ا.د.ضياء واجد المهندس
في ثلاثينيات القرن الماضي ، لم يكن ببغداد مسارح بالمعنى الصحيح أو حركة مسرحية فعلية مثل التي كانت في مصر آنذاك. وكان من أكبر رواد المسرح المصري آنذاك الفنان (جورج أبيض ).. الذي قرر أن يُحضر فرقته ويأتي الى بغداد حتى يعرض مسرحيته الناجحة جداً في وقتها (يوليوس قيصر) ..
أحضر جورج أبيض معه الممثلين الرئيسيين فقط ولم يأتِ بالكومبارس حتى يوفر نفقات السفر وتكاليف الإقامة .
وبما أنه لا يوجد مسارح بمعنى المسارح ببغداد ،اختار أن تعرض مسرحيته بمنطقة الميدان في أحد المقاهي الكبيرة ، وكون مسرحه من مناضد المقهى ..واجه (جورج ابيض ) مشكلة كيف يأتي بكومبارس محلي ؟؟؟؟!!!!! فلم يجد من يقبل أن يقوم بالدور.
نصحوه بأن يذهب لمنطقة الميدان وهي مشهورة عند البغداديين ، وتعج وقتها بحثالة المجتمع من السكارى ومدمني الخمور والنشالين والشواذّ والنصابين ،وهم مستعدون مقابل خمسة دراهم أن يقوموا بأي دور مسرحي ..
وفعلاً أحضرهم المخرج، وألبسهم ملابس النبلاء والشرفاء ودربهم.. وفي يوم العرض المسرحي سارت الأمور على ما يرام والمسرح مكتظٌّ بالجمهور ..
إلى أن وصلت المسرحية للمشهد الذي ينادي به حاجب الملك بأعلى صوته:
والآن فليتقدم أشراف روما للسلام على جلالة القيصر .
وانهالت التعليقات البغدادية الساخرة ،وبدأ الهرج والضحك بصوت عال عندما رأوا افراد الكومبارس فعرفوهم، فهذا عزاوي النشال (حرامي ) وذاك قدوري النگري (نصاب) وذاك عموري قامة ( مجرم) وآخر كرومي دنگة (مدمن مخدرات) وفلاح المطيرچي (مثلي) … فصاح الجمهور :
ولك انزل صايرلي فيها شريف روما انت وياه؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
… فصار المثل :
(شريف روما من يومه)..
اليوم ،، بلدنا يعج بحثالة البلد ، رغم تشابه الميادين والكومبارسات ولكن اختلفت الاسماء ..
فما أكثر الذين يمثلون دور أشراف روما بيننا و من يتولى امرنا..
تقول خاچية :
من ضيم الإيجارات ، ومن ظلم المستثمرين أصحاب المجمعات ، وابتزازهم للمواطنين بالغلو في الأسعار حيث يربحون من المواطنين (10) مرات ، ياخذون الأراضي بالمجان ، و يمنحون القروض بلا فوائد ، و يبنون وحدات سكنية بمواصفات رديئة اوطىء من (واطئة الكلفة ) ، اصرخ في كل غروب :
الهي ، هل من شريف ينجدنا !!!!!
هل من شريف ينصفنا !!!!!
هل من شريف في حكومتنا أو برلماننا أو أحزابنا يقف معنا !!!!!
اللهم نشكو ضعف حالنا ،و سرقة الولاة ثرواتنا ، واسرافهم في اذلالنا ،والطعن في قيمنا ، و اكلهم حقوقنا ..
اللهم نسالك بعد أن يأسنا من شريف يعيننا ، و من رجل يعيد حقوقنا ، أن ترسل ولو (شريف روما ) حتى يبقى الامل فينا …
البروفسور د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.