أحمد رباص//
لاحظت مجلة “ذا ترمبت” الأمريكية أنّ الأحوال في مصر شبيهة بتلك التي سبقت اندلاع ثورة 25 يناير، وتوقعت أن تشتعل ثورة جديدة ضد النظام في القادم من الأيام. وورد في تقريرٍ نشرته المجلة في موقعها الإلكتروني أنه: “رغم أن النظام برئاسة عبد الفتاح السيسي يحاول أن يقضي على أعداء واشنطن في المنطقة، فإنَّه يجد نفسه مدانًا من قبل الإعلام الغربي وبخاصة بعد التسيب في مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثر على جثته في فبراير الماضي”. ثم أردفت: “الغضب المتصاعد في مصر بشأن حقوق الإنسان المهدورة وخنق حرية التعبير حمل الإعلام الغربي على الدعوة إلى ثورة جديدة مع المخاطرة بعودة جماعة الإخوان إلى الحكم مرة أخرى، ولفهم مدى خطورة القيام بثورة أخرى يجب علينا أن ننظر إلى الثورة التي قام بها الشعب المصري في يناير 2011”. وجاء في التقرير أنه بعد مرور 30 عاما تقريبا على حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ثار المتظاهرون ضد نظام اليد الفولادية الذي انتهجه مبارك وبخاصة في أواخر أيامه، وجذبت الثورة انتباه العالم أجمع ووكالات الإعلام الغربية، وانتشرت تقارير تُظهر الفساد الذي راكمه مبارك ونظامه في الثلاثين عاما الماضية. وكان موقف إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كما تقول المجلة، واضحا، حيث شجعت المتظاهرين على الثورة، و سرعان ما حسمت في موقفها من أقوى حلفائها في المنطقة العربية، في إشارة إلى حسني مبارك، كما أرغمته، بعد أسبوع من بدء المظاهرات في ميدان التحرير،على التنازل عن الحكم لصالح المجلس العسكري. وتضمن تقرير المجلة الأمريكية ملاحظة مفادها أنه بالرغم من طريقة حكمه والفساد الذي انتشر بين أغلب وزراء مبارك آنذاك، فقد كان له بعض ما يحسب له، إذ تحكّم في الجماعات الدينية المتطرفة، وعزَّز مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وحافظ على السلام مع إسرائيل، تماشيا مع الوعود التي وعد بالالتزام بها فور توليه الرئاسة منذ أكثر من ثلاثين عامًا. من جانب آخر، أشار التقرير إلى أنه عندما أطيح بنظام حسني مبارك، كشف بعض مدعي الثورة عن طبيعة نواياهم وتوجههم الإسلامي البحت تحت قيادة جماعة الإخوان، وتولّي محمد مرسي حكم البلاد، وحينها بدأ الاستحواذ على السلطة، وتعرض المتظاهرون في محيط القصر الرئاسي للرصاص الحي فمات منهم عدد غفير، وأعطي الضوء الأخضر لمرور السفن الحربية الإيرانية عبر قناة السويس، كما استدعي الجيش إلى المناطق منزوعة السلاح في سيناء، وهدَدت جماعة الإخوان بخرق اتفاقية السلام مع إسرائيل، وصار مرسي هو فرعون مصر الجديد. وذهب محررو التقريرإلى أن الجيش كان يراقب عن كثب كل ما يحدث دون أن يتدخل، ولكن عندما بدأ الاقتصاد في الانكماش تدخّل الجيش لإبعاد مرسي عن رئاسة الدولة للحيلولة دون التفكك الكامل للدولة المصرية، وجيء بالرئيس عبد الفتاح السيسي لوضع حد لهذه الفوضى التي زرعها مرسي. وجاء في تقرير المجلة المريكية أن مرسي اختار السيسي ليكون وزير دفاعه، ولكن عندما تولى السيسي حكم مصر أدرك خطورة ارتباط الدين بالسياسة، وألقى باللوم على رجال الدين لعدم حثهم على وقف العنف، فعين رجالاً من الأزهر لإصلاح الخطاب الديني والدعوة إلى نبذ العنف، وكان السيسي يدرك خطورة حركة حماس لذلك خلق منطقة عازلة بمسافة ميل واحد من الحدود الجنوبية لقطاع غزة، دون أن يغيب عن السيسي أيضا الموقع الاستراتيجي لقناة السويس في التجارة العالمية. أثناء تولي السيسي لمقاليد حكم البلاد، تقول للمجلة، لم ينل المثقفون حريتهم كما اعتقدوا، بل صدرت ضدهم “أحكام رادعة” هدفها منع أي شخص يفكر في معارضة النظام الحاكم، وجرى إغلاق العديد من القنوات التي كانت تُنادي بحرية التعبير، فضلاً عن مقتل الطالب الإيطالي مؤخرًا، على يد قوات الشرطة كما تداول النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يدل على أنّ الدولة لا تتورع عن القيام بأي شيء من الممكن أن يعكّر صفو نظامها، حسب تعبيرواضعي التقرير. وهكذا خلص التقرير إلى أن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى، حيث سجل أن المواطنين الغاضبين من نظام حكم حسني مبارك هم حاليا غاضبون من نظام حكم السيسي الذي ينهج نفس السياسات تقريبًا، وترى الغالبية العظمى من الثوار أن انتفاضة جديدة حان أوانها.. ونقلت المجلة عن صحيفة “نيويورك تايمز” ما جاء في مقالٍ نشرته متضمنا لدعوة إلى إلغاء التحالف بين مصر وأمريكا، بدعوى أنه منذ تسلم السيسي دفة حكم البلاد، صاعذغت إدارة أوباما مجموعة من الافتراضات الخاطئة، وأنَّه حان الوقت لتغيير ذلك وإعادة تقييم الوضع في مصرسيما وأن مصر أصبحت حليفا ضره أكثر من نفعه. وفي نفس السياق أوردت المجلة الأمريكية أن الزميلة البارزة تمارا كوفمان في معهد “بروكينغز كتبت مقالا بعنوان “مصر وعدم الاستقرار الذي يلوح في الأفق”، ، تُطالب فيه الإدارة الأمريكية باتّخاذ خطوات جدية لحماية نفسها من الاعتماد على دولة فقدت هيبتها وقوتها، قائلةً: “الحكومة المصرية الحالية لا تستطيع أن تستمر حتى نهاية فترتها فهي تحتاج إلى ثورة جديدة، وعلى عكس ما حدث في 2011 فالاقتصاد المصري الآن ما زال في حالة من التذبذب والترنح من تأثير الثورة الماضية، وتساءلت الكاتبة: هل ستكون الآثار مختلفة عن ما خلفته الثورة الأولى؟، وهل نتوقع أن تأتي لنا الثورة بنظام ديمقراطي بديلاً عن النظام الديكتاتوري الحالي؟”. واختتمت المجلة تقريرها قائلة إن مصر دولة على حافة الانهيار، والولايات المتحدة أمامها الآن خياران فقط، العمل والتعاون مع نظام ديكتاتوري أو إسقاط هذا النظام وانتظار النتائج مع تغذية الأمل في أنبثاق نظام ديمقراطي، وبغض النظر عما ستقرره الولايات المتحدة فلن ينتهي الاضطراب في مصر في وقت قريب.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.