قراءة في تصريحات منصف المرزوقي: دعوة تاريخية للمصالحة المغاربية

عبد الله مشنون

كاتب صحفي مقيم في ايطاليا

دعا الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي، في تصريحاته الأخيرة، إلى مصالحة تاريخية بين الجزائر والمغرب، تهدف إلى إعادة الحيوية إلى الاتحاد المغاربي وإخراجه من حالة الجمود التي عاشها خلال السنوات الماضية.

وأشار المرزوقي، عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، إلى ضرورة تجاوز عقبة الخلاف حول الصحراء المغربية، والعمل على استعادة وحدة الفضاء المغاربي. وقال: “آن الأوان للمصالحة التاريخية بين الأشقاء ولتجاوز عقبة الخلاف حول الصحراء المغربية. آن الأوان لإخراج الاتحاد المغاربي من غرفة الإنعاش”.

وشدد الرئيس التونسي السابق على أن إعادة الوحدة المغاربية تتطلب ضمان الحريات الأساسية للمواطنين داخل الفضاء المغاربي، وهي: حرية التنقل، حرية الاستقرار، حرية العمل، حرية التملك، وحرية المشاركة في الانتخابات البلدية.

واختتم المرزوقي رسالته بالقول: “آن الأوان ليتغلب صوت الحكمة والعقل والمصلحة العامة. إذ لا طريق غير هذا حتى تصبح أوطاننا الأرض التي نهرب إليها، لا الأرض التي نهرب منها”.

تأتي تصريحات المرزوقي بعد أيام قليلة من إعلان الإدارة الأمريكية عن وساطة بين الجزائر والمغرب لتجاوز الخلافات حول الصحراء المغربية، في محاولة لإيجاد حلول عملية تساهم في استقرار المنطقة وتعزيز التعاون المغاربي.

تعود جذور النزاع حول الصحراء المغربية إلى عام 1975، عندما انسحبت إسبانيا، المستعمِرة السابقة، من المنطقة، رغم أن تاريخيًا الصحراء كانت جزءًا لا يتجزأ من المملكة المغربية، وهو أمر معروف لدى الإدارة الإسبانية آنذاك. بعد الانسحاب، سعت جبهة البوليساريو الانفصالية، المدعومة من الجزائر، لإقامة كيان منفصل على الأراضي المغربية، بينما عرض المغرب من جانبه حلاً يقوم على منح الصحراء المغربية “حكمًا ذاتيًا” تحت سيادته الوطنية، في إطار الحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته التاريخية.

وقد صوّت مجلس الأمن الدولي مؤخرًا لصالح دعم خطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء المغربية، معتبرًا أنها “الحلّ الأكثر واقعية” للإقليم المتنازع عليه، وداعيًا جميع الأطراف للانخراط في مفاوضات استنادًا إلى هذه الخطة، مع تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء المغربية لمدة عام آخر.

تظل تصريحات منصف المرزوقي هذه نداءً للحكمة والتعقل، ودعوة عملية لكل الأطراف للعمل من أجل مستقبل مشترك يعيد للأمة المغاربية وحدتها وقوتها، ويحول الفضاء المغاربي إلى منطقة تعاون مزدهرة تستفيد منها شعوبها.