تُمثّل القدس في فكر حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وشعبنا الفلسطيني العاصمة الأبدية وخطّها الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه، وبوصلة المقاومة التي لا تحيد عنها، والقِبلة التي تُراق الدماء لأجلها، وتوجّه البنادق لتحريرها من دنس الاحتلال.
ولطالما كانت القدس عنوان الصراع مع الاحتلال مع تعاقب الأزمنة، ومن أجلها اندلعت انتفاضة الأقصى عام 2000م، ثم أعقبتها انتفاضة القدس عام 2015م، ثم معركة سيف القدس التي سلت المقاومة فيها سيفها دفاعاً عن المدينة المقدسة، وردعًا لاعتداءات الاحتلال على شعبنا في القدس عام 2021م.
وعلى هذا النهج اندلعت انتفاضة القدس التي توافق اليوم الذكرى الثامنة لاندلاعها في الأول من أكتوبر عام 2015م، ردًا على جريمة المستوطنين البشعة بحرق عائلة دوابشة الفلسطينية بمحافظة نابلس، وتصاعد جرائم الاحتلال وعدوانه على المسجد الأقصى المبارك.
إيتمار البداية
أشعلت كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس شرارة انتفاضة القدس بعد أيام فقط من جريمة حرق المستوطنين لعائلة دوابشة، فنفذت في الأول من أكتوبر عام 2015 عملية إطلاق نار قرب مستوطنة “إيتمار”، أدت إلى مقتل مستوطنين صهيونيين، تلتها سلسلة عمليات نفذها الشباب الفلسطيني الثائر، تنوعت بين دهس وطعن وإطلاق نار في القدس المحتلة ومختلف مدن الضفة الغربية.
شرارة الانتفاضة تحوّلت إلى بركان ثائر على الاحتلال، حيث وصل عدد العمليات البطولية التي نُفذت خلال الانتفاضة إلى 147 عملية طعن، وكان من أبرز تلك العمليات عملية الشهيد مهند الحلبي في مدينة القدس والتي قَتل فيها مستوطنين، وعملية الأسير عمر العبد في مغتصبة “حلميش” والتي قَتل فيها ثلاثة مستوطنين، وعملية الأسير رائد المسالمة في مدينة تل الربيع التي قَتل فيها مستوطنين.
فيما بلغ عدد عمليات الدهس خلال الانتفاضة 44 عملية، أبرزها عملية الاستشهادي علاء الجمل التي قَتل فيها حاخامًا صهيونيًا وأصاب 7 آخرين، وعملية الشهيد فادي القنبر من جبل المكبر التي أسفرت عن مقتل 4 صهاينة وإصابة 15 آخرين بجروح مختلفة.
كما نفذ الشبان الفلسطينيون 266 عملية إطلاق نار ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه، كان من أبرزها عملية الشهيد بهاء عليان والأسير بلال غانم، والتي استهدفت حافلة صهيونية في مدينة القدس المحتلة، وعملية الشهيد نشأت ملحم التي استهدفت رواد أحد المقاهي وسط مدينة “تل أبيب”، وعملية الأسير عبد الباسط الحروب قرب تجمع مغتصبات “غوش عتصيون”، وعملية الأسير نمر الجمل في مدينة القدس المحتلة.
وأدت العمليات الاستشهادية التي نفذها الشبان الفلسطينيون خلال انتفاضة القدس إلى مقتل 59 صهيونيًا، وإصابة 1179 آخرين.
سيف القدس
وبعد مرور 6 سنوات على انتفاضة القدس في العاشر من مايو 2021م صعّد الاحتلال من جرائمه بحق المقدسيين والمسجد الأقصى المبارك وأهالي حي الشيخ جراح، فأطلقت المقاومة وعلى لسان قائدها العام محمد الضيف تحذيراً لقادة الاحتلال للكف عن اعتداءاتهم على حي الشيخ جراح ومدينة القدس، وأمهلت المقاومة الاحتلال على لسان القائد العام توقيتا لسحب جنوده، وإن لم يستجب فالمقاومة لها كلمتها، وبعد انتهاء المهلة سلت المقاومة سيفها لتكون درعاً وسنداً للقدس وأهلها، وخاضت معركة سيف القدس دفاعاً عن الأقصى، وتؤكد حركة حماس أن سيف القدس لن يُغمد حتّى زوال الاحتلال وتحقيق تطلعات شعبنا في التحرير والعودة، وأن شعبنا لا يزال يستلهم من تلك المعركة معاني البطولة والصمود والمقاومة والتضحية، ويمضي على درب ذات الشوكة، في كلّ الساحات والميادين، ثائرًا ومشتبكًا مع العدو، في الدّاخل المحتل والقدس وعموم الضفة الغربية وقطاع غزّة.
جذوة مستمرة
بعد معركة سيف القدس فوجئ الاحتلال بأن المعركة لم تكن شعلة تُطفَأ، بل أسست لدفعة قوية أطلقت في نفوس شعبنا لتتشكل بعدها مجموعات المقاومة في الضفة وتتصاعد عملياتها، لتجعل كل أجهزة الاحتلال في حالة استنفار واستنزاف على مدار الساعة.
وتشهد القدس والضفة الغربية اليوم تصاعدا مطردا في عمليات المقاومة، وباتت المقاومة منهاج حياة لدى الشباب الفلسطيني في القدس ونابلس وجنين وطولكرم وأريحا التي باتت اليوم قلاع مقاومة تصنع ذل الاحتلال بشكل يومي.
وأظهرت عمليات المقاومة في مدن الضفة تطورًا ملحوظا في أدائها وتكتيكاتها، حيث بلغ عدد قتلى الاحتلال من عمليات المقاومة المختلفة خلال العام الجاري 37 صهيونيًا، وعشرات الإصابات.
وشكّلت انتفاضة القدس محطة من محطّات نضال شعبنا المستمر في الدفاع عن القدس والأقصى، تجلّت فيها ثورة شعبنا ضد الاحتلال صمودًا ومقاومة حتى انتصاره، ورسمت بارقة أمل بزوال الاحتلال، وقدرة شعبنا على دحره مهما كلّف ذلك من تضحيات.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.