رغم مجموعة من الملاحظات والتحفظات إزاء تنظيم مهرجان الزربية الوراينية بتاهلة ، من طرف المجتمع المدني خصوصا منهم الذين لديهم تجربة سابقة في تنظيم أمثال هذه المهرجانات على المستوين المحلي والوطني ، وعدم إشراك قبائل أخرى لديها لمسة خاصة في نسج الزربية على مستوى قبائل آيت سغروشن ، يبقى تنزيل فعاليات هذا المهرجان في نسخته الأولى نقطة ضوأ بإمكانها أن تنير الطريق لفتح المجال أمام كل الطاقات المهتمة بالموروث الثقافي للمنطقة ، على اعتبار أن النسيج القبلي في تاهلة يتشكل من مجموعات كبيرة من القبائل تصاهرت واندمجت في مجتمعها المحلي منذ عقود من الزمن .
عرس الزربية الوراينية في دورته الأولى يحلينا إلى النبش في معطيات غاية في الأهمية ، ويدخلنا في تناقض صارخ بين واقع الإحتفال الذي لا ينكر أهدافه ومراميه إلا جاحد ، وبين القطيعة مع هذا الموروث الثقافي التقليدي ، الذي تتميز به قبائل بني وراين من خلال إغلاق النواة الحرفية التي كانت تنسج فيه الزربية من طرف نساء لهم دراية كافية بكيفية استعمال الألوان وخيوط النسيج و الرسوم المعبرة وتصاميم هندسية فريدة ، التي تحيلنا على الثقافة الوراينية في أعلى مستوياتها ، واستغلاله بعد تأهيله وإصلاحه في تكوينات أخرى تستهدف المرأة على مستوى باشوية تاهلة فقط ، اعتقادا منهم أن الزربية المنسوجة بأيادي صانعات بارعات لم تعطي نتيجة مرجوة ، دون وضع السؤال قبل عملية الإغلاق ” (ما هو السبب الكامن وراء عدم انتشار الزريبة التقليدية المحلية التي كانت تنافس مثيلاتها على المستوى الوطني ، وما هو السبب في عدم تسويقها بالشكل الذي يعيد لها مكانتها ضمن أحسن الزربيات )
ماذا بعد توشيح الزربية الوراينية الحبيسة بين جدران بيوت الصانعات ولمعلمات ضمن فعاليات المهرجان بعد انتهاء مراسيم الحفل ، كيف سيتم الإحتفاظ بهذا الموروث وتصديره وتسجيله بشكل رسمي ضمن لائحة وزارة الثقافة والإعلام ( دون مداهنة وجبر الخواطر ) ولماذا لم تدمج معه الزربية السغروشنية الموسومة بخليط من الثقافات ، وتفردها على مستوى الحياكة والنسج وتنوع الألوان والتصاميم ، هذا إذا علمنا أن قبائل آيت سغروشن لهم هوية ثقافية مميزة و ارتباط وثيق بالأرض والتقاليد والعادات والمحافظة على موروثهم الثقافي من خلال تمسكهم بالزي التقليدي الذي يتميز بألوانه الزاهية ورقصات أحيدوس التي تتقارب في شكلها الظاهر مع أحيدوس بني وراين لكنها تتميز بخطاب غاية في الروعة والتجديد .
الأمر لا يقتصر على قبيلة دون أخرى ، إذا رجعنا إلى تواريخ النشئة الأولى لهذه المنطقة ، التي ضربت في عمقها الديموغرافي بكل فسيفساء التعايش والإندماج والمصاهرة وتوحيد اللغة في الكثير من الحالات والمواقف ، وتحول قبائلي انصهرت فيه كل ما كان يفرقها على فترات متفرقة ، فكان الأجدر لو فكر من آلت إليهم سلطة التنظيم من جماعة وسلطة محليتين ومجتمع مدني في اختيار إسم المهرجان ليشمل تاهلة بكل روافدها القبلية والعرقية ، وأن يكون محطة تحتاج إلى رؤية استراتيجية واضحة ، وتخطيط دقيق على المدى القريب لتحقيق التنمية المستدامة تخرجها من نفقها المسدود ، وتدارك ما طالها من تهميش لسنين عديدة من طرف المجالس المتعاقبة .
الرافضين لتنظيم المهرجان وهم مجموعة من المثقفين الجمعويين القدامى ، وإن تسرعوا في تعميم رفضهم من خلال بيانات شَرَحٌَتْ نقط الخلاف بشكل دقيق ، نظرا لتنزيل فعاليات الحفل في ظرف استثنائي خلافا لما كان المواطن يترقبه بشغف كبير من تحريك عجلة التنمية ، وفي حالة التشبت بإقامته كان عليهم إشراك كل الفعاليات المدنية والجمعوية ، وإطلاق طرق المشورة على مستوى الدائرة ، واستدعاء أطر لها من الكفاءة والدراية بطرق التنظيم للإنفتاح على الجميع وإبداء الرأي 🌈 وعدم الإقتصار على ثلة من المنظمين ، الذين رغم كفاءتهم وتمرسهم ومعرفتهم بعملية التعامل مع المهرجان ، إلا أن هناك قصورا وإجحافا في توجيه الدعوات بطرق تنم عن عدم معرفتهم الدقيقة ، بكل النخب التي بإمكانها أن تشكل إضافة نوعية لمختلف الأنشطة الموازية لمهرجان آيت وراين للزربية الوراينية ، وتضارب وتناقض في تواريخ آيام المهرجان المدونة على لوائح الإشهار ، التي يشير بعضها إلى آيام 04 إلى 10 غشت والبعض الآخر من 8 إلى 10 غشت ( كما هو مبين في الصورتين )
هذا التناقض جعل المواطنين في حيص بيص ومنهم من تنقل لمكان إقامة الحفل فوجده خاليا على عروشه .
لا نبخس الناس أعمالهم ونحن في بداية العرس الكرنفالي الفني والثقافي والرياضي ، ولا نحبط الهمم لكي لا نصطف مع الرافضين الذين لهم رؤى تُحترم ، والإختلاف من شأنه أن يُقَوٌِمَ مجموعة من الإعوجاجات إن وُجدت ، رغم أننا نشد بكل قوة على أيادي المنظمين ، مع تحفظنا الذي لا يرقى إلى القطيعة ، والذي ينطلق كما أسلفنا الذكر من رغبتنا القوية أن يسير الجميع على خط واحد رغم (الإختلاف) خدمة لتاهلة بكل الجماعات السبع التي تبقى مشاركتها رمزية في غياب تنسيق قبلي كان أسرع مما خلناه جميعا .
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.