قراءة الكف نتاج طبيعي لخوف الإنسان الأزلي ، الذي جعله يبحث في عالم الغيب محاولا التكهن بالمستقبل وتوقع الإحتمالات القادمة التي تُظهر له صورة المستقبل ، الذي يرغبه معلوما من قبله لأنّه يخشى مواجهة المجهول الذي يتربص به ،فهو في حالة قلق دائم من الغد ، لذلك يتمنى بقرارة نفسه أن يجد وسيلة يَكشف بها الحجاب عن مستقبله فيتجنب المهالك الآتية ،التي قد تكون من مفاجآت الحياة ،هذا البحث عميق الوجود يعود الى بداية وعي الإنسان أن الغموض يلف مستقبله، لذلك يجتهد ليجمع الاشارات من حوله ومن أحلامه ومن احساسه ، ليكون اثباتا يقتل شكه ويحي يقينه بأن القادم من عمره أجمل وأهدأ وأكثر أمانا ،هو يبحث عن الأمان ويخشى الموت المفاجىء وينتظر الحبيب الساحر، الذي يغير مسار قلبه ويزرع السعادة في أيامه ،ومن قراءة الفنجان الى وشوشة الودع وفتح الورق وقراءة الكف ،يبحثون عن الشيطان في أيديهم وأحلامهم بمحاولة للهروب والنجاة من ظلمات الخوف ونتائجها المبهمة وقد كان لقراءة الكف وما يزال مريديها الذين يتبعون خطوط اليد ويبحثون فيها عن خط الحب والرزق والزواج والأولاد والحياة والموت. ظهرت قراءة الكف لأول مرة في الهند، ثم عبرت الحدود الى الصين ومنها الى مصر فاليونان القديمة، والطريف أنّها في كل حضارة كانت تكتسب ملامحا خاصة، تتناسب وطبيعة الشعب وأشكال أجسادهم، وقد كتب “فيثاغورس” عالم الرياضيات الشهير كتابا سماه “سيماء الوجه وقراءة الكف” يُرجع فيه تاريخ قراءة الكف الى 2500 سنة قبل الميلاد، وما يعزر هذا الرأي ان ممارسة قراءة الكف وجدت في الكتب السامية المبكرة، وكتب عنها ارسطو (384 ـ 322) قبل الميلاد في حواراته الفلسفية. يعد أنجاويدا هو أقدم توثيق مكتوب يلقي الضوء على هذه الممارسة في الهند، كما عرفها اليونانيون و الرومان و أسموها (قحافة اليد)، ولقد قامت الكنيسة الكاثولوكية بتحريم قراءة الكف واعتبرتها” قراءة الشيطان” وكان مصيرمن يمارس هذا النوع أو من يهتم به الموت دون رحمة .ومع توافد الغجر على أروبا في العصور الوسطى انتشرت طرق قراءة الكف بشكل كبير، و كذلك في عصر النهضة، ولقد أعاد الدكتور “كارل كارلوس” مجد قراءة الكف في القرن التاسع عشر حيث ربط بين خطوط الكف والشخصية .تعتبر قراءة الكف قراءة للحياة ومقومات الشخصية .للكف خطوط لها دلالات وهي ثلاثة خطوط كبرى، فضلا عن تفرعات، وربما خطوط واضحة أخرى لكلّ منها دلالة معينة في قراءة الكف،خط القلب، والخط الرئيس، وخط الحياة ” وعلى العرافين فهم هذه الخطوط وما تشير اليها في كتب الأولين ليتمكنوا من السيطرة على من يلجأ اليهم. من المؤكد بحسب الإحصائيات ان النساء هن الأكثر بحثا عن المجهول وزيارة العرافات بحثا عن حلول ما ورائية سحرية تقلب معادلاتهن الحياتية وتبدل بؤسهن بفرح ورغد،وهن يبررن ذلك بأنهن لا يصدقن ذلك بل فضولهن يدفع بهن نحو هذه الطريق التي تؤكد كل الأديان السماوية على تحريمها وتعد مرتكبيها بحساب عسير في يوم الدين. لكن كلّ هذا لا يمنع الناس من البحث عن كلّ الوسائل التي تكشف المستقبل هذا من الناحية الدينية، أما العلم فلا يقبل بهذا ويعتبره خرافة بحتة وان المستقبل هو حصاد الحاضر وان المعادلة واضحة واحد زائد واحد يساوي اثنين وهنا يتفق العلم والدين على دحض هذه الخرافات ولكن هذا لا يعني ابدا ان ليس هناك كثر يجتهدون ليؤكدوا ان قراءة الكف علم وليس خرافة…
رندة صادق
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.