في ندوة علمية نظمها “مختبر المغرب والمجال المتوسطي: التاريخ، الثقافة والموارد” بشراكة مع “جمعية مراكش لهواة جمع الطوابع البريدية والنقود”، اليوم الجمعة ثاني ماي الجاري بقاعة المحاضرات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، كان للدكتور محمد اسموني مدير المختبر، حضور لافت من خلال مداخلة عميقة سلطت الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه المسكوكات في كتابة التاريخ، وخاصة في بعده البيئي والاجتماعي.
وأكد اسموني، الذي تولى تسيير أشغال اللقاء العلمي، أن تنظيم هذه الندوة يندرج ضمن رؤية استراتيجية يتبناها المختبر لتعزيز البحث الأكاديمي وتوسيع آفاقه، عبر إدماج أدوات جديدة وغير تقليدية في دراسة التاريخ، وعلى رأسها علم المسكوكات. وبيّن أن هذه الأخيرة ليست مجرد قطع نقدية، بل وثائق مادية تختزن معطيات دقيقة حول مختلف التحولات الاقتصادية، السياسية، الثقافية، وحتى البيئية التي شهدتها المجتمعات القديمة.
وأوضح اسموني أن أهمية المسكوكات تكمن في كونها “مصدرًا أمينًا وأصيلًا”، يزود الباحث بمعلومات غالبًا ما تغيب عن النصوص التاريخية التقليدية، مشيرًا إلى أن الصور والنقوش التي تحملها النقود القديمة تمثل سجلاً بصريًا يوثق لتنوع بيئي كبير، من نباتات وحيوانات بعضها اندثر منذ قرون، وهو ما يجعل منها أداة فعالة لفهم التغيرات المناخية والبيئية التي عرفتها شمال إفريقيا عبر العصور.
وفي ذات السياق، شدد مدير المختبر على ضرورة تحسيس الطلبة الباحثين بأهمية هذا المجال، والعمل على توجيههم نحو اعتماد المسكوكات كمدخل لدراسات تاريخية معمقة، لاسيما في ظل غياب هذا التخصص عن البرامج الدراسية الجامعية المغربية. كما أشار إلى أن المختبر يسعى من خلال هذا النوع من اللقاءات إلى فتح المجال أمام البحث التطبيقي، الذي يربط بين المعارف النظرية والواقع المادي الملموس.
وختم اسموني مداخلته بالدعوة إلى مواصلة هذا النوع من المبادرات العلمية، التي تُعدّ خطوة مهمة نحو إعادة الاعتبار لمجالات بحثية مهمشة، وتوسيع أدوات قراءة تاريخ المغرب وشمال إفريقيا من زوايا جديدة، تجمع بين الدقة الأكاديمية والانفتاح على مصادر بديلة، مثل النقود، التي تكشف خبايا الماضي بأكثر مما تفعله النصوص.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.