قدمت مجموعة الوحدة لدكاترة الأقاليم الجنوبية مشاركة نوعية خلال الأيام التشاورية المنظمة بمختلف جهات الجنوب، مبرزة أن النخبة الصحراوية تمتلك قدرة فكرية ومسؤولية وطنية تجعلها طرفا أساسيا في كل نقاش يرتبط بالتنمية، والعدالة المجالية، وموقع الإنسان في السياسات العمومية. وقد شكلت مشاركتهم رسالة ذات مستويين: رسالة إلى الخارج تؤكد انخراط أبناء الصحراء المغربية في كل المبادرات الوطنية، ورسالة إلى الداخل تدعو المؤسسات والهيئات والجهات إلى التقاط الإشارة والإنصات إلى نخبة علمية راكمت تكوينا رصينا، وتستحق أن تكون جزءا من صنع القرار الترابي والوطني.
مداخلات دكاترة مجموعة الوحدة للأقاليم الجنوبية انطلقت من واقع اجتماعي واقتصادي دقيق، حيث شددوا على أن ملف التشغيل والتوظيف لم يعد يحتمل التأجيل، وأن الزمن لا ينتظر برامج ستفتح للنقاش اليوم وتحتاج خمس سنوات أو أكثر لتتحول إلى إجراءات عملية، مؤكدين أن أي سياسة تنموية لا تعترف بالكفاءات المحلية ولا تفتح أمامها مسارات الإدماج الفوري، ستظل سياسة منقوصة وغير قادرة على مواكبة التحولات التي تعرفها الأقاليم الجنوبية. لذلك دعوا المسؤولين والمتدخلين إلى التحرك العاجل لفتح ملفهم وإيجاد حلول واقعية، بعيدا عن التسويف وانتظار دورات ميزانيات طويلة قد تضيع معها أعمار أجيال من الباحثين والدكاترة.
وفي هذا السياق، ذكرت المجموعة بالمضامين القوية للخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس نصره الله بعد صدور القرار التاريخي لمجلس الأمن الداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، حيث جاء في الخطاب قول جلالته نصره الله:
“ولا يسعنا هنا، إلا أن نعبر عن اعتزازنا وتقديرنا لكل رعايانا الأوفياء، لاسيما سكان أقاليمنا الجنوبية الذين أكدوا على الدوام، تشبثهم بمقدسات الأمة وبالوحدة الوطنية والترابية للبلاد.”
وتقف هذه الكلمات الملكية شاهدة على مكانة سكان الأقاليم الجنوبية في المشروع الوطني الكبير، وتؤكد عمق الثقة التي يوليها جلالة الملك لأبناء الصحراء المغربية، ومن هذا المنطلق، تطرح مجموعة الوحدة سؤالا مشروعا:
إذا كان صاحب الجلالة نصره الله ملك البلاد قد عبر بكل وضوح عن اعتزازه وتقديره لسكان الأقاليم الجنوبية، فمتى سيترجم المسؤولون والمؤسسات الوطنية هذا الاعتزاز إلى سياسات تشغيل فعلية تنصف دكاترة الأقاليم الجنوبية وتعيد لهم مكانتهم المستحقة؟
وقد شدد أعضاء المجموعة على أن مفهوم العدالة المعرفية يجب أن يتجسد في سياسات توظيف تستثمر الكفاءات المحلية بدلا من تهميشها. كما دعوا إلى إصلاح منظومة الإدماج المهني عبر توفير جامعة مستقلة، ومراكز بحثية جهوية، وبرامج تشغيل موجهة للدكاترة، وإعادة الاعتبار لمسارهم العلمي الذي أطرته نخبة من أساتذة المغرب وتبنته وزارة التعليم العالي عبر تكوينات معتمدة وذات جودة.
كما نبه المتدخلون إلى أن استمرار تأجيل الحلول يعمق ظواهر البطالة والهجرة غير النظامية، ويغذي شعورا بالغبن لدى دكاترة الأقاليم الجنوبية بالأضافة إلى لامبالاة المؤسسات الرسمية والمسؤولين تجاه هذه الفئة. وأكدوا أن غياب قطاع خاص قوي، وتراجع فرص التوظيف في الجنوب وفي مدن الشمال على السواء، يجعلان وضعية الدكاترة المعطلين أكثر هشاشة، ويعزز غياب تكافئ الفرص رغم مؤهلاتهم العالية وقدرتهم على دعم برامج التنمية الترابية.
مشاركة مجموعة الوحدة لدكاترة الأقاليم الجنوبية تبرز أن ملف التشغيل في الصحراء المغربية لا يمكن فصله عن مسار تثمين الرأس المال البشري، الذي يشكل ركيزة أساسية في النموذج التنموي الجديد، كما توضح أن اللحظة الوطنية التي تعيشها المملكة بعد ترسيخ الاعتراف الدولي بمشروع الحكم الذاتي تفرض فتح مسارات إدماج عاجلة للكفاءات الصحراوية، لأن الرهانات اليوم أكبر من أن تترك معلقة أو مؤجلة.
وفي النهاية، تبعث مجموعة الوحدة رسالة واضحة:
تنمية الجنوب المغربي تبدأ بالإنصات إلى نخبه العلمية، والاعتراف بدكاترته، وفتح باب التوظيف أمامهم بكرامة واستحقاق، حتى يواصلوا دورهم في الدفاع عن الوطن وبناء مستقبله كما أراد جلالة الملك نصره الله.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



