ورزازات تستغيث: زلزال كشف هشاشة التعليم وصمتٌ 

abdelaaziz6ساعة واحدة agoLast Update :
ورزازات تستغيث: زلزال كشف هشاشة التعليم وصمتٌ 

بقلم : مراسل الجريدة ( عزيز اليوبي) .

 

لم يكن زلزال ورزازات مجرد ارتجاج في الأرض، بل كان ارتجاجًا في الضمائر. بين ليلة وضحاها، تحولت الكلية المتعددة التخصصات إلى مبنى يكسوه الخوف: جدران متشققة، قاعات مهددة بالسقوط، وأروقة فقدت إحساس الأمان الذي يجب أن يكون أساس كل مؤسسة تعليمية.

لكن ما هو أخطر من الزلزال نفسه هو الصمت الذي تلاه. ذلك الصمت الذي يجعلنا نتساءل: هل حياة الطلبة والأساتذة رخيصة إلى هذا الحد؟ أليس من واجب الدولة، التي تعتبر التعليم ركيزة أساسية للتنمية، أن تتحرك بسرعة لتأمين فضاء دراسي آمن؟

إن ما يحدث اليوم في الكلية المتعددة التخصصات بورزازات هو صورة مصغرة لواقعٍ أكبر من الإهمال والتفاوت المجالي. ففي الوقت الذي تُرمَّم فيه مؤسسات في مدن كبرى بأحدث التجهيزات، تُترك مؤسسات الهامش لتواجه مصيرها وحدها، وكأنها خارج خريطة الاهتمام.

طلبة ورزازات لا يطلبون امتيازات، ولا يسعون وراء مطالب تعجيزية؛ إنهم فقط يريدون أن يدرسوا دون خوف، أن يدخلوا قاعاتهم دون أن يرفعوا رؤوسهم إلى السقف كل بضع دقائق خشية أن يسقط فوقهم. التعليم ليس رفاهية، بل حقٌّ أصيل لا يمكن المساومة عليه.

لقد أثبتت الكارثة أن البنية التحتية للتعليم في المناطق النائية هشةٌ إلى حدٍّ خطير، وأن التخطيط الاستباقي غائب تمامًا. ما نراه اليوم هو إدارة أزمات لا وقاية منها.

من المسؤول؟ وأين لجان التفقد والمراقبة؟ أين وزارة التعليم العالي؟ وأين صوت الجهات المنتخبة التي تمثل الإقليم؟

ورزازات، المدينة التي عُرفت عالميًا بسحرها السينمائي وثقافتها الغنية، لا يمكن أن تُختزل في صورٍ سياحية جميلة بينما أبناؤها يدرسون بين الشقوق والأنقاض. إنها مدينة حية، تستحق حياةً تعليمية تليق بتاريخها وأهلها.

إننا لا نكتب هذا المقال بحثًا عن تعاطف، بل عن تحرك مسؤول وسريع.

تحرك يُعيد الثقة في المؤسسات، ويُثبت أن الدولة لا تفرّق بين مركزٍ وهامش، وأن التعليم في المغرب حقٌّ متساوٍ للجميع.

 

ورزازات اليوم لا تحتاج وعودًا مؤجلة، بل تحتاج قراراتٍ عاجلة، ومشاريع ترميمٍ فورية، وإعادة نظرٍ شاملة في سياسات التعليم العالي بالمناطق المتضررة. فالكارثة لا تُقاس فقط بما خلّفته من تصدعات في الجدران، بل بما خلّفته من تصدعات في الإحساس بالعدالة والإنصاف.

نختمها بنداءٍ من القلب:

أنقذوا كلية ورزازات… قبل أن تصبح قصة جديدة في أرشيف الإهمال.

فالتعليم لا يُبنى على الخوف، ولا تُصنع المعرفة في ظل التهديد، بل في ظل الكرامة والأمان.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading