منير لكماني
في زمن يُفترض أنه زمن الحريّة، تتشكل أمام أعيننا طبقات جديدة من الهيمنة، لا تُشهر سيوفها، بل تزرع في العقول تصوراتها، وتفرض على الأجساد أشكال عيشها. إننا، اليوم، لا نواجه فقط فجوة اقتصادية، بل حالة استعمار ناعم لعقولنا وأحلامنا، باسم التقدّم والرقمنة والمناخ.
🧱 حين يتجدّد الإقطاع بثوب رقمي
ما عاد الإقطاع امتيازًا إقطاعيًا يُمنح على الأرض والمواشي، بل غدا امتلاكًا للبيانات، وتسييرًا للعقول، وتحكمًا في نمط العيش والسكن والعمل والتعليم.
في مجتمعات عديدة، طبقة قليلة تسيطر على الاقتصاد والمعرفة والتقنية، بينما الأغلبية محشورة في اقتصاد الخدمات الهشة، بلا قدرة على الادخار، ولا أمل في تملك بيت، ولا سلطة على القرار.
وما يحدث في الغرب ليس ببعيد عن المغرب، بل إن بعضًا من آثاره تسلّل إلينا في صمت:
• مركزة الثروة في أيدٍ قليلة.
• تغييب الكفاءات لصالح الولاءات.
• سيطرة رأس المال المرتبط بالتقنية والإعلام على الفضاء العمومي.
📉 الطبقة الوسطى المغربية… درع مهدد بالانهيار
لطالما كانت الطبقة الوسطى في المغرب هي حاملة المشروع الوطني:
• المعلم الذي يُنير العقول.
• الطبيب الذي يُصلح الأجساد.
• المقاول الصغير الذي يشغّل غيره.
• الموظف الذي يضمن السلم الاجتماعي.
لكننا اليوم نشهد انكماشًا مؤلمًا لهذه الطبقة، تحت وطأة:
• ارتفاع كلفة المعيشة والسكن.
• تدهور القدرة الشرائية.
• احتكار الفرص من طرف فئات محظوظة ومترابطة مصالحها سياسيًا واقتصاديًا.
حين يُفسد التصويت، تتعفن التنمية
المعضلة ليست في التشريعات وحدها، بل في الضمائر التي تمنح أصواتها لمن لا يستحق، وفي منتخَبين يفرّطون في الأمانة، ويرفعون شعارات فارغة ثم يعودون بعد خمس سنوات لبيع الوهم ذاته.
إنها لحظة مصيرية تستدعي:
• تخليق السياسة.
• استعادة المواطن لكرامته عبر الوعي والتصويت المسؤول.
• إرساء ثقافة المساءلة، لا ثقافة الصمت.
الملكية المواطِنة… فرصة وطنية لإعادة البناء
في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نملك فرصة تاريخية لإعادة التوازن.
الملكية المغربية ليست فقط رمزًا، بل قاطرة إصلاحية تمتلك الشرعية والقدرة على توجيه السياسات نحو:
• تمكين الشباب.
• إصلاح التعليم والبحث العلمي.
• دعم المقاولات الناشئة لا المتنفذة.
• تكافؤ الفرص في التشغيل والسكن.
إننا بحاجة إلى مشروع نهضوي اجتماعي، لا يُترك للسوق وحده، بل تُؤطره رؤية وطنية يُشارك فيها المواطن، ويُحاسَب فيها المسؤول.
🔭 من أجل غدٍ مغربي أفضل
• لا تنمية بلا كرامة.
• لا عدالة بلا توزيع عادل للفرص.
• لا ديمقراطية بلا ضمير انتخابي حيّ.
• ولا وطن قوي بلا طبقة وسطى متماسكة تملك وتفكر وتشارك.
📣 هذه صرخة… فاسمعوها قبل أن يصبح الصمت هو اللغة الوحيدة الممكنة.
صرخة من أجل مغرب عادل، لا يكرّس النخب التي لا تنتج، بل يُنصف المواطن الذي يحلم ويعمل ويُعطي.
صرخة في زمن تُستبدل فيه النخب الحقيقية بمنصّات الزيف، والعقول النيّرة بأجندات المستفيدين من العبث.
صرخة، في حضرة ملكٍ لا يكلّ عن الدعوة إلى العدالة الاجتماعية، وفي وجه مسؤولين يكلّون عن الفعل عند أول امتحان.
📝 لنُحوّل الصرخة إلى إرادة. والإرادة إلى نهضة. والنهضة إلى عهدٍ جديد، يليق بمغربٍ يُحبنا كما نحبه.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.