الباحثة: نعيمة عتماني
تستعد مدينة أكادير لاحتضان الدورة التاسعة عشرة من المؤتمر العلمي الدولي، الذي تنظمه الجامعة الصيفية في شهر يوليوز المقبل، تحت شعار “الأمازيغية والجيو ثقافي بين الامتداد الإفريقي والتأثير المتوسط”، يشكل هذا الحدث العلمي محطة بارزة في مسار البحث الأكاديمي حول الأمازيغية، إذ يسعى إلى تسليط الضوء على البعد الجيو ثقافي لهذه الهوية العريقة، من خلال تحليل امتدادها في العمق الإفريقي وتأثيرها المتوسطي، واستجلاء دورها في بناء جسور التواصل الحضاري بين ضفتي المتوسط والمجال الإفريقي.
الأمازيغية هوية ممتدة عبر الجغرافيا والتاريخ
حسب توطئة المؤتمر فالأمازيغية ليست مجرد لغة أو ثقافة محلية محصورة في نطاق جغرافي محدود، بل هي هوية ضاربة في عمق التاريخ والجغرافيا. تمتد جذورها في نسيج القارة الإفريقية، وتشكل عنصرًا فاعلًا في التفاعلات الثقافية والسياسية والاقتصادية التي شهدتها منطقة البحر الأبيض المتوسط على مر العصور. التأثير الأمازيغي لم يقتصر على المجال الثقافي واللغوي فحسب، بل امتد إلى المجالين السياسي والاقتصادي، هذا الامتداد التاريخي يعكس عمق الحضور الأمازيغي في المجالين الإفريقي والمتوسطي، ويبرز قدرة هذه الهوية على التفاعل مع المتغيرات الحضارية عبر العصور.
إشكالية المؤتمر ومحاوره الرئيسية:
ينطلق المؤتمر من إشكالية مركزية تتعلق بدور الأمازيغية في تشكيل الهوية الثقافية للمغرب وشمال إفريقيا، ومدى تأثير الامتداد الإفريقي والفضاء المتوسطي في صياغة هذه الهوية. ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل الأمازيغية في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة، ومدى قدرتها على مواجهة التحديات المرتبطة بالعولمة، والتغيرات الاجتماعية، والتطورات السياسية.
يسعى المؤتمر إلى تقديم قراءات علمية متعددة التخصصات، تشمل الأبعاد التاريخية، اللغوية، الأنثروبولوجية، السوسيولوجية، والفنية، من أجل بناء تصور متكامل حول موقع الأمازيغية ضمن المشهد الجيو ثقافي الإفريقي والمتوسطي. ويتناول المشاركون في المؤتمر مجموعة من المحاور الأساسية، من بينها:
الأمازيغية والامتداد الإفريقي: دراسة الامتداد التاريخي للأمازيغية في العمق الإفريقي، وتأثيرها في الممارسات الثقافية والاجتماعية لشعوب القارة.
الأمازيغية في الفضاء المتوسطي: استكشاف التفاعلات الثقافية والتاريخية بين الأمازيغ وحضارات البحر الأبيض المتوسط، ودور الأمازيغية في رسم ملامح الثقافة المتوسطية.
البعد الجيو ثقافي للأمازيغية: تحليل موقع الأمازيغية ضمن الخريطة الجيو ثقافية الراهنة، ومدى تأثيرها في التوازنات الثقافية والسياسية الإقليمية.
التحديات والرهانات المستقبلية: بحث التحديات التي تواجه الأمازيغية في ظل العولمة والتحولات الجيوسياسية، واقتراح آليات لتعزيز حضورها في المشهدين الإفريقي والمتوسطي.
الأهداف الاستراتيجية للمؤتمر:
يرمي المؤتمر إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، تتمثل في:
إعادة الاعتبار للأمازيغية من خلال تسليط الضوء على امتدادها الإفريقي وتأثيرها المتوسطي، واستعراض إسهاماتها التاريخية في تشكيل الهوية الثقافية لشعوب المنطقة.
تعزيز البحث العلمي حول تفاعل الأمازيغية مع المكونات الثقافية والحضارية الأخرى، ودراسة آفاق الحوار الحضاري بين إفريقيا وشعوب البحر الأبيض المتوسط.
اقتراح سياسات ثقافية ولغوية تهدف إلى تطوير وحماية اللغة والثقافة الأمازيغية.
خلق فضاء للحوار بين الباحثين وصناع القرار حول مستقبل الأمازيغية، ودورها في تعزيز الهوية المشتركة لشعوب شمال إفريقيا والفضاء المتوسطي.
الأمازيغية بين تحديات الحاضر ورهانات المستقبل
في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة، يواجه الوجود الثقافي الأمازيغي تحديات متزايدة، مرتبطة أساسًا بتأثير العولمة، وتزايد هيمنة اللغات والثقافات العالمية. ومع ذلك، تظل الأمازيغية ركيزة أساسية في البناء الثقافي والهوياتي لشمال إفريقيا، بفضل عمقها التاريخي، وثراء تعبيراتها اللغوية والفنية.
يسعى المؤتمر إلى استشراف مستقبل الأمازيغية في ظل هذه التحديات، وتعزيز مكانتها في المشهد الثقافي والسياسي، وضمان استمرارها كعنصر تواصل حضاري بين المجالين الإفريقي والمتوسطي. ومن المنتظر أن يشكل هذا الحدث العلمي منصة للحوار المثمر بين الأكاديميين ، من أجل رسم ملامح مستقبل أكثر إشراقًا للهوية الأمازيغية، ضمن فضاء جيو ثقافي متعدد.
نحو رؤية مستقبلية للأمازيغية في الفضاء الإفريقي والمتوسطي
يُرتقب أن يشهد المؤتمر مشاركة نخبة من الباحثين والخبراء في مجالات التاريخ، الأنثروبولوجيا، اللغات، الدراسات الثقافية، والفنون…، كما يُنتظر أن تسفر النقاشات العلمية عن توصيات عملية لتعزيز الحضور الأمازيغي في المشهدين الثقافي والسياسي، وتطوير استراتيجيات فعالة لحماية التراث الأمازيغي وتطويره.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
