كانت هوية تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وأسباب ظهو??ه في المنطقة العربية مثار جدل بين عدة باحثين خلال ندوة افتتحت بها أشغال مؤتمر نظمه منتدى الشرق، ابتداء من تاسع أبريل الجاري، في مدينة إسطنبول التركية، لإعادة التفكير في حالة العنف والتطرف بمنطقة الشرق الأوسط في محاولة لتفسير هذه الظاهرة من مختلف الجوانب . من الباحثين من شدد في مداخلاتهم على الأسباب الاجتماعية والسياسية والتاريخية لظهور التنظيم الجهادي، في حين أشار آخرون إلى أن التنظيم “مستقل” ويتعين استحضار هذا المعطى عبر مراحل البحث. لكن الحضور استغل هامش المناقشة ليتساءل عما اذا كان التنظيم الإرهابي موضوع هذه الندوة ناتجا عن مؤامرة خارجية. في البداية أكد إبراهيم كالن ، المتحدث باسم الرئاسة التركية، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية أن التنظيم يحاول تعليل خروجه إلى العلن عن طريق استغلال وتأويل النصوص الدينية من القرآن أو من السنة، وهو ما يتجلى بوضوح في خطاب أبوبكر البغدادي عندما نصب نفسه خليفة على المسلمين مدعيا انتسابه الى قبيلة قريش.. الى ذلك، أكد كالن على أن الإسلام يرفض العنف والتطرف ويدعو إلى التسامح، ويصعب بالتالي إيجاد مسوغات في الإسلام الحنيف لمثل هذه الأفعال. وتأسيسا على هذا الطرح قال كالن: “الكثير من المجموعات تقوم باستغلال الأفكار الدينية حول العالم لإثبات وجودها”. المتدخل الثاني كان هو طالب جان، النائب في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية، حيث ذهب إلى أنه يمكن تلخيص أسباب ظهور العنف والتطرف في المنطقة في “الحرب بالوكالة” التي تشعل أوارها الدول الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن استنكاف المسلمين عن استشراف ما يجري حولهم في العالم، وانغلاقهم على الثقافات الأخرى جعل المنطقة مسرحا لأعمال الإرهاب والتطرف. ثالث وآخر متدخل كان هو يحيى الكبيسي، الباحث في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، الذي انطلق من فرضية أن التنظيم وصعوده هما نتيجة حتمية للفشل الذريع الذي منيت به الدولة في كل من سوريا والعراق. ولا ختبار فرضيته وتأكيدها، قال الكبيسي إن السلفية لم تكن موجود لا في العراق ولا في سوريا بحكم خضوعهما لنظام علماني، غير أن الصراع الاجتماعي والسياسي في ظل القمع والاستبداد كان -في نظره- يفقأ العين، واستحال فيما بعد إلى صراع طائفي بمجرد ثبوت فشل الدولة في كلا القطرين. وجاء في مداخلة الباحث العراقي أن كل من يبحث في بداية الحركة يكتشف أنها لم تتعد في تكوينها عناصر قليلة العدد خلال عقد التسعينيات وأنها تقوت شيئا ما بفضل عودة مجموعات تدربت على حمل واستعمال السلاح أثناء الحرب العراقية الإيرانية وتلك مجموعات لم تمت بصلة للسلفية الجهادية، وكانت القاعدة لا تهيمن سوى على منطقة صغيرة من العراق سنة 2003. في ختام محاضرته، نبه الكيسي إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار للعوامل السياسية والاجتماعية التي جعلت تحول تنظيم الدولة الإسلامية إلى ظاهرة أمرا ممكنا، كما استبعد النظر إليه كما لو كان ذا إيديولوجيا واحدة وموحدة.
بقلم:أحمد رباص
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.