجمع في الدار البيضاء حيث استعمل تسمية Le jardin de l’université arabe كترجمة آلية بليدة لحديقة جامعة الدول العربية والتي يستعمل المغاربة ترجمتها ب Parc de la ligue arabe. ألا يدل هذا الخطأ على الهوية الحقيقية لناشر المنشور المجهول؟ وعلى من يقف وراء الدعوة للاحتجاج؟ ألا يفضح نفسه بأنه غريب عن المغرب والمغاربة وثقافتهم؟ هل أصبحت جامعة الدول العربية رديفا للجامعة الدراسية دون دراية منا؟ هذا شخص غير ملم بالثقافة المغربية وبالسياق المغربي و لا حتى بيضاوي أو مغربي، ومن هنا توجس كثيرون من هذه الدعوة وقد كافئوه يوم السبت حين كان العدد هزيلا. ولعل خطأ أول منشور كان سببا في التعسف على الأرقام لمغربة الدعوة إلى الاحتجاج.
لقد تأكد منذ مدة ليست بالقصيرة أن جزءا من الدولة العميقة في فرنسا أجهض مخططها في 2011 تبحث عن طرق لاستفزاز المغرب بأي وسيلة. لم تنجح كل مناوراتها لثني الدولة الفرنسية عن اتخاذ خطواتها تجاه المغرب -مثل الاعتراف بمغربية الصحراء وغيرها من الخطوات التصحيحية الأخرى التي تستدرك بها أخطاءها تجاه المغرب- لأنها فقدت مكانتها ولم تعد في قلب مواقع صناعة القرار، ولذلك فقد لجأت إلى أساليب أخرى يحركها من وراء حجاب -صار مكشوفا- بعض يتامى اليسار الفوضوي القديم المتهالك الذي ما يزال له نفوذ في بعض المنابر الصحفية التي تدعي الاستقلالية وبعض المنظمات التي تدعي أنها غير حكومية، ومن يتابع قناة فرانس 24 سيلاحظ انحيازها وانحرافها المهني في تغطية الأحداث. ولا وسيلة لذلك إلا طوابرية تبع لهم رغم أنهم “منا” وبيننا من أمثال المغتصب المعفى عنه وعلي التائه و”الحاصل” الذي يبحث عن مورد رزق مثل عابر السبيل، وتعيسة ناقصة شكلا ومضمونا، وباقي القائمة معروفة لكل من يتابع هذا البوح منذ سنين. ولا يمكن أن أغلق القائمة دون ذكر الأمير الذي…. وسيأتي وقت نملأ فيه الفراغات لأنه لا داعي للعجلة.
إن اتضح سبب اختيار الشعار ومن وضعه وخلفية اعتماده والهدف منه، يمكن الانتقال إلى طبيعة المنصة التي اختيرت مكانا للتداول/الاستقطاب، وهي ديسكورد التي تأسست سنة 2015 خصيصا لمجتمع الألعاب ولكنها تتيح بالموازاة خدمات الدردشة والاتصالات النصية والمسموعة والمرئية واستعملت في احتجاجات نيبال بعد إغلاق باقي مواقع التواصل. ولعل سر استخدام هذه المنصة صار واضحا، فهي منبت للتعبئة وقناة للاستقطاب بحكم ارتيادها الواسع من طرف الشباب ولها كذلك رمزية ثورية غير خفية بعد أحداث نيبال وتتماشى مع أجندات من وراء هذه الاحتجاجات.
لقد كان لافتا للانتباه إسهال التدوين الذي أصاب بعض يتامى “الخريف العربي” من أمثال مدونة يمنية حائزة على جائزة نوبل في سياقات غامضة وتوقيت مريب. تسارع هذه وغيرها للتبشير بموجة ربيعية جديدة على غرار موجة 2011 وتبشر بأنها تنطلق من المغرب. أمثال هذه معروفة علاقاتهم وارتباطاتهم ولم تعد أجنداتهم خافية على أحد، وحتى استهدافهم المتكرر للمغرب لم يعد يعطي نتيجة لأن عداوتهم صارت حاجزا دون تقبل أي كلام عن المغرب من طرف الجميع.
كان لافتا للانتباه طرق الحسم الغامضة في تحديد أماكن وتوقيت الاحتجاجات لأنها لا تخضع للمعايير المتعارف عليها في التداول الديمقراطي الذي يدعي هؤلاء تمثله ويطالبون الدولة به. من أتيحت له فرصة متابعة النقاش على منصة المجموعة يلاحظ التوجيه الذي يقوم به مديرو المنصة مجهولو الهوية ومكان الوجود وفي حين يتعمدون تغيير الصوت ليضاف ذلك إلى ظاهرة الملثمين، بل في أحيان كثيرة ظلت الدردشة مفتوحة ومستمرة في نفس توقيت المظاهرات مما يطرح أكثر من سؤال عن وجود الكثير ممن يملؤون النقاش الافتراضي في المظاهرات أم أنهم يرسلون القاصرين ويبقون هم في صالاتهم وراء شاشات الحواسيب. وأهم مثال هو طبيعة التدخلات التي لا تحترم التوازن بين كل وجهات النظر وأعداد المصوتين على القرارات وحدود الشفافية في كل هذه العمليات. وأذكر هنا مثال التصويت الذي تم في الثالثة ليلا والناس نيام بأعداد قليلة لم تتجاوز 200 مشارك مجهولة والتدخل التعسفي لأدمين المنصة ليفرض تصويتا ثانيا يحدد مكانا آخر للاحتجاج هو درب .seltan هكذا كتب ليفضح نفسه أنه ليس مغربيا ولا علاقة له بالأماكن المغربية، ويضيفها إلى مهزلة jardin de l’université arabe .
لا يتسع المقام لقول كل شيء ولكن ما يجب أن يعرفه الشباب أن المنصة مخترقة من طرف مقيمين في الخارج، وأحدهم مقيم في دولة أوربية يشتاق أن يتلازم اسمه مع موجة ربيعية جديدة هزل كيانه ولم يلحقها، وهو ربيعها.
بصمة الخارج، وجارة السوء خصوصا، واضحة، وعناصر حركة الجمهوريين المغاربة المرتبطين بالجارة لم تعد خافية.
لقد وصلنا الآن إلى حقيقة من يقف وراء هذه “اللعبة”: جارة السوء التي لن يهنأ لها بال حتى تسحب من المغرب تنظيم كأس العالم حسدا فقط وخوفا من عتاب شعبها، و يتامى التيار الفوضوي الذيلي لبقايا التيار اليساري الفوضوي الفرنسي الذي فقد تأثيره في صناعة الرأي الفرنسي، وتيار مأجور عند الجارة يدعي أفكارا جمهورية ويبحث عن اكتساب صفة المعارض ولكن ماضيه لا يسعفه لأنه متورط في أعمال قذرة، دون أن ننسى الأمير الذي…. تحرك في الإعلام ليروج سيناريو costa gavras قبل إعلان Z المغربية عوض Z اليونانية.

لا يمكن القفز على معطى غاية في الأهمية، وهو تعمد خرق القانون في مظاهرات هذه المجموعات لأن التصريح واجب باعتباره إشعارا للسلطات العمومية لتتخذ إجراءاتها من أجل تأمين أماكن مرور المتظاهرين وحفظ النظام العام. في هذا الإطار لوحظ خرق كبير من طرف الجهات الداعية للمظاهرات بإصرارها على عدم التصريح لدى السلطات بخط مسار المظاهرات ومنظميها وتوقيت بدايتها ونهايتها، وهو أمر مقصود لأن الهدف هو الإيقاع بين الشعب والسلطات الأمنية كما هي عادة هذا الأسلوب من الاحتجاجات الذي يستقي من كتابات جين شارب التي شكلت مصدر إلهام للكثير من الاحتجاجات المشابهة، وهدفها إنهاك السلطات حتى تفرغ الساحة للنهب والسرقة وإشاعة الخوف والفوضى.
يحسب للسلطات العمومية حكمتها ومرونتها وتغليبها للحق في الاحتجاج على التقيد بشكليات القانون، حيث سمحت للمظاهرات وكانت أغلب التدخلات متناسبة مع الخروقات وهدفها توفير ظروف الاحتجاج وليس منعه، وأغلب التوقيفات كانت للتثبت من الهوية، إلى أن حصل ما لم يتحمل فيه منظمو المظاهرات مسؤوليتهم فتركوا الشارع لمجموعة من القاصرين ليعيثوا فيه فسادا ولن نقول أكثر مما وصفوهم هم أنفسهم به حين سموهم “الأوباش”.

قطع الطريق السيار وإتلاف الممتلكات العامة وتخريب منشآت خاصة وخرق النظام العام والعنف ضد السلطات كلها سلوكات لا يمكن التسامح مع مرتكبيها ويجب تفعيل القانون ضد مرتكبيها والمسؤولية تقع أولا وأخيرا على من جلبهم للشارع دون قدرة على تأطيرهم والتحكم في عنفهم.
يحسب للسلطات حسن تدبيرها وقدرتها على امتصاص استفزازات المشاركين في المدن، وقد اتضح أن أغلب الانفلاتات وأكثرها كلفة كانت في مناطق نائية وبعيدة عن المركز والسبب الرئيسي قلة أفراد السلطات وضعف الإمكانيات المتاحة لهم للتدخل. هذا سيطرح تحديا مستقبليا وأولويات آنية فيما نستقبل إن كنا أحرص على استتباب الأمن في مجموع التراب الوطني.
لقد كان لافتا للانتباه كثرة القاصرين وظاهرة الملثمين ولا يمكن التساهل مع هذه الفئات، وهو ما استلزم تفعيل قوات حفظ النظام العام والتطبيق الصارم للقانون لحماية الممتلكات العامة. هل ينتظر الرأي العام من السلطات أن تتسامح مع من يتعمد اقتحام مركز للدرك الملكي وسرقة الأسلحة؟ هل ينتظر أن يتم التغاضي عن هذا السلوك الإجرامي الخطير تحت أي ظرف أو مسمى أو مبرر؟ ألا يمكن القول بأن الضرب بيد من حديد على من يقوم بمثل هذه الأفعال واجب وتحاسب السلطات في حالة عدم القيام به لأنها السبب حين تشيع الأسلحة وسط الناس بدون ضابط قانوني؟ هل لا يستحيي من يبحث عن مبررات لهؤلاء؟ ألا يضعون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع عامة المغاربة؟
بالرجوع إلى المطالب التي ترفعها هذه المجموعة نصاب بالحيرة. كيف يعقل أن يكون الاحتجاج أمام المستشفى الجامعي لتعطيله مع العلم أن هذه المرافق جزء من مفخرة المغرب لما تتوفر عليه من كفاءات تخصصية في كل الأمراض وفي كل الأجنحة؟ كيف يستساغ تعطيل هذه المفاخر المغربية التي راكمت تجارب وخبرات يستفيد منها أبناء الشعب من فقراء الأمة الذين يترددون عليها من مدن خارج المدن الكبرى -وهم أكثر المستفيدين منها- ويتلقون علاجات على أعلى مستوى قد لا تتوفر في دول أخرى؟ كيف تذهب للاحتجاج أمام هذه المستشفيات لتطالب ببناء مستشفيات؟
قد يتفهم رفع هذه الشعارات ببناء مستوصفات ومستشفيات في مناطق نائية، ولكن لا يبرر هذا المطلب في مدن تتوفر على مستشفيات جامعية بحجم الموجودة في المغرب والتي توجد في جهات المغرب. قد يقول قائل بأن وتيرة الخدمات بطيئة والمواعيد تتطلب حجزا لشهور، وهذا صحيح ولكن الحكم على معقوليتها أو عدمها يكون بعقد مقارنة مع فرنسا مثلا.
في مستشفى عمومي بفرنسا يلزم ما يقارب الستة أشهر حتى السنة أحيانا لحجز موعد في مستشفى جامعي، ولا يسرع من الحيز الزمني للانتظار إلا التدخل الجراحي والإنعاشي أو حالات الاستعجال، وهذه حقائق يمكن التأكد منها بسهولة.
لنرجع بالذاكرة إلى الوراء زمن كورونا. ألم تنهر المنظومة الصحية الفرنسية بالكامل وعجزت عن استيعاب أعداد المرضى فاضطرت الدولة إلى الاستعانة بخدمات مستشفيات ألمانيا في المناطق القريبة من الحدود؟ هل انهارت حينها منظومتنا الصحية أم صمدت أم طور المغرب مراكز صحية وجهزت بأفضل التجهيزات كما حدث مع مستشفى مولاي يوسف بالدار البيضاء والشيخ خليفة كمثال فقط؟
أما إذا أردنا المقارنة مع دول افريقية فيكفي القول بأن رؤساء دول وشخصيات على أعلى مستوى من القارة تتعالج في مستشفياتنا الجامعية و المستشفيات العسكرية.
يستغرب حقا من رفع هذا الشعار من فئة عمرية ليست هذه أولويتها لأنها ليست من المرتفقين الإعتياديين لهذه المستشفيات العمومية، وغير متضررة بشكل مباشر من هذه المستشفيات، وهو يضاف إلى استغراب سابق حول تقبل أن هذه الفئة العمرية لا تستوعب حقيقة الانتصار الذي حققه المغرب بفوزه باستضافة كأس العالم وضرورة المساهمة في هذه المحطة لما ستشكله من عائدات اقتصادية واجتماعية وتنموية سيستفيد منها كل المغاربة وفي مقدمتهم الشباب.
لا يفهم من عرض هذه الحقائق انتشاء أو رضى لأن جوانب النقص موجودة واختلالات الحكامة واضحة، ولكن علاجها يتطلب سلوك مساطر قانونية وتدقيق المطالب ومقاربة بنائية عوض الإصرار على هدم صرح من صروح المغرب وهو مستشفياته الجامعية التي يجب المطالبة بإمدادها بأطر أكثر وبتجهيزات أفضل وتطوير نظام حكامتها أكثر. هذا كله مجال مفتوح للمغاربة للتعبير عن آرائهم وعدم رضاهم، ولم تضق السلطات العمومية يوما بالاحتجاجات مهما كانت قساوة شعاراتها طالما أن دوافعها مشروعة ومن يقف وراءها معروفون ووسائلها لا تضر بالنظام العام، وبل أحيانا تتعامل السلطات بمرونة بالغة مع بعض التجاوزات طالما بقيت في الحدود المقدور على معالجتها. فالسلطات لا تمنع الاحتجاجات التي تقام يوميا بالعشرات حول قضايا كثيرة من بينها الصحة والتعليم وغير ذلك من المطالب.

وجه الخطورة يكمن في غموض الأهداف والجهات المحركة والإصرار على نهج أسلوب التقية والمناورة والتهييج للاصطدام في الشارع وإضعاف الدولة وإظهارها بمظهر الهشاشة.
لقد كان قرار المنع منذ البداية وطنيا مبرر وحكيم وأفضل حل لتفادي الأسوأ الذي عشناه بعد نهاية الأسبوع والذي أصاب جزءا كبيرا من المغاربة بالذعر لأنهم لم يصدقوا أن ما تعرضت له المرافق العمومية والخاصة والسلطات العمومية من اعتداء يمكن أن يصدر عن مغاربة في كامل وعيهم.
التهييج الممنهج بخطاب التحريض ضد السلطات وبفبركة الصور ونشر الأخبار الزائفة كان أسلوبا ممنهجا، واتضح استعماله من اليوم الأول بعد ضبط النيابة العامة لحالة التلاعب في الصور المنشورة بهدف التحريض وهو ما يعتبر جريمة كان يجب على من يقف وراء هذه الاحتجاجات اتخاذ مواقف صارمة منها. حالات التخريب والاعتداء كانت تتطلب ممن يقف وراء هذه الاحتجاجات تحمل مسؤوليته والتبرؤ المبكر منها وعدم مؤاخذة السلطات العمومية على تدخلها لإنفاذ القانون لأن الحرية ليست مطلقة بل مقيدة بالقانون كما هي تدخلات القوات العمومية ملزمة باحترام الشرعية. ما شاهدناه هو تنصل الكثير من تحمل المسؤولية وترك السلطات الأمنية وحدها في الواجهة كما هي عادة بعض الكائنات الفوضوية والانتخابية التي لا تحكمها إلا هواجس آنية وحسابات ضيقة على حساب مصلحة المغرب والمغاربة.
من هيج القاصرين وجلب قطاع الطرق وحمالة الحجارة والسفهاء لأماكن المظاهرات عليه أن يتحمل مسؤوليته. ومن يلتمس المبررات لسلوكهم الأرعن عليه أن يتحمل مسؤوليته. ومن يساوي بين الضحايا من السلطات العمومية وبين الجانحين عليه أن يراجع حساباته. ومن كان ينتظر أن تقف السلطات العمومية متفرجة على نهب مركز للدرك الملكي أو غيره من المنشآت السيادية ليس أمامه إلا إعادة تقييم مواقفه قبل فوات الأوان. ومن عجز عن تأطير حالة الهيجان ما عليه إلا الاعتراف والانسحاب وترك المجال للسلطات العمومية لتعيد الأمور إلى نصابها.
كل البلاغات، سواء من السلطات الأمنية أو وزارة الداخلية أو السلطة القضائية، تؤكد على التطبيق الحازم للقانون ضد أي خروقات تتجاوز ما يمكن التسامح معه تغليبا لمقاربة التفهم والتجاوز. وعلى من ألف الاستنساخ البليد للتجارب من خارج المغرب استيعاب أن للمغرب تاريخ وأعراف وخبرات قادرة على التصدي لاستيراد نماذج لزعزعة الاستقرار وفق مقاربة لن توقع المغرب فيما يحلم به جيران السوء والحالمون بالثورات الكمونية والتواقون للمرحلة الكولونيالية التي ولت إلى غير رجعة.
سينتصر المغرب بيقظة مؤسساته الحامية لترابه وشعبه ونظامه، وبفضل تغليب مواطنيه لمصلحته على كل ما دون ذلك، وسيخسأ المتآمرون والكائدون وأصحاب الأجندات التخريبية، وسيستفيق جزء من الشباب المغرر بهم كما استفاق من سبقهم وكلنا نأمل أن لا يتأخر الاستيقاظ لأن الندم حينها لن ينفع في شيء وسيتضررون مما يفعلون بينما لن يتضرر المغرب لأن حماته نذروا أنفسهم لخدمته مهما كلفهم ذلك من ثمن و سيبقى المغرب شامخا مستقرا قادرا على الفعل لأن خروج الآلاف إلى الشارع لن يصادر حق الملايين من المغاربة الذين يؤمنون بالمغرب المستقر و يتطلعون إلى تطويره و تحقيق التقدم و تحسين شروط العيش في ظل الإستقرار و الأمان.

و إلى بوح قادم.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading