يشرفني باسم فريق الاتحاد المغربي للشغل أن أتناول الكلمة في إطار المناقشة والتصويت مشروع قانون – إطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية.
يأتي مشروع القانون هذا تبعا للتعليمات الملكية الواردة في خطابي العرش ليوم 29 يوليوز 2020 وافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الحالية بتاريخ 9 أكتوبر 2020 الرامية إلى العمل على تعميم التغطية الاجتماعية على جميع المواطنين المغاربة. وهي مبادرة ملكية تاريخية لا يسعنا في فريق الاتحاد المغربي للشغل إلا أن نشيد بها لما تحمله بين طياتها من عزيمة قوية على التخفيف من حدة الفقر ومظاهر الهشاشة الاجتماعية وتحسين ظروف العيش الضامنة للكرامة والقطع من أشكال التمييز واللامساواة الاجتماعية. مبادرة ملكية تؤسس لورش اجتماعي كبير من شأن تنزيله بشكل أسلم أن يقوي روح الطمأنينة في نفوس المغاربة، ويعزز لديهم الشعور بالانتماء إلى الوطن الواحد الضامن للكرامة الاجتماعية ويمنحهم رغبة أقوى في الحياة والعطاء والإبداع.
ومما لاجدال فيه أن المرور من واقع الهشاشة الاجتماعية حيث 60% من المغاربة ليس لهم تقاعد و45% محرومون من التغطية الصحية (على سبيل المثال لا الحصر)، إلى تعميم الحماية الاجتماعية على المدى المتوسط (5 سنوات كما جاء في مشروع القانون الإطار) يعتبر تحديا كبيرا من شأن ربحه التأسيس لثورة اجتماعية تاريخية ببلادنا ستسرع دون شك من وثيرة التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي يطمح لها جميع المغاربة.
ووعيا منه بأهمية تعميم الحماية الاجتماعية التي ظل ولا زال يناضل من أجلها الاتحاد المغربي للشغل، وبجسامة هذا التحدي، يعتبر فريق الاتحاد المغربي للشغل أن مشروع القانون الإطار وبالإضافة إلى كونه تتويج لما راكمته بلادنا في هذا المسار التشريعي والمؤسساتي المنظم للحماية الاجتماعية، سيؤسس لمرحلة مفصلية في استكمال بناء منظومة الحماية الاجتماعية ببلادنا. منظومة نطمح لأن تكون مبنية على النجاعة والتناسق والحكامة، منظومة تتجاوز الأعطاب والاختلالات التي تعرفها مختلف أنظمة الحماية الاجتماعية الموسومة بطابع التشتت والضعف على مستوى التغطية والنجاعة. وهذا ما يقتضي مباشرة إصلاحات كبرى وتوحيد كل الجهود وإشراك كل الطاقات الحية والشركاء الاجتماعيين، بدءا بإعادة تأهيل المنظومة الصحية على مستوى البنيات التحتية وتوفير الموارد البشرية الكافية، وإدماج القطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي الوطني باعتبار ??ن الفئات العريضة من المعنيين بورش تعميم الحماية الاجتماعية هم العاملون به. ولأن ورش الحماية الاجتماعية سيتم تمويل جزء هام منه عبر آلية التضامن فالضرورة ملحة لمراجعة النظام الضريبي في اتجاه إقرار العدالة الجبائية.
واعتبارا لما سبق ومن باب حرص فريقنا على المساهمة الإيجابية في التنزيل السليم والناجع لهذا الورش المجتمعي الكبير، وضمان تجويد مشروع نص القانون الإطار اقترح فريقنا مجموعة من التعديلات بهدف وضعه في إطاره الصحيح وملائمته مع باقي القوانين والتشريعات ذات الصلة حيث انصبت أهم التعديلات على:
• اعتماد منهجية الحوار الاجتماعي، باعتبارها مبدءا يؤسس للديمقراطية الاجتماعية التي تعتبر الحماية الاجتماعية إحدى مجالاتها، وعدم الخروج عن هذه المنهجية في إعداد القانونين المتعلقة بالحماية الاجتماعية، أو أية مراجعة للنصوص الاجتماعية من قبيل مدونة التغطية الصحية أو قانون الضمان الاجتماعي.
• التأكيد على عدم الإخلال بأنظمة الحماية الاجتماعية الإلزامية لفائدة مأجوري القطاع العام والخاص، وعدم المساس بتوازناتها المالية والحقوق المكتسبة للمنخرطين والمستفيدين من هذه الأنظمة.
• توسيع فئة المستفيدين من الحماية الاجتماعية لتشمل كافة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا طبقا للمادة السادسة من هذا القانون .
• ضمان تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل، لتشمل كافة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، طبقا لمقتضيات المادة 6 من هذا القانون .
• إرساء آلية مؤسساتية للحوار الاجتماعي في مجال الحماية الاجتماعية تفعيلا للمقاربة التشاركية التي حث عليها صاحب الجلالة في خطبه بضرورة إشراك الفرقاء الاجتماعيين ووفقا للمواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وخاصة الاتفاقية 144 لمنظمة لعمل الدولية ذات التركيبة ثلاثية الأطراف
بالنظر للأهمية الكبرى لهذا المشروع قانون-إطار كمشروع مجتمعي جاء كتعبير عن إرادة بلادنا من أعلى سلطة في تعميم/توسيع الحماية الاجتماعية على المواطنين، وبالنظر للاستعجالية التي يفرضها إخراج هذا المشروع ارتأى فريقنا سحب هذه التعديلات على أساس التزام الحكومة بتفعيل منهجية الحوار الاجتماعي في إخراج كل المراسيم التنظيمية المرتبطة بهذا القانون. وتعبيرا من فريق الاتحاد المغربي للشغل عن استعداده الدائم للتفاعل الإيجابي مع كل المبادرات التي تروم تحسين ظروف عيش المواطنين، فإننا نصوت بنعم لمشروع القانون-الإطار هذا، آملين أن تنفذ الحكومة التزاماتها وفق مقاربة تشاركية لتنزيل مضامين المشروع قانون-إطار عند إخراج المراسيم والقوانين التنظيمية وملائمتها مع مقتضياته.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.