كتبت أمل محمد أمين
اختتم كبارُ قادة الطوارئ الصحية من جميع أنحاء إقليمي أفريقيا وشرق المتوسط اجتماعًا استمر ثلاثة أيام في الرباط بتقديم مشروع بيان نوايا. وتبيِّن وثيقة العمل هذه النية المشتركة للدول الأعضاء في المنظمة في كلا الإقليمين لتعزيز التواصل وبناء الثقة، وتحسين التأهب، وتوثيق التعاون عند وقوع الأزمات.
وخلال الاجتماع، وهو الأول من نوعه الذي يجمع بين كبار المسؤولين عن الطوارئ الصحية من إقليمَي المنظمة تحت مظلة مشتركة، أُعلن عن إطلاق الشبكة الإقليمية لقادة الطوارئ الصحية لربط البلدان وتعزيز العلاقات التي يمكن الاعتماد عليها للاستجابة للطوارئ على نحو أسرع وأكثر تنسيقًا ومرونة.
وجدير بالذكر أن إقليمَي أفريقيا وشرق المتوسط يواجهان قدرًا من أعلى الأعباء الناجمة عن الطوارئ الإنسانية والصحية في العالم. ويصنف البنك الدولي 27 بلدًا (ما يقرب من نصف جميع البلدان في كلا الإقليمين) على أنها هشة، ومتضررة من النزاعات، وضعيفة. ولا تزال الكوليرا تمثل التهديد الأكثر إلحاحًا واتساعًا في كلا الإقليمين، في حين يجري الإبلاغ عن جدري القردة أيضًا في العديد من البلدان. كما أبرزت عودة ظهور الإيبولا في أفريقيا الحاجة الملحة إلى تحسين التعاون عبر الحدود.
وقد سلَّطت الدول الأعضاء في المنظمة الضوء على أهمية إصدار مشروع بيان النوايا المشترك الذي يمكن أن تسترشد بها جهود التعاون في المستقبل:
إذ قالت الأستاذة الدكتورة غريس أينسو – دانكوا، نائبة وزير الصحة في غانا: «إن مشروع الرباط فرصة للاستجابة بشكل مختلف. فعند وقوع وباء، أو كارثة طبيعية، أو أزمة نزوح في المستقبل، سنعرف الآن مع من سنتواصل، وكيف سنتبادل المعلومات، وكيف سنستجيب. وهكذا ننقذ الأرواح».
أما الدكتورة إلهام خريسات، أمين عام وزارة الصحة للشؤون الإدارية والمالية في الأردن، فأضافت قائلةً: «الأردن يعتبر أن مشروع الرباط يتعلق ببناء روابط موثوق بها عبر الحدود. وسواء كنا نواجه أزمات النزوح أم الفاشيات أم الآثار الصحية المترتبة على النزاعات، فإننا نحتاج إلى شبكة تتيح لنا البناء على تجاربنا وخبراتنا المشتركة من أجل استجابة وطنية وإقليمية أقوى. وهذا ما يقدمه هذا المشروع».
أما الدكتورة سها البيات، مديرة إدارة الطوارئ الصحية بوزارة الصحة العامة في قطر، فقالت: «إنني على يقين راسخ بأن مشروع الرباط يستكمل أولويات الاتفاق بشأن الجوائح، لا سيما فيما يتعلق بالتركيز على التضامن والشفافية والتعاون الذي يمكن التنبؤ به قبل الأزمات الصحية وأثناءها. ومن خلال إقامة روابط موثوق بها بين الأقران عبر الحدود، يمكن للشبكة الإقليمية الجديدة لقادة الطوارئ الصحية أن تساعدنا على تفعيل الالتزامات المقطوعة بموجب الاتفاق بشأن الجوائح على نحو أسرع وأكثر كفاءة».
ويقول الأستاذ الدكتور دوناتين موكاسا، كبير الموظفين بوزارة الصحة والسكان في جمهورية الكونغو: «إن مشروع الرباط يتسم بإيقاع عملي، ويرتكز على تجربة حقيقية. ففي الكونغو برازافيل، شهدنا كيف يمكن لفاشيات مثل الكوليرا أو جدري القردة أن تنتشر عبر الحدود، وكيف يمكن أن يكون لتأخير التنسيق تكلفة باهظة. ويساعد مشروع الرباط على ضمان أن تكون استجابتنا المشتركة أسرع إيقاعًا في المرة القادمة».
ويقول الدكتور عبد الكريم مزيان بلفقيه ، أمين عام وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المملكة المغربية: «سعى المغرب، باستضافته لهذا الاجتماع في الرباط، إلى توفير منصة يستطيع من خلالها القادة الصحيون من الإقليمَيْن التضامن معًا على قدم المساواة. فمشروع الرباط ليس نصًّا فحسب، بل هو عملية تسهل الحوار والتنسيق والتعلم المشترك. والمغرب ملتزم بالمساعدة على تهيئة الظروف لتأهُّب أقوى، بحيث تستجيب بلداننا مجتمعة، لا منفردة، لحالات الطوارئ حال حدوثها». وتناول الشركاء الدوليون هذه الرؤى أيضًا:
إذ قالت الدكتورة فاليري بيمو، نائبة مدير الطوارئ الصحية بمؤسسة غيتس: «يجب على البلدان في أفريقيا وشرق المتوسط أن تعمل معًا لحماية الأمن الصحي الوطني والإقليمي، وفي نهاية المطاف الأمن الصحي العالمي. ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا حين يتحاور القادة الصحيون مباشرة بعضهم مع بعض، ويبنون الثقة اللازمة للتصرف بسرعة وحسم في أوقات الأزمات. وتدعم مؤسسة غيتس شبكة قادة الطوارئ الصحية دعمًا كاملًا بوصفها خطوة حيوية نحو تحقيق هذا الهدف».
ويضع مشروع الرباط الشبكة الجديدة لقادة الطوارئ الصحية ضمن الهيكل العالمي للتأهب والاستجابة للطوارئ الصحية. فالشبكة مصممة لتعزيز عمل فريق الاستجابة للطوارئ الصحية العالمية، على نحو يضمن ارتباط بلدان أفريقيا وشرق المتوسط ارتباطًا مباشرًا بهذه الآلية الدولية الجديدة التي أنشئت لتلبية الاحتياجات المفاجئة، وكذلك غيرها من المنصات والشبكات الإقليمية والعالمية القائمة.
وستركز الخطوات التالية على مواصلة استعراض مشروع البيان وتنقيحه، مع مناقشة القادة الصحيين بالفعل لتنفيذ أنشطة التأهب المشتركة؛ مثل تبادل الأقران بغرض مشاركة الخبرات والدروس المستفادة عبر الحدود.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.