القصة غير المروية لتضامن يهود المزراحي مع الفلسطينيين
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” Benjamin Netanyahu في خطاب ألقاه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد أيام من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة “هذا صراع بين أبناء النور وأبناء الظلام، بين الإنسانية وشريعة الغاب”. وقام بتكرار هذا الكلام في الخطاب الهزلي الذي ألقاه في الكونغرس الأمريكي في الرابع والعشرين من يوليو/تموز 2024. وكان نتنياهو قد أعرب عن هذه الفكرة مراراً وتكراراً، قبل وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول ــ وهي فكرة مفادها أن إسرائيل معقل للحضارة الغربية في منطقة غير حضارية ومتخلفة وبدائية.
إن ذكره لكلمة “الغابة” يذكرنا بتعبير إسرائيلي شائع، منسوب إلى رئيس الوزراء السابق “إيهود باراك” Ehud Barak قبل ثلاثة عقود من الزمن، مفاده أن إسرائيل “فيلا في الغابة”. والغابة في هذه الحالة هي العالم العربي، والفلسطينيون فيه هم «غير الآدميون» بامتياز.
لكن الفكرة تعود إلى إلى المفكرين الصهاينة الأوائل. أراد “تيودور هرتزل” Theodor Herzl الأب النمساوي المجري للصهيونية الحديثة، إنشاء دولة يمكن لليهود فيها أن يكونوا في مأمن من معاداة السامية العنيفة التي واجهوها منذ فترة طويلة في أوروبا. لقد رسم رؤية لدولة يهودية في فلسطين من شأنها أن تمنح الحقوق المدنية للعرب الذين بقوا هناك (في مذكراته، طرح فكرة نقل البعض خارج الحدود). وقال إنه من خلال جلب الحضارة الغربية إلى المنطقة، سيعود اليهود بالنفع على العرب المحليين اقتصاديا وثقافيا – وأن الدولة اليهودية “ستشكل جزءا من جدار الدفاع ضد آسيا” وهي سنكون بمثابة موقع أمامي للحضارة ضد الهمجية.
تُعتبر أيديولوجية “البؤرة الاستيطانية للحضارة” هذه مفتاحاً لفهم كيف بررت إسرائيل تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم أمام الإسرائيليين والعالم، حيث استقر اليهود الذين لجأوا إلى فلسطين هرباً من الاضطهاد في القرنين التاسع عشر والعشرين. عندما تأسست إسرائيل عام 1948، تم طرد أكثر من 700 ألف فلسطيني أو أجبروا على الفرار من منازلهم فيما يعرف الآن بالدولة اليهودية.
لكن منذ الأيام الأولى للدولة، كانت هناك فئة لم تقتنع بالتبرير: هم اليهود الذين لهم جذور في العالم العربي والإسلامي. يُطلق على هؤلاء اليهود اسم “المزراحيم” Mizrahi في إسرائيل، وهم اليوم أكبر مجموعة عرقية في البلاد. لقد هاجر معظمهم إلى إسرائيل بعد عام 1948، وخلال معظم تاريخ إسرائيل، كانوا ضحايا لنفس النوع من الأيديولوجية المعادية للعرب التي تُمارس ضد الفلسطينيين.
تمتع اليهود الشرقيون لقرون عديدة بمكانة عالية في بلدانهم الأصلية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تراوحت من العراق إلى مصر إلى المغرب. ولكن عندما وصلوا إلى إسرائيل، وجدوا أن الدولة الجديدة يحكمها يهود أوروبا، الذين يطلق عليهم “الأشكناز” Ashkenaziالذين نظروا إليهم بأغلبية ساحقة على أنهم بدائيون ومتخلفون ثقافياً.
سارع المثقفون اليهود الشرقيون في ذلك الوقت إلى ربط التمييز ضدهم بالتمييز ضد الفلسطينيين. وكان الاستشراق ــ وهو المصطلح الذي أطلقه الباحث الفلسطيني “إدوارد سعيد” Edward Said على الاتجاه الأوروبي لتصوير “الشرق” على أنه غريب وغير عقلاني وغير متحضر ــ يستخدم لتصوير كلا المجموعتين على أنهما أقل شأناً وحرمانهما من الحقوق المتساوية. وكان نضالهم واحداً. وهكذا، بدءًا من خمسينيات القرن الماضي، شكّل المزراحيون والفلسطينيون حركة تضامن، وأنتجوا كل شيء بدءًا من المجلات المشتركة وحتى الاحتجاجات المشتركة في الشوارع.
تقدم هذه الحركة وجهة نظر مضادة لنظرة “فيلا في الغابة” لإسرائيل – وهي رؤية بديلة لكيفية العيش معاً لليهود والفلسطينيين على الأرض. كما أنها تقدم طريقة أكثر دقة للتفكير في المناقشات المعاصرة حول معنى الأصلانية والأمة والاستعمار في إسرائيل وفلسطين.
وتبدو رؤية التضامن المزراحي ـ الفلسطيني أكثر أهمية في ضوء ما حدث بالفعل في العقود الأخيرة: إن فهم الانحراف في السياسات الصهيونية اليمينية المتشددة هو المفتاح لفهم الخطأ الذي حدث في تاريخ إسرائيل والذي جعلها غير قادرة على تصور التعايش مع شعب عربي. وقد يكون المفتاح لبناء مستقبل أفضل للجميع.
من هم اليهود الشرقيون؟
جاء اليهود الشرقيون إلى إسرائيل من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا، وغالباً من الدول العربية. (على الرغم من أنه يتم في بعض الأحيان تجميعهم مع اليهود “السفارديم” Sephardic الذين يتشاركون معهم بعض العادات الدينية، فإن مصطلح “السفارديم” يشير تقنياً إلى اليهود من إسبانيا والبرتغال). ولكن قبل الهجرة إلى إسرائيل، لم يكونوا يفكرون في أنفسهم كمزراحيين. هذا المصطلح يعني “الشرقية” easternأو “ا מזרחי” بالعبرية، تمت صياغته في إسرائيل في القرن العشرين.
وكان أغلبهم يظنون ببساطة أنهم “يهود عراقيون”، على سبيل المثال، أو “يهود مغاربة”، أو يهود يمنيين، اعتماداً على بلدهم الأصلي. لكن البعض وصفوا أنفسهم بأنهم “اليهود العرب” وكان جيرانهم المسلمون يستخدمون هذا المصطلح أحياناً لوصفهم.
في الوقت الحاضر، من الشائع جداً أن نسمع عن العداء بين اليهود والعرب لدرجة أن الكثير من الناس قد يعتقدون أن العلاقة كانت دائماً عدائية، ومصطلح “يهودي عربي” يبدو تقريباً وكأنه تناقض لفظي. لكن على مدى قرون اندمج اليهود بعمق في المجتمع العربي، حيث عملوا كموسيقيين وتجار وحتى وزراء في الحكومة. لقد استهلكوا وأنتجوا الثقافة باللغة العربية. وقد تأثرت فلسفتهم ولاهوتهم تأثراً عميقاً بالفكر الإسلامي، والعكس صحيح. كان هناك يهود عرب بالتأكيد كما يوجد مسيحيون عرب.
ومع ذلك، فإن “اليهودي العربي” هو هوية متنازع عليها اليوم. العديد من اليهود ذوي الجذور في العالم العربي والإسلامي، الذين خاب أملهم من الطريقة التي يعامل بها هذا العالم اليهود – وخاصة بعد تأسيس إسرائيل – يفضلون مصطلحات مثل “مزراحي”. ومع ذلك يشير بعض العلماء إليهم على أنهم يهود عرب للتأكيد على مدى ارتباطهم بالثقافة العربية قبل إنشاء إسرائيل.
على سبيل المثال، كان اليهود في العراق يشكلون ثلث سكان بغداد قبل قرن من الزمان. وكانوا بارزين في مجلس النواب العراقي وفي النظام القضائي. وفي عشرينيات القرن الماضي، أكد ملك العراق “فيصل الأول” King Faisal I على دورهم المتكامل، معلناً أنه “لا معنى لكلمات مثل اليهود والمسلمين والمسيحيين في مفهوم القومية. هذا ببساطة بلد اسمه العراق وجميعهم عراقيون”.
القصة مماثلة في المغرب، حيث حاول نظام فيشي الفرنسي فرض الاضطهاد النازي في المغرب خلال الحرب العالمية الثانية، لكن الملك “محمد الخامس” Mohammed V رحمه الله رفض وقال: “لا يوجد يهود في المغرب. هناك مغاربة فقط”. وهفي المغرب أيضاً شغل اليهود مناصب عليا في الحكومة. لقد أقاموا صداقات عميقة مع جيرانهم المسلمين.
حتى في فلسطين كان اليهود يشكلون حوالي 8% من السكان العرب الفلسطينيين في عشرينيات القرن العشرين. تناول الخطاب السياسي الفلسطيني وضع اليهود الفلسطينيون في عدّة سياقات، فمثلا ورد في الميثاق القومي الفلسطيني الصادر عام 1964: «اليهود الذين هم من أصل فلسطيني يعتبرون فلسطينيين إذا كانوا راغبين بأن يلتزموا العيش بولاء وسلام في فلسطين.»
أما الميثاق الوطني الفلسطيني الصادر عام 1968 فلم يتطرق للإثنية، فنصت المادة السادسة منه على أن «اليهود الذين كانوا يقيمون إقامة عادية في فلسطين حتى بدء الغزو الصهيوني لها يعتبرون فلسطينيين»
لكن الخطاب الرسمي الإسرائيلي تجاهل استعمال مصطلح ‘اليهود الفلسطينيين’ لأسباب سياسية وأيدولوجية، فالصهيونية تعتبر الهوية الدينية اليهودية هي القومية وهي الهوية الوطنية، ولأنها كانت تريد إدماج اليهود الوافدين حديثاً كمواطنين أصليين إذاً لا فرق بينهم وبين اليهود المحليين.
النقطة المهمة هنا أن اليهود كانوا دائمًا آمنين في ظل الحكم العربي أو الإسلامي، على الرغم من تعرض اليهود لبعض الاضطهاد في اليمن في العصور الوسطى، وطردهم من أصفهان بإيران في عام 1656. لكن إذا كنت يهودياً تعيش في الإمبراطورية العثمانية الشاسعة، فقد حظيت بوضع جيد نسبياً. كان الحكام المسلمون ينظرون إلى اليهود باعتبارهم “أهل الكتاب” – رفاقهم الموحدين الذين، يستحقون الاحترام والحماية.
لقد كان الأمر مختلفاً تماماً في أوروبا المسيحية، حيث تم إلقاء اللوم على اليهود في كل شيء بدءًا من موت يسوع وحتى الطاعون الدبلي. وبشكل عام تعايش اليهود مع جيرانهم في العالم الإسلامي بدرجة ملحوظة لمدة ألفي عام.
تذكر المؤرخة اليهودية “أوريت باشكين” Orit Bashkin أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في “جامعة شيكاغو” University of Chicago “لقد كان عمراً مريحاً مقارنة بالحياة في أوروبا. وعلى الرغم من وجود صعود وهبوط، ولكن بشكل عام ازدهر اليهود في الأراضي الإسلامية”.
ومع ذلك، فإن الجاليات اليهودية المتبقية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أصبحت اليوم صغيرة إلى حد التلاشي.
لماذا غادر اليهود الشرقيون الدول العربية؟
وفي حين نجت المجتمعات اليهودية في الشرق الأوسط – وازدهرت في كثير من الأحيان – تحت الحكم العربي أو الإسلامي لأكثر من 2000 عام، فإنها في نهاية المطاف لم تتمكن من البقاء على قيد الحياة بعد تأسيس دولة إسرائيل.
أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية، استقر مئات الآلاف من اليهود الفارين من الإبادة الجماعية بأوروبا في فلسطين. بحلول عام 1947، وسط دعوات لإقامة دولة تكون بمثابة ملاذاً آمناً لليهود بعد المحرقة، قامت الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، التي كانت في ذلك الوقت تحت سيطرة الإمبراطورية البريطانية، إلى دولة عربية ودولة يهودية.
لكن مندوب مصر لدى الأمم المتحدة حذر في ذلك الوقت من أن “حياة مليون يهودي في الدول الإسلامية ستتعرض للخطر بسبب إقامة دولة يهودية”. وكان الخوف هو أن يُنظر إلى جميع اليهود في العالم العربي على أنهم مؤيدون للصهيونية، وأن تنقلب الدول العربية على اليهود داخل حدودها نتيجة لذلك.
لكي نفهم الذي حصل، ولماذا كانت هذه لحظة زلزالية، علينا أن نتذكر أننا نتحدث عن فترة في تاريخ المنطقة حين اهتزت الإمبراطوريات العالمية الكبرى وسط الجهود المبذولة لإنهاء الاستعمار. وكانت التحولات التكتونية تحدث في الأيديولوجية السياسية، بما في ذلك في العالم العربي، حيث كانت القوى القومية العربية تختمر منذ سنوات.
في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، حصلت الدول العربية مثل العراق وشرق الأردن على استقلالها من القوى الأوروبية، وأبرزها بريطانيا. لقد صور القوميون العرب في هذه البلدان العالم العربي كله كأمة واحدة موحدة. لقد كانت رؤية قومية عربية وشملت فلسطين – حيث كانت التوترات تتصاعد بين الفلسطينيين واليهود، بسبب تزايد أعداد اليهود الأوروبيون المهاجرين القادمين إلى فلسطين.
وحتى قبل تأسيس دولة إسرائيل، وضع هذا اليهود في العالم العربي في موقف مربك. هل يرى اليهود العرب أنفسهم جزءا من الحركة القومية العربية؟ هل سينظر إليهم العرب الآخرون بهذه الطريقة؟ واختلفت الإجابة. شعر بعض اليهود بأنهم جزء من الثقافة العربية لدرجة أنهم دعموا القومية العربية – بما في ذلك في فلسطين.
الكاتب والمؤرخ اليهودي العراقي “عزرا حداد” Ezra Haddad صاحب كتاب “تاريخ اليهود في العراق وتراثهم الشعبي” قال في عام 1936 “نحن عرب قبل أن نكون يهود”. وفي عام 1938، قالت مجموعة من المهنيين اليهود العراقيين للصحافة إنهم “شباب يهود عرب” يدعمون فلسطين العربية. لكن العديد من جيرانهم غير اليهود نظروا إلى اليهود على أنهم يدعمون البريطانيين بدلاً من دعم جهود الدول العربية للخروج من تحت الاستعمار. وقد فتح الصدع في العلاقات. ثم تأسست دولة إسرائيل، وتحول الصدع إلى هوة واسعة النطاق. والآن يُشتبه أيضاً في أن اليهود في الدول العربية يدعمون طرد العرب الفلسطينيين من أراضيهم لإفساح المجال أمام قيام دولة يهودية نقية.
في معظم أنحاء العالم العربي، أصبح اليهود أهدافاً للشبهات، وفي عدد من الحالات أصبحت الظروف معادية للغاية لدرجة أنهم اضطروا فعلياً إلى الخروج. وفي حالات أخرى، غادر اليهود العالم العربي لأنهم أرادوا ذلك. وشعر البعض بشوق ديني عميق للعودة إلى الأرض المقدسة. إلى جانب ذلك نشط المبعوثون الصهاينة في هذه البلدان منذ أوائل الأربعينيات، محاولين حث اليهود على الهجرة. بعبارة أخرى، كان هناك دفع وسحب. وكانت النتيجة النهائية نزوح اليهود من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى دولة إسرائيل الوليدة.
كيف كانت حياة اليهود الشرقيين في إسرائيل؟
على الرغم من أن المبعوثين الصهاينة وعدوا المزراحيين بالعثور على حياة أفضل في إسرائيل، إلا أن هؤلاء اليهود كانوا في الواقع يواجهون خيبة أمل كبيرة. بدأ الأمر بمجرد نزولهم من الطائرات. أولاً، تم رشهم بمبيد الحشرات دي دي تي DDT “لتطهيرهم” و”إزالة القمل”. ثم تم إرسالهم للعيش في مخيمات مؤقتة تعرف باسم “المعبروت” ma’abarot وهي عبارة عن مدن خيام لا توجد بها كهرباء أو مياه جارية أو صرف صحي أساسي.
وفي وقت لاحق، تم نقلهم إلى المدن الفقيرة المعروفة باسم مدن التطوير، والتي توفر السكن الدائم، ولكن الفقير في البنية التحتية أو الفرص الاقتصادية. خلال الخمسينيات من القرن الماضي، كافحت إسرائيل لبناء مساكن كافية للمهاجرين الذين يتدفقون عليها من العالم العربي وأوروبا، لكن اليهود الأوروبيين حصلوا على مساكن أفضل في مدن مرغوبة أكثر.
وذلك لأنه في نظر النخبة الأشكنازية الحاكمة، كان إخوانهم اليهود الأوروبيين متحضرين بالفعل، في حين كان اليهود الشرقيون بدائيين ــ أو كما قال المثقف الشرقي “إلياهو إليشار” Eliyahu Elishar “عبء الرجل الأبيض”.
بين عامي 1948 و1954، اختفى ما بين 1500 و5000 طفل مزراحي – معظمهم أطفال يمنيون – من المستشفيات الإسرائيلية، إما مباشرة بعد ولادتهم أو عندما تم نقلهم لرؤية الطبيب بسبب بعض المشاكل الطبية. وقيل للوالدين أن الأطفال قد ماتوا، ولكن دون تقديم أي دليل. يعتقد بعض اليهود الشرقيين أن الأطفال يُمنحون لأزواج أشكنازي ليس لديهم أطفال.
وفي السنوات الأخيرة، تم إثبات هذه الادعاءات بمساعدة اختبار الحمض النووي. واعترف الوزير الإسرائيلي المكلف بالتحقيق في هذه القضية علناً قبل بضع سنوات بحدوث عمليات الاختطاف بالفعل.
تُظهر الشهادات أن موظفي المستشفى اختطفوا الأطفال بسبب الاعتقاد بأن اليهود الشرقيين كانوا آباء غير مؤهلين ولديهم عدد كبير جداً من الأطفال. إن منح الأطفال لأزواج من الأشكناز سيكون بمثابة خدمة للجميع، من وجهة نظرهم، بما في ذلك دولة إسرائيل الفتية، التي ستحصل على جيل جديد من المواطنين الذين تحرروا من النفوذ الشرقي “المتخلف”.
لم تكن الأيديولوجية الاستشراقية الأوروبية القديمة وحدها هي التي طالبت اليهود الشرقيين بأن يكونوا “متحضرين” وأن يتخلوا عن ثقافاتهم. لقد كانت أيضاً حقيقة سياسية إسرائيلية بشكل واضح. في نكبة عام 1948 التي أدت إلى إنشاء إسرائيل، هاجمت الدول العربية المجاورة إسرائيل. فأصبح «العربي» مرادفاً لـ«العدو» وكل ما يهدد لطمس الحدود بين اليهود والعرب كان لا بد من إزالته.
وفي سعيها لنزع الطابع العربي عن اليهود العرب، اخترعت إسرائيل “المزراحيين” كفئة اجتماعية. الآن لن يكون لهؤلاء اليهود أي فائدة لمُعرفات غير مقبولة مثل “العرب” أو “اللبنانيين” أو “السوريين” – سيكونون جميعاً مجرد مزراحيين. (تم أيضاً إدراج الفرس والأتراك والهنود الذين ليسوا عرباً في الفئة الشاملة للمزراحيم لأنه كان يُنظر إليهم على أنهم “شرقيون”.
كان النفور من كل ما هو عربي يعني أيضاً أن المزراحيين اضطروا إلى التخلي عن لغتهم الأم، العربية، التي كانت في السابق توحدهم مع جيرانهم في بلدانهم الأصلية والتي تعتبرها إسرائيل الآن لغة العدو. لقد كان تمزقاً مؤلماً ربما تم التعبير عنه بشكل أفضل في كلمات الكاتبة المغربية اليهودية “سارة شيلو” Sarah Shilo صاحبة رواية “مات ملك الفلافل” The Falafel King is Dead حيث قالت “جاءت سكينة العبرية وقطعتنا إلى قسمين”.
التاريخ غير المعروف للتضامن المزراحي الفلسطيني
واجه المزراحيون تمييزاً شديداً لدرجة أن البعض أصبحوا يعتبرون أنفسهم ضحايا للصهيونية وحذروا أفراد عائلاتهم المتبقين في وطنهم من الهجرة إلى إسرائيل. وفي الواقع غادر آلاف اليهود من شمال إفريقيا وآسيا إسرائيل وعادوا إلى بلدانهم السابقة. في إحدى الاحتجاجات التي لا تنسى في عام 1951، أعلن اليهود الهنود إضراباً عن الطعام حتى الموت وقدموا مطلباً واحداً لإسرائيل: “لقد أحضرتمونا إلى هنا – نريدكم أن تعيدونا”. وانتهى الأمر بإسرائيل بإعادتهم إلى بومباي. ومع ذلك، بقي معظم اليهود الشرقيين في إسرائيل. لقد فعلوا ما يفعله المهاجرون: لقد حاولوا الاندماج. فإذا كان ذلك يعني التخلص من عروبتهم لشراء رأس المال الاجتماعي فليكن.
لكن كان هناك مقاومون أيضاً. قام المثقفون الشرقيون بتحليل الأيديولوجية الصهيونية وجادلوا بأنها نشأت من التفكير القومي الأوروبي في القرن التاسع عشر، حيث كان يُنظر إلى الاستعمار على أنه نبيل وكان الاستشراق أمراً ضرورياً. ففي نهاية المطاف، في أوائل القرن العشرين، لجأ هرتزل إلى البريطانيين للحصول على الدعم في إنشاء دولة يهودية لأنه، كما قال “يجب فهم الفكرة الصهيونية، وهي فكرة استعمارية، في إنجلترا بسهولة وبسرعة” نظراً لأن إنجلترا كانت “أول من أدرك ضرورة التوسع الاستعماري في العالم الحديث”. تم تصوير الاستعمار على أنه وسيلة “لحضارة” العالم. قال رئيس وزراء إسرائيل الأول “ديفيد بن غوريون” David Ben-Gurion بلا خجل: “لا نريد أن يصبح الإسرائيليون عرباً. وواجبنا أن نحارب روح الشام التي تفسد الأفراد والمجتمعات.
ونظراً لهذه الأيديولوجية، لم يكن من المفاجئ أن تصور الصهيونية العرب على أنهم وحوش غير متحضرة – سواء كانوا يهوداً أو فلسطينيين. أدرك المثقفون الشرقيون أن نفس الأيديولوجية كانت تضطهد كلا المجموعتين. وهكذا شكلوا حركة تضامنية.
في عام 1953، أنشأ المثقفون الناطقون بالعربية مجلة تسمى “الجديد” Al Jadid والتي نشرت الشعر والروايات التي كتبها اليهود الشرقيون والفلسطينيون. قال المحررون إنهم يريدون تسليط الضوء على التمييز ضد المزراحيين والعرب “من منطلق روح “تأسيس” التضامن العربي اليهودي”، وفقاً لكتاب الأكاديمي اليهودي من أصل أفريقي “بريان روبي” Brian Roby ” عصر التمرد المزراحي: نضال إسرائيل المنسي من أجل الحقوق المدنية 1948-1966″. The Mizrahi Era of Rebellion: Israel’s Forgotten Civil Rights Struggle 1948-1966 الذي ذكر في كتابه ” المزراحيم أو اليهود الشرقيون يمثلون الأغلبية العرقية للسكان اليهود الإسرائيليين. وعلى الرغم من هذا الوضع، فقد عانوا من عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية ونقص نسبي في التمثيل السياسي، نتيجة التسلسل الهرمي الاجتماعي العرقي الذي سمح بوضع متميز للأشكنازي”. امتد التضامن بين العرب واليهود المزراحيم إلى الشوارع معاً في احتجاجات شعبية، حاملين لافتات كتب عليها “خبز – عمل – سلام” و”من أجل نضال موحد ومستمر”، ردت الشرطة الإسرائيلية بقوة شديدة.
حتى مجرد التحدث مع بعضهم البعض كان عملاً محفوفاً بالمخاطر. وكما يوثق روبي في كتابه قال أحد الضباط لعربي كان يتحدث إلى المزراحيين في مدينة بئر السبع الجنوبية: “يُسمح لك بزيارة المدينة، لكن ليس من الصواب أن تتحدث إلى السكان”.
على الرغم مما وصفه روبي بأنه “سياسة فرق تسد التي تبذلها الحكومة لزرع بذور الكراهية المتبادلة بين المواطنين الفلسطينيين والمزراحيين”، حث المزراحيون مثل الكاتب اليهودي العراقي المولد “لطيف دوري” Latif Douri على إنشاء حركة شبابية اشتراكية مشتركة للمزراحيين والفلسطينيين المراهقون لتعزيز “جسر التفاهم” بين الشعبين اليهودي والعربي. وكتب دوري أن «نضالنا المشترك» هو السبيل الوحيد لخلق مستقبل إيجابي لـ«الشعبين الشقيقين» اللذين يقفان «يداً بيد أمام الموجات القومية».
الاستعمار والأصالة والأمة – من منظور مزراحي
ومع ذلك، بالنسبة للعديد من المزراحيين، لم يكن الهدف محاربة فكرة الوطن اليهودي في حد ذاتها، بل محاربة الصهيونية الأشكنازية، التي اعتبروها استعمارية وعنصرية في جوهرها. لقد أدركوا أن هناك فرقاً بين الهجرة والاستعمار، ولم تكن لديهم مشكلة في عودة اليهود للعيش على أرض أجدادهم طالما أنهم لم يطردوا أو يستغلوا الفلسطينيين الذين عاشوا هناك بالفعل. ويتناقض هذا الرأي بشكل صارخ مع الشعار الصهيوني المبكر الذي وصف فلسطين قبل الاستيطان اليهودي بأنها “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.
من المفيد أن نتوقف لحظة لفهم ما يعنيه هذا الشعار حقاً. لا يعني ذلك أن الصهاينة الأوائل اعتقدوا حرفيًا أن فلسطين كانت صحراء غير مأهولة – فعندما زارها هرتزل، رأى العرب المحليين بأم عينيه وأطلق عليهم اسم “السكان الأصليين”. في الواقع، قام اليهود الأوروبيون الذين استقروا في فلسطين في أوائل القرن العشرين بإضفاء طابع رومانسي على السكان المحليين باعتبارهم رموزاً للأصالة المحلية، إلى درجة أنه كان من المألوف بالنسبة للشباب الصهاينة ارتداء زي الراعي البدوي وخلط لغتهم العبرية بعبارات عربية. وكما كتب أحدهم لاحقاً: “كنا نموت لنكون مثلهم… لنتحدث مثلهم، لنسير مثلهم، قلدناهم في كل شيء… كنا نعتبرهم نموذجاً للمواطنين الأصليين”. من الواضح أنه كان هناك بالفعل أشخاص على هذه الأرض. لكن من وجهة نظر العديد من الصهاينة الأوائل، لم يكن هناك شعب. وقد وصفهم هرتزل بأنهم “جموع مختلطة”، خليط من مجموعات سكانية مختلفة بدلاً من مجموعة عرقية واحدة متماسكة. ووفقاً للمنطق الأوروبي في بناء الدولة القومية في القرن التاسع عشر، فإن الأمة الموحدة فقط هي القادرة على المطالبة بالحقوق القومية، وبالتالي فإن عدم تجانس العرب المحليين يبطل أي حقوق قد تكون لديهم في الأرض على أساس أصلهم.
كان الصهاينة الأشكناز سعداء بالنظر إلى العرب باعتبارهم مُثُلاً رومانسية بينما كانوا يفتقرون إلى القوة، لكنهم أعادوا بناءهم باعتبارهم “الآخر” عندما أصبحوا يشكلون تهديداً كبيراً من خلال معارضة إقامة الدولة اليهودية في فلسطين. وهكذا تحول الصهاينة من التنكر كعرب قبل تأسيس إسرائيل إلى التمييز ضدهم بعد ذلك.
وفي هذه الأثناء، كانت الحركة الصهيونية الأشكنازية تحاول إنتاج شعب يهودي موحد من أجل المطالبة “بالحقوق القومية”. ولتحقيق ذلك كان عليها أن تجرد المزراحيين من أي علامات للهوية العربية، الأمر الذي يتحدى صورة الوحدة. ومع ذلك، أظهر هذا بشكل متناقض أن الشعب لم يكن جوهراً ثابتاً، بل هو بناء مصنّع، به قطع يمكن إزالتها حسب الرغبة. كانت الأصلانية والأمة فئتين مبنيتين اجتماعياً، وتتغيران باستمرار اعتماداً على الاحتياجات السياسية في ذلك الوقت.
لقد رفض المثقفون الشرقيون رفع شأن اليهودية بينما يشوهون العروبة. وبدلاً من الموافقة على شكل من أشكال الصهيونية الذي من شأنه أن يبني دولة قومية ذات أمة واحدة على القمة، دفعوا من أجل إعادة صياغة من شأنها أن تمنح حقوقاً متساوية لجميع سكان الأرض. والطريق الوحيد إلى هذا النوع من الرؤية العالمية هو التخلي عن فكرة هرتزل القائلة بأن اليهود موجودون هناك ليكونوا “موقعاً متقدماً للحضارة ضد الهمجية”.
ولكن بحلول السبعينيات، كانت الأحداث التاريخية قد ضيقت المجال أمام تصور نسخة من إسرائيل يمكنها أن تقدم للجميع حقوقا متساوية. وفي حرب عام 1967، استولت إسرائيل على الضفة الغربية من الأردن، وغزة وشبه جزيرة سيناء من مصر، ومرتفعات الجولان من سوريا، مما أدى إلى توسيع الأراضي الخاضعة لسيطرتها بشكل كبير. وتم تهجير ما يقرب من 300 ألف فلسطيني من الأراضي المحتلة حديثاً، ووقع الملايين تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي. ورغم أن إسرائيل أعادت سيناء في وقت لاحق، إلا أنها حافظت على درجات متفاوتة من القوة على المناطق الأخرى.
هل يمكن للتضامن اليهودي الفلسطيني أن يكون أكثر من مجرد رؤية رومانسية اليوم؟
قد تتوقع، بناءً على تاريخهم، أن اليهود الشرقيين سيرتبطون باليسار الإسرائيلي اليوم. لكن الأمر ليس كذلك: فالعديد من المزراحيين أصبحوا الآن يمينيين. في الواقع، من المستحيل فهم ميل إسرائيل إلى اليمين وصعود حزب الليكود المتشدد دون فهم مسار المزراحيين. اذاً ماذا حصل؟
بادئ ذي بدء، أدت تجربة الطرد من الدول العربية بعد عام 1948 بطبيعة الحال إلى توتر مشاعر العديد من اليهود تجاه العالم العربي. بالإضافة إلى ذلك، منذ لحظة وصولهم إلى إسرائيل، علمت تجربة التمييز ضد المزراحيين أن اكتساب المكانة الاجتماعية كان مشروطًا برفض العروبة. وما هي أفضل طريقة لرفضه من أن نصبح الأكثر قومية ومعاداة للعرب على الإطلاق؟ تقول “سمادار لافي” Smadar Lavi عالمة الأنثروبولوجيا المزراحية اليهودية من أصل مصري ومؤلفة كتاب “ملفوفة بعلم إسرائيل: الأمهات العازبات الشرقيات والتعذيب البيروقراطي” Wrapped in the flag of Israel : Mizrahi single mothers and bureaucratic torture “إذا كان خيارك الوحيد هو هز نقائك العنصري – فأنت بحاجة إلى إثبات أنك يهودي جيد، وهو ما يعني أنك إذا كنت يهودياً قومياً فهذا ما ستفعله”.
ولكن كان هناك عامل آخر. طوال العقود الثلاثة الأولى من وجود إسرائيل، كان يحكمها حزب العمل، الذي كان متجذراً في كل من الاشتراكية والصهيونية الأشكنازية. من الناحية العملية كان ذلك يعني بناء مؤسسات يسارية مثل الكيبوتس – وهو نوع من المجتمعات الزراعية الطوباوية التي يعود تاريخها إلى الأيام الأولى للصهيونية – حتى مع طرد الفلسطينيين من أراضيهم والتمييز ضد المزراحيين الذين كان من المرجح أن يتم توظيفهم كعمال رخيصين في الأراضي المحتلة). الكيبوتس بدلاً من الحصول على العضوية فيه.
وكانت هذه هي نسخة “اليسارية” التي واجهها المزراحيون. بالنسبة للكثيرين، كان الاستمرار في دعم حزب العمل عندما كان يمثل الصهاينة الأشكناز الذين اضطهدوهم احتمالاً غير ذات جدوى.
من ناحية أخرى، استخدم اليمين الإسرائيلي، الذي فضل نهجاً أكثر تشدداً في التعامل مع الفلسطينيين، بشكل استراتيجي التمييز الذي يمارسه اليسار ضد المزراحيين لصالحه. من خمسينيات إلى سبعينيات القرن العشرين، استثمر في مغازلة المزراحيين من خلال وعدهم بمزايا ملموسة وإمكانية صعودهم إلى أعلى. وبلغ هذا ذروته في انتخابات تاريخية مفاجئة في عام 1977، عندما ساعد المزراحيم في إطاحة حزب العمل الحاكم من خلال التصويت لصالح حزب الليكود اليميني بقيادة “مناحيم بيغن” Menachem Begin. ومع ارتباط المزراحيين بالليكود، فقد تبنوا بعض وجهات نظره السياسية.
واليوم، يقود نتنياهو المعارض لفكرة الدولة الفلسطينية، والذي أشرف على تكاثر المستوطنات الإسرائيلية على نحو أدى إلى تقويض إمكانية إنشاء دولة فلسطينية. والمزراحيم – الذين ما زالوا محرومين اقتصادياً مقارنة بالأشكناز – يشكلون جزءاً مهماً من قاعدته.
وبطبيعة الحال هناك بعض المزراحيين اليساريين. لقد حاولوا الانضمام إلى اليسار الإسرائيلي، الذي يهيمن عليه اليوم الأشكناز. لكن الكثيرين منهم أصبحوا يشعرون بالغربة، ويشعرون أن الأشكناز يتجاهلون القضايا التي تهمهم – مثل الفقر وعدم المساواة في السكن، والتي هي إرث التمييز العنصري داخل إسرائيل.
لقد حاول المزراحيون بشكل دوري إعادة تشغيل الرؤية القديمة للتضامن مع الفلسطينيين من خلال تأسيس مجموعاتهم الخاصة، مثل “ائتلاف قوس قزح الديمقراطي المزراحي” Mizrahi Democratic Rainbow Coalition في التسعينيات، و”تحطيم الجدران” Breaking down walls في عام 2019، و”التجمع المدني المزراحي” Mizrahi Civic Gathering في عام 2023.
تصر “نيتا عمار شيف” Neta Amar-Shift محامية حقوق الإنسان المزراحية على أن مستقبل الإسرائيليين مرتبط بمستقبل الفلسطينيين، لأن الصراع الطويل يعرض كلا الشعبين للخطر. “أعلم أنه إذا لم يكن الفلسطينيون آمنين، فلن أكون آمنًا. قالت: “إما الدمار المؤكد المتبادل أو الخلاص المؤكد المتبادل”. لكن الآن ـ كما كان الحال في السابق ـ فإن مجموعات بناء الجسور المزراحية هذه تعاني من نقص الموارد. وبما أن المزراحيين يشكلون النسبة الأكبر من اليهود في إسرائيل، فإن هذا لا يبشر بالخير بالنسبة لاحتمالات السلام في إسرائيل. ولا يقتصر الأمر على المزراحيين فقط، فقد كان الجمهور الإسرائيلي ككل يتحرك نحو اليمين من سنوات.
منذ تأسيس إسرائيل، أدرك الفلسطينيون أنه لا توجد إمكانية للتعايش في المجتمع الإسرائيلي؛ وهم لا يريدون ذلك. ولذا احتفظوا بهوية وطنية وثقافية قوية. ومع ذلك فإن المزراحيين يريدون بشدة أن يصدقوا أنهم جزء من الدولة اليهودية. لقد لعبوا لمدة سبعون عاماً وفقاً لقواعد النظام الصهيوني. لقد تخلصوا من أسمائهم، وتخلصوا من لغتهم، وتخلصوا من التاريخ والثقافة، وظلوا بلا شيء. ولا تزال الفجوات بين الأشكناز والمزراحيين في التعليم والدخل قائمة، وفي بعض الحالات آخذة في الاتساع. تظهر الدراسات أن المدارس ذات الجودة المنخفضة هي في البلدات المزراحية، وتُظهر تفاوتاً عميقاً في الميزانيات المخصصة تاريخياً للثقافة المزراحية. إن عدم المساواة هذا ليس من قبيل الصدفة. إنها نتيجة مباشرة لهذه الصورة الذاتية البيضاء لإسرائيل كدولة استعمارية غربية.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.