شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم،و دحض حجة المنبطحين

abdelaaziz6ساعة واحدة agoLast Update :
شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم،و دحض حجة المنبطحين

.بقلم: عزيز الدروش

لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قمةً في الشجاعة والرحمة والحكمة، لكنه لم يكن يومًا مثالًا للانهزام أو التواطؤ مع الظالمين. لقد واجه قريشًا، وناجز الكفار، وجابه الطغاة، وصدح بكلمة الحق دون خوف أو مداهنة. حمل الرسالة على كتفيه، ودفع ثمنها اضطهادًا وحصارًا ودماءً، لكنه لم يساوم على الحق، ولم يهادن الفساد، ولم يبتسم في وجه الاستبداد.

قال تعالى:

> الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا
الأحزاب: 39

 

واليوم، نرى من يدّعون أنهم ورثة مشروعه الإسلامي – ممن يسمّون أنفسهم أصحاب الإسلام السياسي – وقد باعوا هذا النهج في المزاد العلني، واختاروا الركوع أمام أنظمة فاسدة ومستبدة. وتحت شعارات مثل الواقعية السياسية أو درء المفاسد ، مدّوا أيديهم للفاسدين، وصمتوا على القهر، وأداروا ظهورهم للمظلومين.

بل التي هي أحسن .حتى لو كانت خيانة؟

لقد حوّل هؤلاء المنبطحون الآية الكريمة:

> ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
فصّلت: 34
إلى شعار للجبن السياسي والانبطاح الأيديولوجي. فهم اليوم يجلسون في حضن المستبد، يزينون وجهه القبيح بفتاوى الهدوء والحكمة و عدم التهييج، بينما يُسجن العلماء، وتُهدم بيوت المظلومين، وتُستباح الأعراض، ويُحاصر الأحرار.

 

هل هذه هي التي هي أحسن؟ هل كان النبي ﷺ ليجلس في بلاط فرعون، يبتسم له باسم مصلحة الأمة؟
هل كان ليسكت عن الظلم تحت دعوى “الاستقرار”؟

قال تعالى:

> فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
القلم: 8-9
فالنفاق ليس تديُّنًا، والمداهنة ليست حكمة، والتواطؤ مع الظالمين ليس فقه واقع، بل خيانة للحق والرسالة.

 

إسلام السوق: حيث يُباع كل شيء

لقد تحوّل الإسلام عند هؤلاء إلى منتج سياسي، يكيفونه حسب العرض والطلب. يرفعونه حين يخدم مصالحهم، ويخفونه حين يهدد مواقعهم ومقاعدهم. تخلوا عن فلسطين باسم الواقعية، وصمتوا عن سجن العلماء باسم تقدير المصلحة، وسوّقوا التطبيع مع الطغاة على أنه انفتاح ونضج سياسي.

> “إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ
البقرة: 159

 

إنهم لا يحملون مشروعًا إسلاميًا، بل مشروع بقائهم في السلطة بأي ثمن. وقد رأيناهم كيف هرولوا إلى التحالف مع العسكر، وركعوا لأنظمة القمع، وشاركوا في تزكية أنظمة الفساد، ثم حين أُقصوا من اللعبة السياسية، صرخوا: الشرعية!

السقوط الأخلاقي قبل السياسي

ما لا يدركه هؤلاء، أن الناس لم تعد تُخدع بلحى مصقولة، وأناشيد حماسية، وبرامج تلفزيونية رمضانية. الأمة باتت تميز بين من يحمل مشروع محمد ﷺ، ومن يعتاش على اسمه. السقوط الحقيقي لهؤلاء لم يكن يوم خسروا الحكم، بل حين خانوا المبدأ.

قال تعالى:

> أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ
البقرة: 85
إن الإسلام لا يحتاج إلى من يساوم عليه، بل إلى من يدافع عنه بصدق، كما كان النبي ﷺ، الذي وقف وحده، في وجه الجميع، وقال
والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته.

 

أما أنتم، يا أصحاب الإسلام السياس فقد وضعتم أيديكم في أيدي الشياطين، وبعتم دماء الشهداء في أسواق النخاسة السياسية، وتواريتم خلف مصطلحات براقة تخفي عجزكم، وجبنكم، وازدواجيتكم.

> وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ۖ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ
هود: 113

 

خاتمة هل من عودة؟

الطريق واضح لمن أراد العودة:
الصوت الحر، والموقف الصادق، والاصطفاف مع المظلومين، مهما كان الثمن. أما الاستمرار في هذا المسار المنبطح، فلن يجلب لكم إلا المزيد من الذل، والتاريخ لا يرحم.

> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ
المائدة: 8

 

عودوا إلى نهج محمد ﷺ، أو تنحّوا، فالأمة لا تحتاج مزيدًا من المتاجرين باسم الدين، بل تحتاج من يقول كلمة الحق في وجه سلطان جائر، كما أوصى رسول الله ﷺ.

: روي عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: أيها الناس من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليقومه، فقام له رجل وقال: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم اعوجاج عمر بسيفه؟ ألا يعتبر هذا دليلاً على جواز الخروج على الحاكم

*عزيز الدروش محلل وفاعل سياسي*


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading