عبد الرحيم هريوى
حينما توظف لغة الشعر في نصوصنا النثرية،كي نبلغ أحاسيسنا ومشاعرنا خاصة، عبر وصفنا البلاغي العميق، وحينما نحفر بلغتنا صلابة الصخر،وننقش حينذاك كلماتنا العذبة، كي تبقى صامدة في وجه الطبيعة وعبر كل التقلبات والتحولات في سيرورة الحياة وأحوال الإنسان..!
وكلما كانت صورة الآخر الجميلة حاضرة بقوة في دواخلنا وتعيش ككائن نحمله بين أضلعنا، كلما كان البوح ساحرا وبليغا،يخرج في صناعة شعرية جديدة، ونلمس فيه بعض الإبداع الشعري المدهش” بودلير ” الشاعر الجيد هو الذي يخلق الدهشة لدى القارئ،وذاك منبع الإبداع،وقد لا يحدث بالصدفة بل الشعر الحقيقي المتميز الذي نكتبه هو الذي نعيشه بين ظهرانينا.. وكأننا نتلمسه ونتلمس كينونته وحياته،ولا عجب ؛ إن نحن قرأنا بعد النصوص المكتوبة بالجسد بطريقة فلسفية ،إذ نسمع الأنين، والآهات،ونشم حتى الروائح المنبعثة من بين سطور النص المقروء، كما قالت الناقدة زهور كرام..لذلك هناك قولة باختين يقول فيها:
– ليس هناك نص بكر بل هناك دائما ٱمتداد لنص قبله،ولعل الشاعرة نعيمة معاوية في نصها هذا تحمل رسالة شعرية عميقة للآخر المتخيل، بكل جمالية لا تخلو من غزل ومدح وشوق واشتياق، من خلال إعطاء أكثر من صور شعرية ،تتأرجح بين الخيال والواقع ،لكنها تظل في إيقاعاتها أكثر ٱنجذابا للذاكرة الفردية التي تحمل أكثر من حدث وٱرتباط عاطفي، وشوق وحنين..
وتكبر تلك الصورة المتخيلة للآخر كلما تقدمت الشاعرة في كتابة نصها، مما يجعل القارئ مناصفة، يشاركها إحساسها ووجدانها القلبي واللاشعوري، وكله يتحكم فيه الأنا الشخصي، وكل ما هو مطمور، وقد حضرت لدى الشاعرة عن طريق لحظة الكتابة كي تبوح بحقيقة مشاعرها التي نقدر فيها ذلك ..!
ولعلها تكون قد اكتسبت طريقة من الطرق في تدوين جملتها الشعرية، في ضخ دم خاص في عروق شرايين نصها الشعري ، قد تتشارك فيه مع الآخر ،في نوع فصيلته،جعلها قريبة ما من رابطة تشدها للماضي وفي الحاضر ،وللصورة ،وللحظات حميمية ما زالت حية تحملها في أعماق كيانها ،وكل ذلك يساعدنا على البوح الرومنسي البليغ، وقد وظفت لذلك لغة شعرية ببلاغة في جانبها الاستعاري الصريح أكثر من شفافة عن صور كثيرة نبحث لها عن مكانها بين ثنايا سطور نصها الشعري ذاك ..!
ويتحفنا الشاعر سي محمد لقعة في تدوينة خاصة عن النص المستهدف عبر الفضاء الأزرق ..
الشاعرة نعيمة معاوية تحرص دوما في تعاملها مع اللغة الشعرية على اعتصار اللفظة المركزة في التعبير، وهذا الأسلوب هو الأقرب إلى روح الشعر. ويحتاج – الداخل إلى قصائد الشاعرة – إلى جرعة وقائية تحسبا إلى أي مضاعفات قد تسببها المنعطفات اللغوية والتعبيرية والجمالية والطاقة اللغوية التي تنم عن وعي شعري، موائم لصفاء نداء الفائقة. نعيمة معاوية كشاعرة متمرسة ، تعرف أين تضع الكلمة في عملها الشعري، بل تشبه الإسكافي الذي يبحث عن مكان محدد من الحذاء ليدق المسمار.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.