وكالة الجنوب.. مؤسسة عمومية في قلب العاصفة

abdelaaziz63 ساعات agoLast Update :
وكالة الجنوب.. مؤسسة عمومية في قلب العاصفة

✍️ العيون – عزيز اليوبي

 

في الوقت الذي يؤكد فيه دستور المملكة المغربية على مبادئ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة والحكامة الجيدة، تطفو على السطح من جديد تساؤلات مثيرة للقلق حول طريقة تدبير وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب، التي أصبحت نموذجًا لما يوصف بـ”الاستثناء الإداري”، حيث تُصرف أموال عمومية دون رقيب، في غياب تام للمساءلة والمحاسبة.

 

أزيد من عقد من الزمن مرّ على اشتغال وكالة الجنوب، دون أن يرى المواطنون ولا حتى الفاعلون المدنيون أي تقارير دورية، أو معطيات مالية شفافة، أو لوائح واضحة للجمعيات والمشاريع المستفيدة.

 

في المقابل، لا تزال مؤشرات التنمية في الأقاليم الجنوبية تعاني من اختلالات صارخة:

 

ارتفاع معدلات البطالة.

 

ضعف البنيات التحتية.

 

تفاوتات مجالية صارخة.

 

تأخر مشاريع اجتماعية رغم رصد ميزانيات ضخمة.

 

في خطوة جريئة، خرجت الشبكة المغربية لحقوق الإنسان والرقابة على الثروة ببلاغ شديد اللهجة، طالبت فيه الحكومة بفتح تحقيق شامل وشفاف في مالية وتدبير الوكالة، محذرة من استمرار منطق “المحسوبية والولاءات” في توزيع الدعم العمومي، وغياب معايير واضحة في انتقاء المشاريع.

 

البيان اعتبر أن ما يجري يُعد ضربًا صريحًا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ويشكل تشويهًا لصورة المؤسسات العمومية في نظر المواطنين.

 

ربط المسؤولية بالمحاسبة.. إلى متى الانتظار؟

 

الفصل الأول من الدستور المغربي واضح وصريح:

 

> “تقوم المملكة على أساس فصل السلطات، وربط المسؤولية بالمحاسبة.”

لكن ما جدوى هذا المبدأ إذا بقي مسؤولو وكالة الجنوب يُديرون الشأن العمومي وكأنه شأناً خاصاً؟

من يُحاسب؟ ومن يُراقب؟ وأين تقارير المجلس الأعلى للحسابات؟

ولماذا تلتزم الحكومة الصمت حيال مؤسسة تُدبّر الملايير سنوياً، دون نتائج واضحة أو أثر تنموي ملموس؟

 

تساؤلات مشروعة تحتاج أجوبة واضحة

 

من يحدد المشاريع التي تمولها الوكالة؟

 

ما المعايير المعتمدة في اختيار الجمعيات المستفيدة؟

 

أين تذهب الميزانيات المرصودة سنوياً؟

 

ولماذا يتم تغييب الرأي العام والمجتمع المدني عن تقييم الأثر التنموي؟

 

أمام هذه المعطيات، تصبح الحكومة ملزمة أخلاقيًا وسياسيًا باتخاذ خطوات ملموسة لإعادة الثقة، من خلال:

 

فتح تحقيق شفاف في تسيير الوكالة.

 

نشر التقارير المالية والمشاريع الممولة.

 

مراجعة آليات الدعم والمنح.

 

تفعيل المساءلة القانونية في حال وجود اختلالات.

 

“وكالة الجنوب” اليوم لم تعد مجرد مؤسسة، بل أصبحت رمزًا لطريقة تدبير المال العام في مناطق حساسة واستراتيجية من الوطن.

وإذا كان شعار المرحلة هو ربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن البدء بهذه المؤسسة سيكون رسالة قوية بأن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى، وأن التنمية ليست شعارًا انتخابيًا، بل عقدًا أخلاقيًا بين الدولة والمواطن


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading