باسم الله الرحمن الرحيم، والصّلاة والسلام على أشرف المرسلين
السّيد الرئيس المحترم
السيدات والسادة عضوات وأعضاء مجموعة العمل الموضوعاتية، ممثلي الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب؛
السّيدات والسّادة النّواب المحترمين؛
السّيدات والسّادة الأطر وممثلي وسائل الإعلام
أيها الحضور الكرام،
يسعدني أن أتناول الكلمة أمام مجلسكم الموقّر في إطار التفاعل مع الملاحظات الرّصينة والخلاصات والتوصيات القيّمة التي انتهى إليها تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المكلّفة بالمنظومة الصحية، وما أعقبه اليوم من مناقشات جادّة في إطار تدخلات السّيدات والسّادة النواب المحترمين.
نتواصل اليوم رغم إكراهات الظّرفية الدّقيقة وتحدّيات المرحلة، وفي سياق وبائي استثنائي، تطبعه- ببلادنا- حالة وبائية مُتحكّم فيها إلى حدّ كبير، وهو استقرار وفّر الظروف الملائمة لانسيابية تواصل الحملة الوطنية الواسعة للتلقيح، وللتفكير في التخفيف التدريجي لقيود الطوارئ الصّحية، ولفتح أوراش كبرى للحماية الاجتماعية بمبادرة وقيادة مولوية سامية من جلالة الملك حفظه اللّه، وتوجيهاته السّديدة للحكومة بتسريع وتيرة تنزيلها وتفعيلها عبر الاشتغال على إصلاح هيكلي عميق للعديد من الأنظمة والبرامج والأنشطة ذات التأثير البالغ في المجتمع، سيما ما ارتبط منها بتأهيل المنظومة الوطنية للصحة، والنهوض بالقطاع الصحي، وتعميم الحماية الاجتماعية قصد تجاوز آثار الأزمة، وتخفيف التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزتها على المواطنات والمواطنين في أفق العودة التدريجية للحياة العادية عند بلوغ المستويات المنشودة من التّحصين الجماعي ضد الفيروس، وكذا، توفير الشروط الملائمة لتنزيل النموذج التنموي الجديد الذي تم تقديمه أمام جلالة الملك يوم 25 ماي الماضي.
حضرات السّيّدات والسّادة؛
إنّ هاجس تجويد المنظومة الوطنية للصحة والارتقاء بها، خاصّة بعدما تأكّدت أهميتها ومكانتها في ضمان الأمن الصّحي للوطن والمواطنين وحماية الصّحة العامّة، يظلّ هدفاً استراتيجيا كبيراً تراهن عليه السّلطات العمومية ببلادنا من خلال تفعيل إصلاحات جوهرية يستدعي تنفيذها – كما تعلمون – تحوّلات كبيرة وإطلاق إصلاحات مجتمعية كبرى بنيوية وشاملة وفقاً للتوجيهات التي سبق وأعلن عنها جلالة الملك حفظه اللّه في خِطابَيْ العرش وافتتاح البرلمان سنة 2020، والتي تم ترجمتها عبر المصادقة على القانون- الإطار رقم 09.21 المتعلّق بالحماية الاجتماعية، وإصداره ونشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 5 أبريل 2021، ثم إطلاق عملية تنزيله وتوقيع الاتفاقيات الأولى المتعلقة به بالقصر الملكي بفاس في 14 من الشهر نفسه.
هذا القانون شكّل الّلبنة الأساسية والإطار المرجعي لتنفيذ الرؤية الملكية الصائبة في مجال الحماية الاجتماعية، وتحقيق الأهداف النبيلة التي حددها جلالة الملك نصره اللّه لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، حيث التزمت السّلطات العمومية، من خلال بنوده بالاشتغال على إصلاح المنظومة الصحية الوطنية وتأهيلها، كما نصت على ذلك المادة 5 منه، وعلى مراجعة النّصوص التشريعية والتّنظيمية المتعلّقة بالحماية الاجتماعية وبالمنظومة الصّحية الوطنية، وعلى إدراج تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في أجل أقصاه نهاية 2022 لصالح 22 مليون مستفيد إضافي لتغطية تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء كما تضمنتها ديباجة القانون السّالف ذكره.
ثم لا يفوتنا التّذكير هنا بالدّور الطّلائعي الذي قام به المجلس النّيابي في الانخراط والتعبئة الواسعة لمكافحة جائحة كورونا من خلال إعطاء أولوية، في نطاق ممارسته لمهامه ووظائفه الدستورية، للأنشطة المتعلقة بالتشريع والرقابة والتقييم التي تلامس انشغالات المرحلة. وفي هذا السّياق نفسه يمكن إدراج تقرير المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالمنظومة الصحية الوطنية، تفعيلاً في ذلك لمقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب، والذي حاول، من خلال الأسئلة المؤطّرة له، إثارة العديد من أوجه القصور والإشكالات والعوائق التي يعرفها قطاع الصّحّة ببلادنا، كما قدّم بصددها جملة من المداخل والمقترحات والتّوصيات المفيدة والبناءة والتي لا نختلف حول قيمتها ووجاهتها وأهميتها في المجهود الإصلاحي الحالي بغرض التأسيس للنّموذج الصّحي الانسب لبلادنا، القادر على تلبية تطلعات كافة المغاربة.
حضرات السّيّدات والسّادة؛
إنّ الارتكاز على الإشكالات الأربعة التي حددت محاور عمل المجموعة الموضوعاتية والمرتبطة بـمجالات:
التغطية الصحية والتمويل الصحي وحكامة القطاع؛
مزاولة المهن الطبية والشبه الطبية والبحث العلمي؛
البنيات التحتية والخريطة الصحية؛
المحدّدات الاجتماعية للصّحّة.
شكّلت دائما نقطا محورية حظيت بالاهتمام في كل البرامج وكل مخطّطات العمل الرامية إلى رفع قدرات المنظومة الصحية وإعدادها للتعامل مع خدمات الرعاية الصحية الاعتيادية، وكذا مع الأوبئة والكوارث. غير أنّنا وصلنا اليوم جميعاً، بعد تشريح هذا الوضع، إلى قناعة بمحدودية المنظومة الصّحّية الحالية التي بلغت درجة التّشبّع بسبب تعاقب عدد من الإصلاحات التي عرفتها دون إحداث تغيير حقيقي في القطاع، ويكفي أن نذكر من ذلك:
مبادرة تكوين 3.300 طبيب/سنة في أفق 2020؛
برنامج المساعدة الطّبية ‘راميد’؛
برنامج تأهيل البنيات التحتية 2016-2021؛
برنامج دعم قدرات تدبير قطاع الصّحّة PAGSS (2007-2011) ؛
برنامج إدارة وتمويل قطاع الصّحّة PFGSS (2001-2005)؛
برنامج تأهيل العرض الاستشفائي مع البنك الأوروبي للاستثمار BEI (منذ 2006)؛
وكما يعلم الجميع، فقد شكّل النقص المُزمِن في الموارد البشرية، وغياب التّوازن الجهوي في توزيعها تحدياً كبيرا للقطاع الصّحّي، إذ تعرف الوضعية الرّاهنة عجزاً بنيوياً كمّياً ونوعياً في مهنيّي الصحة بحاجيات تتجاوز 97 ألف مهني (32.522 من الأطباء و65.044 من الممرضين) حيث لا تتعدى الكثافة الحالية 1,7/1.000 نسمة (ما يعني خصاصاً مُهوِلاً يصل إلى 2,75/1.000 نسمة طبقا للغايات المحددة في أهداف التنمية لمستدامة)، كما أن نسبة استعمال المناصب المالية بالنسبة للأطقُم الطّبّية والتمريضية والتّقنية باتت تُساءِلُنا وتدفعنا إلى البحث عن حلول مستعجلة لهذا الإشكال، إذ لا تتجاوز في بعض الأحيان حاجز 30%، إضافة إلى تراجع القيمة الاعتبارية للمهن الصحية ببلادنا، وانعدام العدالة في التّوزيع الجغرافي لها وعدم تكافُئ العرض الصّحّي الذي لا يستجيب لتطلّعات المواطنين، حيث يتميّز عرض العلاجات الصّحّية بضعف مؤشّرات الولوج، وبوجود فوارق بين الجهات وبين الوسطين القروي والحضري، وكذا تقادم البنيات التّحتية وضعف سياسة الصّيانة، وعدم احترام معايير الخريطة الصحية في إحداث المؤسّسات الصّحّية العمومية، وغياب التّحفيزات من أجل جلب القطاع الخاص وتشجيعه على الاستثمار في المجال الصحّي وفقا لمعايير الخريطة الصّحّية…
ومن جهة أخرى، فإنّ الضّعف الذي يعتري حكامة المنظومة الصحية يشكّل هاجساً للقطاع، ويتمثّل في ضعف التّكامل والتنسيق بين مكوّنات العرض الصّحّي الجهوي بسبب غياب مَسلك مُندمج للعلاجات وغياب التّرابط بين مختلف مستويات الرّعاية الصحية المتمثّلة في المراكز الاستشفائية الجامعية والمستشفيات الإقليمية والجهوية والوحدات الصحية للقرب وباقي وحدات الدّعم المرتبطة بها، وكذا ضعف حكامة المستشفيات ونجاعة أدائها بسبب نمط تدبيرها المستقل (SEGMA) وضعف مواردها الذاتية..
وكما أثار ذلك تقرير لجنة العمل الموضوعاتية، فمن ضمن عوامل قصور المنظومة الصّحية ببلادنا، محدودية تمويل القطاع الصّحّي الذي يَعتمِد، بشكل رئيسي، على المساهمة المباشرة للأسر التي تصل إلى 50,7% (مقارنة بالمعايير الدولية المحددة في 25%)، وضعف التمويل التأميني والتّعاضدي الذي لا يتجاوز 25%، إضافة إلى محدودية الميزانية المخصّصّة للقطاع الصّحّي التي لا تتجاوز نسبة 6% من الميزانية العامة للدّولة (بينما توصي منظمة الصحة العالمية بـ12 %)؛
وانطلاقا من التوجهات الكبرى في المجال الصحي المثارة في خطب جلالة الملك محمد السادس، نصره اللّه؛
وبالاستناد إلى إطار مرجعي عام يزخر بالنّظريات والأفكار والممارسات الجيّدة والمبتكرة التي تبيح نهج استراتيجية تنموية حقيقية لضمان المساواة وتحقيق الإنصاف بالنسبة لجميع السكان في مجال الاستفادة من الخدمات الطبية وتيسير الولوج إليها، ومواجهة المحددات الاجتماعية للصحة، سيما الفقر وضعف البنيات الأساسية، وبلوغ الأهداف الإنمائية للألفية ووضعها في صلب السياسات الوطنية؛
وبالاعتماد على الإطار المعياري الدولي المتأتّي من المعاهدات والمواثيق الدولية المصادق عليها والذي ينصّ على إعمال الحقّ في الصحة وضمان التغطية الصحية الشاملة للجميع؛
واعتباراً لأهمية مراجعة الإطار التشريعي المكوّن لترسانة النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة للمنظومة الصحية خاصّة ما ارتبط منها بتنظيم وتأطير المهن الطبية وشبه الطبية، مع إعادة النّظر في الهيكلة المؤسساتية لتدبير المنظومة الصحية؛
واستلهاما لمسارات الإصلاح والتغيير الكبرى التي تضمّنها التّقرير العام حول النّموذج التنموي الجديد، سيما ما يتسم منها بطابع الاستعجالية للاستجابة لانتظارات المواطنات والمواطنين؛
وبالاستناد إلى المجهود النّيابي ودوره الكبير في الإشارة إلى مكامن القصور والخلل في المنظومة الحالية للصّحّة، وفي تقديم رُؤَى ومقترحات وتوصيات جادة لتجاوز مختلف الإكراهات والتحديات التي تَمَّ جَرْدُها خلال مرحلة التشخيص؛
وأخذا بعين الاعتبار أهمّ الممارسات الفُضلى في التجارب الدولية الرائدة خاصّة في مجال استعمال الآليات والوسائل الحديثة العصرية والمتطورة في مجال البحث العلمي والتجارب السريرية والتمويلات المبتكرة وتنظيم وهيكلة أنشطة الرّعاية والتكفل الطبي والمهن الصّحّية…وغيرها؛
لكل هذه الأسباب؛
تشتغل وزارة الصّحّة، بمجهود مُضاعف، على إعداد برنامج إصلاحي مُهيكِل للمنظومة الصّحية، خصوصا وأن واقع التغطية الصّحية الأساسية سيغطي مستقبلا مستفيدين جُدُد يتجاوز عددهم 22 مليون نسمة، الشي الذي سيرفع من الضّغط على النّظام الصّحّي الوطني، بشِقيه العام والخاص.
وللتذكير مرّة أخرى، فإنّ أهم مكونات هذا الإصلاح تستند على أربع مرتكزات:
المرتكز الأول: تثمين الموارد البشرية لفتح أُفق أوسع لتعزيزها وتقوية القدرات العلاجية للمنظومة الصّحّية الوطنية، وذلك عبر عدة مداخل:
– مراجعة القانون رقم 131.31 المتعلّق بمزاولة مهنة الطّب لرفع المعيقات والقيود التي يفرضها على مزاولة الأطباء الأجانب بالمغرب وإدراج مقتضيات جديدة لجلب الكفاءات الوطنية التي تزاول بالخارج، حيث سيُمكِّن ذلك من فتح الباب أمام المستثمرين الأجانب لمزاولة المهنة وبنفس الشروط التي يضمنها القانون لنظرائهم المغاربة، لمِاَ لذلك من إيجابية على البنية التحتية الصّحّية وعلى توفير التجهيزات بجودة عالية والانفتاح على الكفاءات الطّبية الأجنبية، ومن تحفيز للكفاءات الطّبية المغربية المقيمة بالخارج وحثّها على العودة إلى أرض الوطن والاستقرار به بشكل دائم، مع دعم أخلاقيات مهنة الطّب؛
– إحداث وظيفة عمومية صحية عبر مراجعة القانون-الإطار رقم 34.09 المتعلّق بالمنظومة الصّحّية وعرض العلاجات لملاءمة تدبير الرّأسمال البشري للقطاع الصّحّي مع خصوصيات المِهن الصّحيّة. لهذه الغاية، صادقت الحكومة مؤخّراً على مشروع القانون رقم 39.21 بتتميم الظهير الشريف رقم 1.58.008 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، يروم إضافة موظفي الصحة إلى الفئات غير الخاضعة لهذا النظام.
– تحسين جاذبية القطاع الصّحّي العمومي وتحفيز العنصر البشري؛
– وإصلاح التّكوين في المجال الصّحّي.
المرتكز الثّاني: تأهيل العرض الصّحّي عبر تدعيم البعد الجهوي وذلك من خلال:
– إحداث الخريطة الصّحّية الجهوية لسدّ النقائص التي تضمّنها قانون الخريطة الصحية الوطنية؛
– أجرأة البرنامج الطبي الجهوي؛
– تأهيل المؤسّسات الصّحية واعتماد مقاربة جديدة لصيانة البنايات والمعدّات الطّبية؛
– إقرار إلزامية احترام مسلك العلاجات؛
– فتح رأسمال المصحّات أمام المستثمرين الأجانب.
المرتكز الثّالث: اعتماد حكامة جديدة بالمنظومة الصّحية تتوخّى تقوية آليات التّقنين وضبط عَمل الفاعلين وتعزيز الحكامة الاستشفائية والتّخطيط التّرابي للعرض الصّحّي، من خلال إحداث هيئات جديدة لِلتّدبير والحكامة بالقطاع الصّحّي؛
المرتكز الرّابع: تطوير النّظام المعلوماتي عبر:
– إحداث نظام معلوماتي مندمج لاستغلال جميع المعطيات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصّحّة بما فيها القطاع الخاص؛
– تدبير الملف الطبي المشترك للمريض؛
– وتحسين نظام الفوترة بالمؤسّسات الاستشفائية.
هذا، وإنّ تجسيد إصلاح المنظومة الصحية سيحتم علينا العمل على إصدار جميع النّصوص التّشريعية والمراسيم التّطبيقية المتعلّقة بها وتعديل النّصوص القائمة:
القانون-الإطار رقم 34.09 المتعلّق بالخريطة الصّحّية وعرض العلاجات؛
القانون رقم 131.13 المتعلّق بمزاولة مهنة الطّبّ؛
القانون المتعلّق بالوظيفة العمومية الصّحّية؛
قوانين إحداث هيئات التدبير والحكامة المشار إليها سابقاً
اعتماد هيكلة جديدة للإدارة المركزية بما يضمن نقل الاختصاصات الممركزة للمؤسّسات الجهوية؛
إحداث مؤسّسات من أجل تدبير أمثل لمختلف برامج الصّحّة العمومية وتعزيز قدرات الرّصد ومحاربة الأوبئة وتحسين تدبير السّياسة الدّوائية الوطنية، كالوكالة الوطنية للصّحّة العمومية.
حضرات السّيّدات والسّادة؛
كما تعلمون، فقد سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن نوّه، في تقريره الموضوعاتي لسنة 2019 حول مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2015-2030، بالتدابير الملحوظة التي قامت بها وزارة الصّحة (إلى جانب قطاع الداخلية)، رغم الإكراهات وأوجه النقص وصعوبات المرحلة، لتعزيز الصّحة في أهداف التنمية المستدامة، وأَبْرَزَ العديد من مستويات تدخّلها الإيجابية في هذا المجال.
وقد سعت بلادنا إلى بلوغ الغايات الصّحّية الأكثر طموحا لأهداف التنمية المستدامة عبر تحسين عدد من المؤشرات الصحية من خلال تعبئة وتعزيز مزيد من الاستثمار في البنية التحتية والتخطيط في مجال الرعاية الصحية خلال إعداد وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للصّحة 2017- 2021.
وقامت في هذا الإطار بتفعيل عدة مخطّطات استراتيجية، أهمها:
السياسة الوطنية المندمجة لصحة الطفل في أفق سنة 2030؛
الاستراتيجية الوطنية للحد من الوفيات التي يمكن تجنبها للأمهات والمواليد الجدد؛
الاستراتيجية الوطنية المتعددة القطاعات للوقاية من الأمراض غير المنقولة ومكافحتها 2019-2029؛
الاستراتيجية الوطنية لتعزيز الصحة العقلية للأطفال والشباب والمراهقين؛
السياسة الوطنية الدوائية من أجل الولوج العادل إلى الأدوية الأساسية بسعر مناسب؛
المخطط الوطني للوقاية من السرطان ومكافحته 2020-2029.
هذا، وإن مخطط العمل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالقطاع الصحي تم إعداده سنة 2016 على المستوى المركزي مباشرة بعد تبني اهداف التنمية المستدامة سنة 2015. ويعتبر هذا المخطط كمشروع عمل أولي لتحقيق الأهداف المرتبطة بالصحة، يتم تحيينه وفق مخطط الصحة 2025 والاستراتيجيات ومخططات العمل المتعلقة بالبرامج الصحية وكذا على ضوء البيانات والمعطيات المحيّنة مع التركيز على الأهداف التي تهم وزارة الصحة بشكل مباشر خاصة الهدف الثالث.
وقد تمّ تقسيم التدابير المكوّنة له إلى 7 أصناف محدّدة:
مواصلة المجهودات من أجل بلوغ أهداف الألفية للتّنمية بخصوص الجوانب المرتبطة بصحّة الام والطّفل؛
الوقاية ومحاربة الامراض المعدية وتعزيز القدرات من حيث الإنذار السّريع وخفض وتدبير المخاطر الصّحّية؛
رفع التّحدّي بخصوص الامراض غير المعدية والصّحّة العقلية والصّدمات والإعاقات؛
الاشتغال على المحدّدات البيئية للّصّحّة؛
تعزيز البحث والتّطوير وتحقيق شمولية الوصول إلى الادوية؛
عصرنة تدبير الموارد البشرية؛
ضمان التّغطية الصّحّية الشّاملة.
ولتتبع تنزيلها، قامت الوزارة باعتماد قرار لوزير الصحة عدد 4704 بتاريخ 26 فبراير 2020 يتعلق بإحداث لجنتين: إحداهما للقيادة تحت رئاسة الكاتب العام للوزارة، وأخرى تقنية، مكلفة بتتبع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة فيما يتعلّق بتحديد الأولويات التي تقع على عاتق الوزارة ومؤشّرات نجاعتها وأوجه التنسيق المحتملة مع باقي المتدخّلين واعداد مخططات التنفيذ وتقارير التتبّع في شأنها..
وفيما يخص الحصيلة المحقّقة، فقد تمّ مراجعة التقدم المُحرز عبر التمييز بين ثلاث مستويات بارزة:
غايات تم تحقيقها قبل 10 سنوات من المواعيد النّهائية لها، ويتعلق الأمر مثلا بتقليص وفيات الأمهات والأطفال؛
غايات سيتم تحقيقها قبل سنة 2030، ويتعلق الأمر مثلا بتحسين تغذية الأطفال دون سن الخامسة؛
غايات تمثّل تحديات رئيسية يدركها المغرب ويعمل على رفعها في أفق سنة 2030، ويتعلق الأمر أساسا بالحدّ من التفاوتات الاجتماعية والمجالية وتلك القائمة على النّوع.
وكما هو معلوم، وفيما يخص التّدابير المتعلّقة بالصّحة بهدف تحقيق رؤية 2030، يُعنى الهدف الثّالث بالجوانب الصحية، حيث نصّ على “ضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحّية وبالرّفاهية في جميع الأعمار”، ويتفرّع إلى غايات أخرى متّصلة كلها بالصحة، ومعززة بمؤشّرات لتتبع التقدم المحرز، بالرّغم من وجود جوانب أخرى مرتبطة بمحددّات صحية أيضا في العديد من الأهداف الأخرى للتنمية المستدامة.
وبالتّالي، فمجال تدخّل الصّحة ينقسم إلى فئتين: غايات الصّحة وغايات مرتبطة بالصّحّة.
وقد أعدت الوزارة منذ شهر مارس 2016 مخطط عمل لبلوغ أهدافها تتمحور حول 19 غاية مرتبطة بــ 6 أهداف للتّنمية المستدامة، يتمّ تنفيذها من خلال 114 محوراً استراتيجياً، تتوزّع على 300 إجراءٍ عمليٍّ.
حضرات السّيّدات والسّادة؛
إنّ المجهودات التي بذلتها وزارة الصّحّة لتعزيز الصحة، خاصّة في أهداف التنمية المستدامة، يمكن إجمالها في مستويات التّدخّل التي تُعنى بالجوانب التّالية:
فيما يخص البرامج الصحية، وهي تتضمّن 4 محاور:
1- المحور المتعلّق بخفض النسبة العالمية لوفيات الأمهات إلى أقل من 70 حالة وفاة لكل 100.000 مولود حي بحلول عام 2030:
حيث أدت الجهود المبذولة لتحسين صحة الأم بالمغرب، وفقا للمسح الوطني للسكان وصحة الأسرة لسنة 2018، إلى انخفاض معدل وفيات الأمهات من 112 وفاة سنة 2011 إلى 72.6 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حي (بنسبة انخفاض تصل إلى 35 %). ويرجع هذا التحسن في المؤشرات إلى المجهودات الكبيرة التي ما فتئت تبذلها وزارة الصحة فيما يتعلق بتعزيز جودة وإدارة العلاجات، وكذا بالحصول المتكافئ على الرعاية الصحية والحد من مراضة ووفيات الأمهات. وتلتزم الوزارة، تماشيا مع الاستراتيجية الدولية للأمم المتحدة لصحة المرأة والطفل والمراهق (2016-2030)، إلى تقليص المعدل الوطني لوفيات الأمهات، في أفق عام 2030، إلى حدود 36 حالة وفاة لكل 000. 100 ولادة حية، وخفض وفيات حديثي الولادة إلى حدود 7 حالات وفاة لكل 1.000 ولادة حية.
2 – المحور المرتبط بوضع حدّ لوفيات المواليد والأطفال دون سن الخامسة التي يمكن تفاديها بحلول عام 2030، بسعي جميع البلدان إلى بلوغ هدف خفض وفيات المواليد على الأقل إلى 12 حالة وفاة لكل 1.000 مولود حي، وخفض وفيات الأطفال دون سن الخامسة على الأقل إلى 25 حالة وفاة لكل 1.000 مولود حي:
وبخصوص هذا المحور، فقد أدت الجهود المبذولة إلى تحسين صحة الطفل بالمغرب، وفقا للمسح الوطني للسكان وصحة الأسرة لسنة 2018، مما أفضى إلى انخفاض معدل وفيات الأطفال في المغرب من 30,5 وفاة لكل 1.000 ولادة حية سنة 2011 إلى 22,16 وفاة سنة 2018 وانتقال معدل وفيات الرضع دون السنة الأولى من العمر من 40 ‰ في الفترة 1999-2003، إلى 28.8‰ سنة 2011، ليصل إلى 18 لكل ألف ولادة حية سنة2018. أما بالنسبة لمؤشّر الأطفال حديثي الولادة، فقد سجل تراجعا ملحوظا، حيث وصل إلى 13.56 لكل ألف ولادة حية سنة 2018، مقابل 21،6 لكل 1.000 ولادة حية سنة 2011. بالإضافة إلى تحسن الحالة الغذائية للأطفال بشكل كبير، والقضاء على الأشكال الحادة لسوء التغذية وتحسين المؤشرات الخاصة بالرضاعة الطبيعية وارتفاع نسبة التغطية بالتلقيح إلى 94.5 % سنة 2018 على الصعيد الوطني.
3- المحور الخاص بتعزيز الوقاية من إساءة استعمال المواد، بما يشمل تعاطي مواد الإدمان وتناول الكحول على نحو يضر بالصحة، وعلاج ذلك:
حيث تعمل الوزارة على إعداد وتنفيذ برامج عمل سنوية لفائدة التلاميذ والطلبة والشباب في إطار الاستراتيجية الوطنية للصحة المدرسية والجامعية وتعزيز صحة الشباب، من خلال إحداث فضاءات الصحة للشباب، باعتبارها مؤسسات صحية تقدم خدمات ملائمة لاحتياجات الشباب المتراوحة أعمارهم بين 10 و25 سنة في مجالات تعزيز الصحّة من خلال والإنصات والتوجيه وكذا التربية الصحية والولوج إلى المعلومات، بلغ عددها على الصعيد الوطني 30 فضاء؛ إضافة إلى تنظيم حملة وطنية كل سنة، باستهداف ما يقارب 1,5 مليون تلميذة وتلميذ، من أجل الكشف المبكر والتكفل بالمشاكل الصحية للتلاميذ؛ ومواصلة إحداث المراكز المرجعية للصحة المدرسية والجامعية وبالتالي تعزيز التكفل بالأمراض والاضطرابات؛ وتقديم خدمات تهدف إلى التربية على الصحة وعلى نمط العيش السليم.
4- فيما يهم محور ضمان حصول الجميع على خدمات رعاية الصحة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك خدمات تنظيم الأسرة والمعلومات وأنشطة التوعية الخاصة بتنظيم الأسرة، وإدماج الصحة الإنجابية في الاستراتيجيات والبرامج الوطنية بحلول عام 2030:
فقد تم إحراز تقدم ملموس في ضمان الحصول على وسائل منع الحمل، حيث تصل نسبة استعمال وسائل منع الحمل 70.8 % (2018). كما اتخذ البرنامج الوطني لتنظيم الأسرة إجراءات متعدّدة لدعم حقّ الأفراد في أن يقرروا بحرية عدد الأطفال المرغوب فيهم والفترة الزمنية التي تفصل بينهم، أهمها توفير وسائل منع الحمل مجانا في جميع المؤسسات الصحية وتوفير خدمات تنظيم الأسرة وتحسين خدمات التكفل بمشاكل الخصوبة عند الأزواج، واعتماد توصيات منظمة الصحة العالمية الخاصة بالرعاية الذاتية في مجال الصحة الجنسية والإنجابية بهدف تعزيز التكفل الصحي الذاتي للأفراد.
ومن أجل تعزيز البرامج الصحية، تعمل وزارة الصحة منذ عدة سنوات على تنزيل المخطط الوطني لتنمية الصحة بالوسط القروي. وهو مخطط خاص يهدف إلى تحسين ولوج ساكنة العالم القروي إلى الخدمات الصحية الأساسية ذات الجودة والرفع من استفادتها من الخدمات الصحية المتخصصة، وكذا إشراك الساكنة والشركاء في برمجة وتفعيل الأنشطة الصحية بالوسط القروي.
أما فيما يخص برامج مكافحة الأوبئة والأمراض، فهي تتمحور حول 7 محاور تهم:
1- محور مكافحة الأمراض السارية:
على الصعيد الوبائي، نَفّذَ المغرب استراتيجية مكافحة الأمراض المنقولة، وخصوصا فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز والسل والملاريا.
وتشير أحدث التقديرات التي أنجزتها وزارة الصحة وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز أن عدد الإصابات الجديدة بفيروس نقص ً المناعة البشرية لا يزال منخفضا بين عموم السكان، بمعدل 0.03 لكل 1.000 شخص غير مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية سنة 2019، كما انخفض معدل الإصابات الجديدة بداء السل، بجميع أشاكله، بين سنتي 2015 و2018، من 101 حالة إلى 99 حالة لكل 100.000 نسمة. حيث تم وضع المخطط الاستراتيجي الوطني 2018-2021 لمكافحة داء السل لتقليص عدد وفيات السل بنسبة 40 % في أفق سنة 2021.
وبالنسبة للملاريا، لم يكتشف المغرب أية حالة محلية المصدر منذ سنة 2005، فيما يتم تسجيل ما معدله 450 حالة مستوردة سنويا.
أما التهاب الكبد الفيروسي (ب)، فقد انخفض معدل الإصابة به من 12 حالة لكل 100.000 سنة 2016 إلى 11 حالة سنة 2019.
2- محور الأمراض غير المنقولة والصحة النفسية والصدمات:
أدى التحول الوبائي الذي شهده المغرب إلى تزايد عبء الأمراض غير المنقولة على النظام الصحي الوطني، وخاصة الأمراض السرطانية والسكري وأمراض القلب والشرايين وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة. ففي سنة 2018، بلغ معدل الوفيات المنسوبة إلى هذه الأمراض 12.4 %، وانخفض معدل الوفيات بسبب الانتحار من 4.8 لكل 100.000 نسمة سنة 2015 إلى 2.9 سنة 2016، ومن بين 1014 حالة انتحار سنة 2016، تم تسجيل 613 حالة من النساء (60.4 %)؛
3- محور الوقاية والعلاج من تعاطي المخدرات والمواد ذات التأثير النفسي:
ففيما يتعلق بالصحة العقلية، أُعطِيت الأولوية لتحسين عرض خدمات الصحة العقلية من خلال تشغيل 9 مصالح جديدة للصحة العقلية على مستوى 9 مستشفيات إقليمية، ومواصلة بناء 3 مستشفيات للصحة العقلية بسعة 120 سريرا لكل منها بكل من القنيطرة، بني ملال وأكادير، واقتناء الأدوية المنشطة وتغطية التدخلات العلاجية للاضطرابات الناتجة عن إدمان المخدرات (حيث تمّ تتبع حوالي 25.700 مريض سنة 2018 مقابل 15.168 سنة 2016).
4- محور تقليص الوفيات والأمراض الناجمة عن المياه غير الصحية وضعف نظام التطهير السائل ونقص النظافة:
بلغ معدل الوفيات بسبب المياه غير الصحية وسوء التطهير السائل وسوء النظافة (الولوج إلى خدمات المياه والتطهير السائل غير الكافية) 1.9 حالة وفاة لكل 100.000 نسمة في سنة 2019.
شهد هذا المعدل انخفاضًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، وذلك بفضل البرامج الصحية التي تنفذها وزارة الصحة للوقاية من الأمراض المنقولة عبر المياه ومكافحتها، ولا سيما برنامج مكافحة الأمراض الوبائية وبرنامج المراقبة الصحية للمياه المعدة للاستخدام الغذائي.
5- محور تقليص الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء:
حسب الدراسة التي أجرتها وزارة الصحة سنة 2019، بلغ معدل الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء 28 حالة وفاة لكل 100.000 نسمة، حيث ستأخذ وزارة الصحة بعين الاعتبار قريبًا معايير جودة الهواء في تخطيط وبرمجة أنشطتها الوقائية ضد الأمراض المرتبطة بنوعية الهواء.
6- محور تعزيز مكافحة التبغ:
من أجل مكافحة استهلاك التبغ، وقع المغرب سنة 2004 على “الاتفاقية-الإطار لمكافحة التبغ” التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية سنة 2003. وتشير نتائج البحث الوطني حول عوامل المخاطر للأمراض غير المنقولة إلى أن 13.4 % من المغاربة الذين تفوق أعمارهم 18 سنة، يدخنون التبغ. وفي سنة 2018، اسْتَهْلك التّبغ أكثر من 11 % من المغاربة الذين تفوق أعمارهم 15 سنة وأكثر. ويتوخى المغرب تقليص استهلاك التبغ لهذه الفئة من السكان بنحو 20 % في أفق 2029.
7- الإطار القانوني لتقليص وتدبير المخاطر الصحية:
في المغرب، تعتبر التشريعات مناسبة لحماية الصحة والتقليص من المخاطر، لاسيما فيما يتعلق بسلامة الأغذية الصحية والصحة البيئية (تلوث الهواء والماء وتدبير النفايات والأشعة النووية والمواد الكيماوية) والصحة والسلامة المهنية والسلامة الطرقية وسلامة المريض فيما يتعلق بالأدوية وتحاقن الدم. وتتماشى هذه التشريعات إلى حدّ كبير مع الأولويات والالتزامات الإقليمية والعالمية، خاصة مع القانون الصّحي الدولي لسنة 2005.
وفي نفس السياق، ثم وضع العديد من الاستراتيجيات والبرامج البيئية لحماية البيئة وصحة السكان وفق مقاربة مبنية على الشراكة والتنسيق.
فيما يخص محور تحقيق التغطية الصحية الشاملة:
نشير إلى أنّ التّصور العام لموضوع إرساء تغطية تأميني شاملة وموحّدة تشمل خاصّة نظام المستفيدين من نظام المساعدة الطبية “راميد” وفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء، وتحويله الى نظام تأميني، قد تمَّ التطرق اليه في مذكرة تقديم قانون المالي لسنة 2021 من خلال برنامج العمل الذي يهمّ إطلاق المرحلة الأولى لتعميم التغطية الاجتماعية وتعميم السياسات الاجتماعية وفقا للتوجيهات الملكية السّامية.
ولبلوغ هذا الهدف، التزمت السلطات العمومية من خلال بنود قانون- الإطار رقم 09.21 بإصلاح المنظومة الصحية الوطنية وتأهيلها لتوفير الخدمات الصحية الوقائية لجميع المواطنين، أفراداً وجماعات، بالإضافة الى سهرها على تنظيم مجال تقديم خدمات طبية نوعية موزع توزيعا متكافئا عبر سائر التراب الوطني وضمان الاستفادة من هذه الخدمات لفائدة جميع الشرائح الاجتماعية عن طريق التكفل الجماعي والتضامني بالنّفقات الصحية
وقد أشارت المادة 4 من القانون المذكور إلى أنّ تعميم التأمين الاجباري الأساسي عن المرض يتمّ من خلال:
“توسيع الاستفادة من هذا التأمين للفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة ا الطبية؛
تحقيق التنزيل التام للتأمين الاجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، ليشمل كلّ الفئات المعنية، واعتماد الآليات اللازمة لهذا الغرض، لاسيما تبسيط مساطر أداء وتحصيل الاشتراكات المتعلق بهذا التأمين”
وفيما يخص محور الولوجية للأدوية واللقاحات الأساسية:
فقد ارتأت وزارة الصحة وضع “سياسة دوائية وطنية”، طبقا لتوصيات خبراء منظمة الصحة العالمية، تسعى من خلالها إلى تحديد رؤية واضحة وأهداف خاصة لضمان الولوج للأدوية والمنتجات الصحية لضمان تطور وإشعاع قطاع الصيدلة الوطنية.
وقد عرف قطاع الأدوية بالمغرب في العشرية الأخيرة العديد من الإصلاحات من أجل حماية الصحة العمومية من خلال ضمان جودة وسلامة وفعالية جميع الأدوية والمنتجات الصحية الموضوعة في السوق، وتعزيز الاستعمال الرشيد للأدوية من طرف واصفي الأدوية ومستهلكيها، وكذا الإسهام في تعزيز الصناعة الوطنية للأدوية عبر تعزيز وتوطيد التنظيم الصيدلي
وتكريسا لمبدأ السيادة الصناعية، تعمل وزارة الصحة على تنزيل برنامج وطني لتشجيع الصناعة الدوائية الوطنية يرتكز على عدة محاور أهمها:
تشجيع استعمال الدواء الجنيس مع هيكلة التجارب السريرية؛
تحفيز الاستثمار في الصناعات التحويلية المرافقة لصناعة الأدوية مثل المواد الخام ومواد التعبئة؛
تطوير البحث العلمي في مجال الأدوية؛
تشجيع الصادرات؛
دعم ومواكبة صناعة المستلزمات الطبية؛
التعاون مع الصين بهدف تطوير وإنتاج لقاح مضاد لوباء كوفيد-19 الذي أثار الذعر حول العالم.
وقد قامت وزارة الصحة إلى حد اليوم بتخفيض ثمن أكثر من 3000 دواء مما ساعد على تشجيع سياسة الدواء الجنيس حيث ارتفع مؤشر ولوجه من 29% سنة 2010 الى 39% سنة 2016.
وموازاة مع هذه الأحكام، وتطبيقا لهاته السياسة، فإن حصّة الإنفاق على الأدوية والمواد الطبية انتقلت من 31.7% سنة 2010 إلى 26.2% سنة 2013؛ أما قيمة الاستهلاك السنوي للدواء لكل مواطن فقد عرف تحسنا جليا بلغ 2013، 415 درهم /مواطن/ سنة، بعدما كان في حدود 375 درهم/مواطن/ سنة في 2010، نتيجة كذلك للتخفيضات الضريبية التي همّت عددا من الأدوية في قوانين المالية.
حضرات السّيّدات والسّادة؛
في إطار التفاعل مع النداء الملكي الداعي إلى تملّك وتوسيع النقاش حول مضامين التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، من المُزمع عقد اجتماعات على المستوى المركزي مع مسؤولي الوزارة مركزيا وجهويا وإقليميا لمناقشة وتتبع ودراسة المقترحات التي جاء بها التقرير فيما يخص القطاع الصحي من أجل ملاءمتها مع المخطط الاستراتيجي الذي تشتغل عليه الوزارة واختيار أنسب السّبل لتنفيذه ولارتقاء به وفقا لتطلّعات جلالة الملك والشّعب المغربي.
وفي نفس السّياق، وبعد إمداد المنظومة الصحية بالوسائل وتعزيز إمكانات اشتغالها قصد إعدادها لمجابهة التفشّي الوبائي، فقد مكنها ذلك، ولو بصفة استثنائية، من الرّفع من قدراتها في الرّصد والتتبع والتّكفل، وبالنّتيجة، من تعزيز التّدابير القبلية لتوسيع التغطية الصحية لكافة المواطنات والمواطنين، وهو ما مكّن من تحقيق عدّة نتائج إيجابية:
1. الاستجابة السّريعة لمختلف متطلّبات الوقاية ومكافحة الجائحة، عبر تعزيز المستشفيات بالأسرة والسوائل الطبية والمعدات الجديدة خاصة أجهزة التنفس الاختراقي، واقتناء عدة تجهيزات تجاوزت ما تم اقتناؤه على مدى العشرية الأخيرة؛
2. تسريع وتيرة إتمام عدد من المؤسّسات الاستشفائية الجديدة لضمان جاهزيتها ودخولها الخدمة سنة 2021، ممّا سيُمكِّن من رفع الطّاقة السّريرية بـ 2.475 سرير إضافي؛
3. إعداد برنامج طموح خلال سنة 2021 لتأهيل قرابة 1.500 من وحدات الصحة الأساسية باعتبارها المدخل الرّئيسي للولوج للخدمات الصحية؛
4. التفكير في طرق مبتكرة لتدارك النقائص والإكراهات عبر البحث عن صيغ مُثلى لتحقيق اِلْتِلقائية السّياسات العمومية في بعض البرامج والمشاريع وذلك من خلال إطلاق خطط للعمل الوطني متعدد القطاعات؛
5. الانكباب (بمعية باقي الشركاء وخاصة الوكالة الوطنية للتأمين الصحي) على تسريع ورش تعميم التغطية الصحية الشاملة من خلال بلورة برامج مهيكلة تستند إلى: مراجعة القانون رقم 65.00 المتعلق بمنظومة التغطية الصحية الأساسية ليستوعب كلّ المتغيرات التي تفرضها المرحلة، وتقييم سلّة العلاجات المعتمدة حاليا…وغيرها، بغية تقليص المصاريف المتبقية على عاتق المـُؤمَّن.
وفي الختام، من الضّروري الإشارة إلى أنّ الأولوية التي أعطاها جلالة الملك، حفظه الّله، لحماية الصّحة العامة للمواطنات والمواطنين رغم التّكلفة الكبيرة لهذه المبادرة، تُحتّم علينا، ونحن في ظرفية الارتياب والقلق الحالية، بَذْل المزيد من الحيطة والحذر لتجنّب حدوث أيّ انتكاسة فيروسية على غرار شهدته العديد من دول أوربا وأمريكا وآسيا.
ولقد شَكلت هذه الظروف الاستثنائية وغير المسبوقة فرصة كبيرة للتفكير والمبادرة بإصلاح البنيات التحتية المجتمعية وتأهيلها، سيما المنظومة الوطنية الصّحّية، بُغية التأقلم مع مُتغيرات المرحلة واسْتشراف بِناء مغربِ ما بعد كورونا، أكثر قوة وتماسكاً من ذي قبل، تحت قيادة راعي الأمة، مولانا صاحب الجلالة، الملك محمد السّادس، دام له النّصر والتّمكين.
والسلام عليكم ورحمة الله
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.