تحل علينا اليوم، الدورة 28 للقمة العربية في “البحر الميت “الأردن.ليطرح السؤال الأكبر ماذا حققت هذه الفكرة؟
-الفكرة العربية
في البداية، ” الفكرة العربية” كان أهم بوادرها وأفكارها سنة 1913 ،في مبادرة من مصر وتحديدا في مؤتمر “باريس”.
حيث كان العرب يسعون إلى التحرر من الإمبراطورية العثمانية ،وخلق تكتل “قومي” ،وهو ماثمنه البريطانيون ،وذالك لكسر شوكة “الرجل المريض”.
. لتقوم بعد ذلك، الحرب العالمية الأولى ،ومانتج عنها من تفكك للإمبراطورية العثمانية ،وتنفيذ مشروع “سايس بيكو”، ودخول الدول العربية فترة الإستعمار الأجنبي .وبعد ذلك، حلت الحرب العالمية الثانية سنة 1939 و وقوف العرب إلى جانب الحلفاء “بريطانيا،فرنسا” ضد دول المركز “ألمانيا إيطاليا” .
حيث قام الوزير الخارجية البريطاني “أنتوني ايدن ” انذاك، بطرح فكرة إنشاء كيان سياسي عربي ،وكان الهدف منه إستمالة العرب أكثر من أجل مساعدة الحلفاء في هزيمة” النازية و الفاشية”. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية 1945،ظهرت فكرة التكتل العربي إلى العلن ،وذلك من خلال عدة تكتلات صغيرة ثنائية.
إلا أنه بعد ذلك، تم إنشاء تكتل عربي يحمل إسم”الجامعة العربية”،عبر إتفاق بين زعماء سبعة دول وهي، مصر،مملكة العراق، سوريا ،الأردن،لبنان،اليمن.
منذ تلك اللحظة، أصبح للعرب كيان سياسي_حضاري مشترك معترف به دوليا ،يهدف إلى التعاون في شتى المجالات،ويطمح إلى مساعدة الدول العربية من أجل التحرر و الإستقلال. وتحقق بالفعل عندما أشرقت شمس الإستقلال، في سماء جل الدول العربية وإنعتاقها من المستعمر،حيث أضحت الجامعة العربية تضم 22 بلدا عربيا.لكن هذا التكتل القومي لم يكتب له الإستمرار كما كان يحلم صناعه
–الصراع العربي- الإسرائيلي
بعد أن ظن العرب أنهم يمتلكون محيطا عربيا ذا تكتل يحفظ لهم سيادتهم ،من المحيط إلى الخليج ،إذا بهم يفاجئون بزيف وعود الدولة التي باعتهم وهم تحقيق كيان سياسي يحفظ ثقافتهم وحضارتهم من التشرذم و الإنقسام،بل كما وعدتهم بالتأسيس،وعدت طرفا آخر بإغتصاب أرض للعرب، وإحتلالها وأن يكون حارسا قويا بين المحيط و الخليج، و هذا الطرف طبعا هو “إسرائيل ” الذي دخل المنطقة العربية ،من خلال وعد “بفور” ،واحتل بذلك الأرض الفلسطينية سنة “1948”.
هذا الكيان، الذي دخل بين الدول العربية ،سيكون هو البوابة الرئيسية من أجل توحد رؤية
العرب، في سبيل كسره وإرجاع الأرض إلى أهلها،وهذا ماسارت عليه الجامعة العربية منذ سنواتها الأولى،من خلال دعمها ومساندتها في عدة حروب خاذتها ضد “إسرائيل” كان أبرزها سنة 1956″الإعتداء الثلاثي” و حرب يونيو 1967و حرب أكتوبر1973 “سلاح النفط”.
فأصبح الصراع عربيا -إسرائيليا،وقد كانت جميع قرارات ونقاشات القمم العربية في سنواتها الأولى، تصب في ذلك ،وتنص على خروج المحتل من الأرض المقدسة كاملة. لكن ” الحلم العربي” ما لبث وأن تغيرت ملامحه ،من خلال عدة عوامل خارجية وداخلية ،كان أبرزها داخليا هو إنقسام الرؤى العربية إتجاه الصراع العربي -الإسرائيلي.وأصبحت حدود فلسطين تتمثل في 1967، والإعتراف بأحقية الكيان الصهيوني أمسى مباحا ،من خلال إقامة إتفاقيات لسلام بداية من مصر “السادات”إتفاقية “كامب ديفيد “،و إتفاق “عرفات”في إتفاقية “أوسلو”.
مما جعل الصراع العربي -الإسرائيلي ،ينحصر في خانة ضيقة ،وبالتالي مواجهة الفلسطنيين لكابوس مصيرهم دون أية مساعدة، دون أن ننسى العامل الخارجي، الذي قسم الوطن العربي إلى دول تابعة للمحور الغربي ،وأخرى تابعة للمعسكر الشرقي. من هنا تلاشت الرؤية العربية و تبدد معها الدور المأمول من الجامعة العربية.
ـالصراع العربي- العربي
إذا، كما سبق وذكرنا. فبعد أن كان الصراع العربي -الإسرائيلي، هو الشاغل الأكبر ،للمنظومة العربية ،تغير ذلك ،ليصبح الإشكال بينيا بحتا.
من خلال تنازلات و صراعات عدة ، بداية من “التطبيع”، الذي قامت به مجموعة من الدول مع “الكيان الجديد” .مرورا إلى النزاعات العربية -العربية، والتي كان أبرزها ،إحتلال العراق للكويت ،مما ولد أزمة عربية -عربية ،دامت لعدة سنوات ،بل تعدت ذلك، لتؤثر على إجتماعات القمة العربية ،إلى جانب التأثير الغربي الذي قسم النظرة العربية، وجعلها بعيدة كل البعد عن التكتل الذي يحمي قرارات و طموحات الشعوب العربية.والدخول في دوامة للنزاعات العرقية، و الطائفية لإسقاط أنظمتها.
ويعتبر سقوط نظام صدام، هو أيضا أحد الأوجه ،التي ساهمت في تقسيم الرؤية العربية ،لاسيما وأن عدة دول عربية كانت لها أيادي خفية ،إما عبر مد القوى العظمى “أمريكا” بالمال أو من خلال فتح مجالها لإحتلال العراق .
ختاما ،يتضح لنا أن فكرة “الكيان العربي الواحد” تم قتلها دون أن تأتي بثمارها .فالطموح الذي جعل من الدول العربية كتلة واحدة لها نفس المصير ،قد سقط من أعلى جبل ،ونحن نرى اليوم أن جل القمم العربية كان هدفها هو إنجاح “القمة” من حيث الشكل فقط ،وإخراج قراراتها بغية إصلاح العلاقات بين الدول العربية أنفسها،بعد أن كانت الفكرة أعظم من ذلك ،وهي محاربة إسرائيل و إرجاع الحق إلى أهله . بل تطور الأمر إلى حبك الخطط السياسية لإسقاط بعض الأنظمة العربية
بقلم :احمدبابا هل عبيدالله
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.