عرف تشغيل الأطفال بأنه كل شكل من أشكال النشاط الاقتصادي الذي يمارسه الاطفال والذي يحرمهم من كرامتهم ويعمل على تغيير نموهم الطبيعي والجسدي والنفسي ويرثا عمل الأطفال في جميع الأزمنة أساسا بفقر الأسر فبعض الآباء يدفعون أبنائهم إلى العمل من اجل تحسين أوضاعهم الاجتماعية وتوفير متطلبات وحاجات الأسرة هذه الظاهرة تعمل على زلزلة المقومات الأساسية التي ينبغي لكل طفل أن يتمتع بها، من اجل البنيان والنماء المتكامل، بصورة ايجابية .
و لعلنا في غنى عن القول أو الاستفاضة حيال مدى خطورة جرائم تشغيل واستغلال الأطفال على المنظومتين الاجتماعية والاقتصادية في غياب تام لدور الحكومة والاجهزة المسؤولة عن مكافحة ومحاربة الظواهر الشائكة .هذا الشلل الذي يصيب كفاح الحكومة ساهم في انتشار البطالة وانعدام فرص العمل و تشجيع الاسر على البحث عن مداخل جديدة من خلال اشتغال الاطفال لساعات طويلة للحصول على لقمة العيش ومساعدة اسرهم المهمشة والفقيرة .
إن الحكم على الظاهرة بالتقلص أو الارتفاع فيه نوع من الاختزال نظرا للسرية التي تحيط بها. إذ تحجب هذه السرية إمكانية الحصول على أرقام دقيقة تعبر عن حجم الظاهرة.
وفي ذات السياق احتفل بلدنا ومعه باقي دول العالم يوم الامس 12 يونيو باليوم العالمي لمكافحة تشغيل وهي مناسبة أعلنت فيها مندوبية التخطيط عن معطيات البحث الوطني حول التشغيل لسنة 2020.
وأكدت الأخيرة في مذكرة لها أن عدد الأطفال النشيطين المشتغلين الذين تتراوح أعمارهم ما بين7 وأقل من 17 سنة، بلغ 147 ألف طفل، مسجلا تراجعا بـ 26,5% مقارنة مع سنة 2019. في هذا الصدد فان الوحدات الإنتاجية المغربية تعمل على استقطاب الأطفال دون سن الخامسة عشرة، سعيا منها إلى الربح السريع وبأقل تكلفة خاصة وحدات صناعة التعليب والقطاع الفلاحي والمهن اليدوية وكذلك البيوت التي تشغل الخادمات بدون اي ضمانات او حقوق.
هذا من جهة من جهة اخرى لم يكن لآفة التشغيل أن تحظى بكل هذا الزخم من الاهتمام وتسلط عليها الأضواء بالقدر الكبير، لولا ما عرفته بلادنا من تضاعف معدل الفقر، تزايد أعداد المشغلين للاطفال و ارتفاع نسبة البطالة وتدهور الفوارق الاجتماعية خاصة في ظل أزمة كوفيد 19.
فما لا ينبغي أن يغيب عن أذهان الكثير من ذوي النيات الحسنة الذين ترق قلوبهم لتلك المشاهد المأساوية التي يكون عليها الأطفال هو أن هناك عددا كبيرا من ارباب العمل يستعملون الاطفال كحيل للتأثير على الناس في غياب تام لابسط الحقوق .
في هذا الصدى يمكن القول أن انتشار هذه الظاهرة واستفاحالها يعود بالاساس الى غياب المواكبة المعرفية والتقنية لحجم الظاهرة بحيث أصبح الكل مطالب بالانخراط في محاربة ظاهرة تشغيل الاطفال من خلال تبني سياسة عمومية وتنموية ناجعة تعمل على اشراك جهود جميع الفاعلين المعنيين من أجهزة حكومية ،اعلام ،محيط مدرسي ،وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني التي تسهر على انقاذ الاطفال الضحايا الذي لا يجوز تحت اي مسوغ حرمانهم من حقوقهم في التمدرس واللعب والعيش الكريم بدل الزج بهم في عرض الطرقات تحت حرارة الشمس وقسوة البرد وتهاطل الامطار وتشغليهم في انشطة غير قانونية ولا أخلاقية من اجل كسب المال لضمان بقائهم وبقاء اسرهم على قيد الحياة
احلام بوزيد
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.