حنان رحاب تكتب : الفوضى القانونية الإلكترونية باسم حرية التعبير

رحال الانصاريساعة واحدة agoLast Update :
حنان رحاب تكتب : الفوضى القانونية الإلكترونية باسم حرية التعبير

ماذا لو عدنا سنوات للوراء، وبالضبط للحظة التي طرحت فيها الحكومة السابقة مشروع القانون 22.20، الخاص بتقنين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات البث المفتوح، وقمنا بنقد ذاتي، للطريقة التي تصدينا بها لمشروع القانون هذا، مما دفع الحكومة لسحبه؟

ألم يكن يجدر أن يكون ترافعنا أكثر عقلانية؟، وعوض استهداف الوزير بنعبد القادر الذي قدم المشروع باعتباره وزيرا للعدل، ورفضها جملة وتفصيلا، كان الأفيد أن نضغط في اتجاه تجويد فصوله وفقراته، والاكتفاء برفض المواد التي يمكن أن تشكل تهديدا لحرية التدوين، مع المطالبة بالصرامة مع كل الجرائم الإلكترونية التي تستهدف الأعراض، والحياة الخاصة للناس، وتنشر الأكاذيب بهدف الاغتيال الرمزي لمواطنات ومواطنين، وتمارس الابتزاز والتهديد.

أعتقد، أنه لو طرح مثل مشروع القانون السابق اليوم، لما واجه ممانعة كبيرة، كما وقع قبل أربع سنوات، ذلك أن ما تقذف به يوميا منصات بث الفيديوهات (اليوتيوب/ تيك توك أساسا)، من مواد حافلة بالتمييز والوصم، وتقتات على نهش الأعراض، وتوظيف الكلمات الساقطة ذات الإيحاءات الجنسية المبتذلة، جعل المواطنات والمواطنين يخشون أن تطولهم عدوى هذه الغارات الإلكترونية، التي لم تترك مواطنا بسيطا أو مسؤولا إلا وطالته.

لقد أصبحت هذه « الحالات ” الضارة خطرا على المجتمع ، وعامل هدم للأسرة والسياسة، وعنصر تلغيم للفن والرياضة، وغيرهما من مجالات بناء الذات الجماعية.

إنها حرب إبادة للقيم والأخلاق والسلوك المدني.

ولا نقصد فقط، ما يعرف ب”روتيني اليوم”، أو مناكفات ما يسمى ب”المؤثرين والمؤثرات”، ومشاهد العري الراقص الرخيص ، وفيديوهات التسول بالجسد والأبناء..، بل كذلك (وربما أخطر من ذلك) ما يقوم به البعض من محاولات لتتفيه المجتمع، لتصريف الأحقاد، ، وممارسة الابتزاز والتشهير و نشر الاخبار الكاذبة والإشاعات، فيعمدون لبث فيديوهات حافلة بالسب والتشهير والوصم و…

لقد عملت الكثير من الدول على تحيين قوانينها، انسجاما مع هذه التطورات الرقمية، دفاعا عن حرية الافراد، وصونا لكرامتهم، ودفاعا كذلك عن حقوق المجتمع والدولة، فمنها من فرضت تضريب الإشهار على الشركات الكبرى مثل غوغل وميتا، ومنها من عملت على تضريب المداخيل المتأتية من هذه الوسائط (الأدسنس)، بل وأقامت قواعد لمراقبة مدى صحة البيانات المقدمة، وأخرى اعتبرت صناعة المحتوى مهنة تتطلب ترخيصا من أجل تنظيمها، وحددت لائحة ما يمنع بثه ( استغلال القاصرات/ بث الكراهية/ منع التسول الإلكتروني .. ).

وأعتقد انه يجب أن نتحلى بالشجاعة الأدبية، للمطالبة بفتح نقاش حقيقي، يفضي إلى تحيين القوانين، بما يعزز الدفاع عن حرية التدوين والرأي، ويحاصر كل جرائم التشهير والتمييز والوصم ونشر الاخبار الكاذبة والإشاعات ، ويمنع أي دعوة للعنف أو الاعتداء اللفظي والجسدي، أو مجاهرة بالدعارة أو أي نوع من الجرائم المخلة بالحياء العام.

كما يجب التحيين الشامل لقوانين الصحافة والنشر، لتفرض إلزامية التصريح بالمنصات الاجتماعية للمواقع الالكترونية والصحافيين وعائدات الأدسنس والإشهار عبر منصات التواصل الاجتماعي وبث الفيديوهات، مع تضريبها، لتكون منظمة بمواد قانون الصحافة والنشر .


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading