تكييف قضائي يثير النقاش في ملف مكالمات تهديد وتحريض بأكادير

Boufdam Brahim13 يونيو 2025Last Update :
تكييف قضائي يثير النقاش في ملف مكالمات تهديد وتحريض بأكادير

 

في سابقة مثيرة للانتباه، ينتظر أن تنظر إحدى جلسات قضاء القرب بالمحكمة الابتدائية بأكادير في قضية تتعلق بمكالمات وتَصابية تضمّنَت عبارات تهديد وتحريض وسب وقذف، رغم ما تحمله الوقائع من مؤشرات جنحية تستدعي، وفق عدد من المهتمين، تكييفًا قانونيًا يتناسب مع طبيعتها وخطورتها.

الملف الذي يرتقب أن يعرض بتاريخ 16 يونيو 2025، يتضمن تسجيلات صوتية موثقة بمحضر مفوض قضائي، تُظهر تبادل مكالمات عبر تطبيق “واتساب”، تتضمن عبارات سب علني وقدف وطعن في الشرف وتحريض على الإدلاء بشهادة الزور و تهديد صريح بالقتل المشروط، كما يتوفر الملف على إشهادات مكتوبة وشهادة طبية تصل 90 يوما تُوثق الأثر النفسي الذي خلّفته هذه الأفعال في نفس المتضرر.

ورغم هذا المعطى، تم تكييف الوقائع على أنها مجرد “مخالفة”، وإحالتها تبعًا لذلك على قضاء القرب، وهو ما أثار تساؤلات عدة في الأوساط القانونية والحقوقية حول مدى ملاءمة هذا التكييف مع مقتضيات القانون الجنائي المغربي، الذي يُصنّف أفعال السب والقذف، والتهديد بالقتل، والتحريض على شهادة الزور ضمن الجنح التي تُحال على المحكمة الزجرية المختصة، وتستوجب متابعة وفقًا لفصول واضحة ومعروفة.

وقد استند بعض المتابعين للملف إلى اجتهادات قضائية سابقة تؤكد أن الوقائع التي تمس الكرامة والاعتبار الشخصي لا تُعد من المخالفات البسيطة، بل تندرج في خانة الأفعال الجنحية التي تستدعي المتابعة الزجرية. من بين هذه القضايا، القضية التي تقدم بها وزير العدل عبد اللطيف وهبي ضد الصحافي حميد المهداوي، والتي تم تكييفها كجنحة رغم اقتصارها على وقائع السب والقذف فقط، دون أن تشمل تهديدًا أو تحريضًا كما هو الحال في ملف أكادير.

ويرى البعض أن التكييف القانوني يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ليس فقط طبيعة الألفاظ المستعملة، بل أيضًا السياق العام الذي ارتكبت فيه الأفعال، ومدى توثيقها قانونيًا، والأثر النفسي والاجتماعي الذي تخلفه لدى الضحية، خاصة في ظل تزايد الاستعمال المفرط لتطبيقات المراسلة الفورية كوسيلة لتصفية الحسابات أو ممارسة الضغط النفسي.

ويأمل المهتمون بالشأن القضائي أن يعاد النظر في هذا التكييف، انسجامًا مع مقتضيات العدالة وحرصًا على ضمان محاكمة عادلة أمام محكمة مختصة نوعيًا، دون أن يُفهم من ذلك أي تشكيك في حسن نية الجهات القضائية المكلفة بالبت، وإنما دعوة إلى التريث في تقدير الوقائع ومراعاة مستجدات الأفعال المرتكبة بوسائل تواصل حديثة لم تكن مألوفة زمن صياغة بعض النصوص القانونية الحالية.

في النهاية، يظل النقاش مفتوحًا حول ضرورة ملاءمة التكييفات القضائية لطبيعة الأفعال وتطور وسائل ارتكابها، بما يضمن الحماية القانونية اللازمة للمتضررين ويعزز ثقة المواطنين في منظومة العدالة.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading