إبراهيم بلالي اسويح عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية
يبدو أن مضامين الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش والذي يصادف الذكرى 23 يوحي بإشارات قوية وفي ظرفية استثنائية بكل المقاييس يعيش صداها المغرب وباقي العالم. فالأزمة الاقتصادية العالمية الجديدة على الأبواب ومعدلات التضخم بلغت مستويات كبيرة، وذلك بسبب تداعيات حرب الغزو الروسي لأوكرانيا، بل وتغير خريطة التحالفات التي أصبح الإمداد بالطاقة ونقص الغذاء موجها رئيسيا لها أمام سعي حثيث واستنهاض الهمم الغربية لحلفائها لمنع الدب الروسي من تحقيق الانتصار بل باستغلال هذا التوغل لإضعافها، كذلك التهديد الوشيك الذي ما فتئت تشكله الصين على السلم الدولي مما يمهد لنشوب حرب عالمية ثالثة، بالمقابل إقليميا رجوع رياح تأثير ما يجري بمنطقة الساحل والصحراء على استقرار المنطقة المغاربية عموما، وتكريس مزيدا من التصعيد بين الجارين المغرب والجزائر بقطع هذه الأخيرة لعلاقتها الدبلوماسية وتوالي المناورات العسكرية على الحدود، صاحب ذلك هيمنة للهجة العداء على أبواق واقلام مأجورة.
فإذا ما تركنا جانبا رغم الأهمية البالغة لموضوعي سواء المرتبط بالمرأة ووضعها المتقدم حقوقيا والمراهنة مستقبلا على دعمه دستوريا ومدنيا، وكذا بالتحديات التي واجهت المغرب جراء انتشار جائحة كوفيد 19 وتبعاتها ذلك على البلاد والعباد وما أبان عنه المغاربة بكافة شرائحهم من تضامن وصمود في مواجهة مخاطر هذه الآفة، فإن المحور الثالث من الخطاب المتعلق بالعلاقة مع الجارة الجزائر سيستأثر من دون أدنى شك بالاهتمام، ليس فقط لطبيعة العلاقة شبه التصادمية السائدة بين البلدين لاعتبارات جيوسياسية إقليمية متعددة لن نخوض في تفاصيلها الآن.
ولكن مؤشر الدعوة للحوار والتواصل وتأثيره الفعلي على مسار الدبلوماسية المغربية التي تشكل الخطابات الملكية نبراس ضوئها عند في التعاطي مع التدبير المختلف للقضايا والمواقف إقليميا وقاريا وعالميا.
إن تجليات التواصل والدعوة للحوار التي دعا لهما جلالة الملك بأن تكون بين المغرب والجزائر رسمتهم إنجازات الدبلوماسية الناعمة المنفتحة خلال السنين الأخيرة، فلا هي هجومية بدون بصيرة أو دفاعية أقرب للعدمية.
قد يبدو ظاهريا بأن الرسائل الموجهة هي بالفعل انسجام مع قيم توارثها المغاربة للأخوة والمصير المشترك لكن فلسفة وحكمة الواقع تنذر بأن المغرب في عمقه قد قطع مع دبلوماسية الظرفية والانفعال إلى منحى قد جاء الخطاب الملكي لتكريسه أكثر تبصرا واستراتيجيا في علاقة المملكة مع مختلف الشركاء والجيران خاصة الجزائر قوامه ومقدراته تصب في خانة التقارب وتعزيز السلم والاستقرار بدل الارتكاز إلى العقيدة العسكرية البائدة أو العيش على مخلفات ريع تاريخي يأبى الانفتاح ويتمسك بالحدود المصطنعة التي لن تصمد امام عواصف العولمة المتوالية والمتجددة.
ان عمق التحليل السياسي سيقودنا لامحالة الى إثارة ان اي تسوية منشودة للخلاف المغربي الجزائري لا بد وان يكون بشكل محوري ايجاد حل لقضية الصحراء المغربية، هذه الأخيرة مرهونة بتعاون أطراف النزاع وفي مقدمة ذلك الجزائر الطرف الرئيسي وهو امر أصبح يشكل اجماعا دوليا تزكيه قرارات مجلس الأمن المتتالية حول القضية او الدعوة المتكررة للتعاون مع المبعوث الشخصي للأمين العام في هذا الملف ستيفان دي ميستورا وهو مايبرز بوضوح بأن قطار الدبلوماسية الملكية يسير على سكة الاستقرار والتبصر…
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.