عادل أيت بوعزة
سعدت كما اسعدك الله يا سعدي ، بالإستماع الى برنامج ” بدون لغة الخشب ” للإعلامي رضوان الرمضاني و الذي إستضافك فيه للحديث و الحوار ، بعدما أصبحت من رجال ” الطوندونس” مؤخراً و ذلك بعد “شطحتك” الشهيرة على انغام أغنية ” مهبول انا ” بالجامعة الصيفية لشبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة أكادير.
و حيث انه سبق لي كما الجميع ان شاهدت العديد من الحلقات بهذا البرنامج ، فاريد ان اؤكد لك ان هذه الحلقة بالضبط كانت عبارة عن كلام بلغة الخشب من نوع ” رديء جداً ” تفوق فيها الإعلامي الرمضاني بحكم تجربته و خبرته ، و قد تمكن على الأقل من طرح الأسئلة التي يتعين طرحها ، مع إحتفاظه بحق ” عدم التَحْكاَرْ ” على كافة الأجوبة الخشبية التي تقدمت بها .
و حيث أنني تمنيت ان اكون هناك على طاولة ذلك البرنامج ، من أجل إيضاح ” الصفري من الحامض ” ، و الإجابة على الإجابة و التعقيب على التعقيب ، فاعتقد انه يمكن التجاوب من خلال هذا الفضاء المجاني ل”الهدرة” مع كل ذلك الهراء الخشبي الذي تقدمت به ، و ذلك من خلال 10 ملاحظات :
1: من حيث المبدأ ، فانه لديك مشكل كبير في فهم الشباب و احتياجاته ، و ان إطلاق اغنية ” مبهول انا ” لا في سيارتك كما ذكرت و لا في جامعة شبيبتك كما تفضلت لا يعني انك على مقربة من فهم الشباب ، إذ ان الشاب المغربي اذا اراد الاستماع للموسيقى بمختلف تلاوينها فيكفيه ثواني قليلة من أجل فتح هاتفه و البحث عبر منصة يوتيوب ، او الاستماع لها عبر خاصية ” البلوتوت” في السيارة ، او الذهاب الى احد الملاهي الليلية او شيئ من هذا القبيل ، بيد ان الشاب عندما يقطع المسافات الطويلة للذهاب الى جامعة صيفية تابعة لمنظمة شبابية موازية لحزب سياسي فإن الأصل في ذلك هو رغبته في التكوين و التأطير .
2 : إن الجدل حول ” شطحتك” لا يرتبط بتاتاً بالاغاني التي تم عرضها في الجامعة ، بل انه يرتبط بالزمن و الضمير ، و إن كمية المشاركة لتلك الفيديوهات على مواقع التواصل الإجتماعي يفيد بشعور شبه عمومي كئيب لا يمكن تناكره و لا عزله و لا تجاوزه ، و ذلك مرتبط بالأساس بعمليات إنقاذ المناطق شبه المنكوبة في الجنوب جراء الفياضانات ، و قد بلغني بعد يوم من تلك ” الشطحة” ان المصالح المختصة عثرت على اخر شهيد تم التبليغ عن اختفاءه ، فكيف لك الشعور بهذا الفرح العارم و انت تسمع هذه الأخبار بالموازاة مع تنظيم جامعتك ؟ …. أما اذا كانت هذه الأخبار لا تصلك فذلك اخطر .
3: إن الأصل فيما يقع لا يتعلق أبداً برغبة حزبكم بتقليص الهوة مع الشباب المعاصر ، بل تكمن رغبتكم في التجاوب مع خطاب عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة و التنمية و الذي سبق له أن نعث رئيس حزبكم السيد عزيز اخنوش ب ” الشفار” باللغة الفرنسية ، و لذلك اردتم ” المعاطية معاه ” بطريقة بديئة جاءت في وقت سيئ للغاية .
4/ ان إعترافكم بمسؤوليتكم في اعداد ” لائحة الأغاني المقدمة ” يؤكد مما لاشك فيك انك تتمع بالجرأة و الشجاعة امام رئيس حزبكم ، و انك لا تتهرب من المسؤولية في هذا الموضوع حتى لا يكون العبء عليه اكثر ، بيد ان ذلك يؤكد مدى ” قصوحية وجهك ” كما يؤكد انك مصمم على ان تواجه المغاربة الذين شعروا باستفزازك لهم .
5/ آن حديثكم على أن عدد 13 شهيد بفياضانات طاطا لا يستدعي الحزن ، مقابل حزنكم على كلام بنكيران عندما وصف الفنان طوطو ب”السلݣوط ” ، اثار انتباهي و إشمئزازي ! فهل طوطو افضل من ساكنة طاطا بالنسبة لكم ؟ و حتى لا يكون هذا اللعب بالكلمات مستفزاً لكم ! فما الذي منعكم من الترحم على ضحايا طاطا لدقيقة واحدة بينما عرضتم اغاني ” طوطو” و امثاله الواحدة تلو الأخرى .
6/ إن حديثكم على فوز حزبكم في الانتخابات الجزئية بكل من دائرة الرباط المحيط و دائرة الفقيه بنصالح ، لا يستدعي هذا الفرح العارم ، و لا يمكن ان يكون مؤشراً سياسياً حقيقياً ، بل هو نقيض ذلك تماماً ، حيث ان نسبة المشاركة في الرباط المحيط قاربت 7% من عدد المسجلين ، بينما النسبة في دائرة الفقيه بنصالح لم تتعدى 11% ، و هي نسب غير مسبوقة تعني ان المغاربة قاطعوا هذه الإنتخابات بشكل حاسم ، و ان ذلك خير رد على برنامج “مسار الثقة” الذي تقدمتم به من أجل إعادة الثقة للمواطنين في السياسة قبل الإنتخابات الجارية .
7/ ان الأرقام التي تقدمت بها بخصوص مجهودات إعادة الإعمار بعد الزلزل كاذبة بشكل يتجاوز لغة الخشب الى الكذب ، كما ان الحديث عن البرامج الإجتماعية فيه تلاعب كبير في الأرقام ، و ان المغاربة ” غارقين حتى الودن” بسبب الوافد الجديد ” المؤشر” ، و ان إستفادة المغاربة من “AMo ” يتعارض مع واقع اليم بالمستشفيات ، في ظل عجز الحكومة عن الاستثمار بشكل مكثف و ناجع في المنظومة الصحية .
8/ إن كلامك عن حادث الفنيدق يبدو مستفزاً و ملتوياً ، فكيف لك ان تزعم في بداية الحلقة على رغبتك في تقليص الهوة مع شباب التيكتوك و السناب شات ، بينما في اخرها تجلدهم بشكل قاس ، غير مبالي لا بالإنصات لهمومهم و لا باسبابهم المؤدية للهجرة، لترمي اللوم كله على من يتكلم من أحزاب المعارضة على هذا الملف ، و تتهمهم بمحاولة اشعال الفتنة و ربح النقط السياسية ، فكيف يستقيم الظل و العود اعوج ؟ فإما ان تسعى لمحاورة الشباب و اليافعين و الانصات لهم حقيقة او ان تعطيهم ” التيساع ” كما حاول البعض منهم عندما فقد الامل في حكومتكم و في قدرتها على الوفاء بإلتزاماتها.
9/ الشك في الغد خطير كما اوضحت ، لكن هل تعرف اسباب ذلك ؟ ام تتغافل عن كشفها ؟ المؤشرات الي لم تتكلم عنها تكشف عن مليون ونصف شباب من فئة 15 الى 24 سنة لا تعليم لها و لا تكوين و لا عمل ، بالدارجة ” جالسة في راس الدرب ” و مختفية في ” تيك توك” و ” الانستجرام” و مستفيدة من *6 ، لا اقول ان هذا العدد كله يرغب في الهجرة ، لكنه اكثر طموحاً واكثر اندفاعاً و اكثر حماساً و لا يمكن ترويضه بإطلاق الاغاني التي يستمع لها ، و لا يمكن تنويمه ب 200 درهم ، بل يتعين الإنصات له و التجاوب معه و قول الحقيقة له ، و الأهم من ذلك عدم إستفزازه بشطحات رديئة لا تشبه شطحاته ، بينما انتم تنعمون في التعويضات و من سخاء الانتماء الى حزب ” الݣرمومة ” .
10/ ان رئيس حزبكم عزيز اخنوش هو المسؤول الأول ! على تدهور العديد من المؤشرات المرتبطة بالتنمية و الإقتصاد و الفلاحة و البطالة و الرياضة و الفن ، و أن العديد من المؤسسات التابعة للدولة تحذر من بعض الأرقام المخيفة ، و ان اثر الآنجازات التي تتبجحون بها لا يصل للمواطن ، لا في إحساسه بالعيش الكريم و لا في جيبه و لا في قوته اليومي و ان الإحساس ب” الحݣرة ” و ” الظلم ” يتنامى بشكل واضح ، و ان رغبة البعض في الهجرة بالطريقة التي رايناها في احداث الفنيدق تؤكد أن هناك الآن من يفضل الموت على محاورتكم .
اختتم إنصاتي للحلقة الخشبية بمقولة شهيرة لجورج برنارد شو :” من عيوب الديمقراطية انها تجبرك على الإنصات الى راي الحمقى ” .
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.