اكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي ان حماية المراة من كافة اشكال العنف اولوية في السياسة الجنائية التي تضطلع النيابة العامة بتنفيذها.
واوضح في كلمته بمناسبة الدورة التكوينية حول
“تعزيز دور قضاة النيابة العامة من أجل توفير حماية ناجعة للمرأة” التي انطلقت اليوم الخميس بمراكش ان هذا التوجه ياتي انسجاما مع المعايير الدولية ذات الصلة والمقتضيات القانونية الوطنية، وتنفيذاً لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الذي ما فتئ يدعو للنهوض بأوضاع المرأة المغربية وصيانة حقوقها إسوة بالرجل. .
واستحضر في هذا السياق الرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في الدورة 61 لمؤتمر النساء المقاولات العالمية التي اكد فيها جلالته على ان ” المغرب يواصل وبخطوات حثيثة وعقلانية مسيرته على درب تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات … وفي إطار تشبتنا بهذا المسار حرصنا على الترسيخ الدستوري للمساواة بين الرجل والمرأة”.
وتنظم هذه الدورة التكوينية رئاسة النيابة العامة على مدى يومين بتعاون مع مجلس أوروبا من أجل إطلاق برنامج ذي راهنية كبرى بالنسبة لعمل قضاة النيابة العامة يستهدف دعم وتعزيز قدراتهم لتوفير حماية فعالة وناجعة للنساء.
ووفي مايلي نص الكلمة التي القاها الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
بسم الله الرحمان الرحيم
يسعدني أن أعبر لكم في مستهل هذه الكلمة عن عميق اعتزازي بافتتاح هذا اللقاء الذي تنظمه رئاسة النيابة العامة بتعاون مع مجلس أوروبا من أجل إطلاق برنامج ذي راهنية كبرى بالنسبة لعمل قضاة النيابة العامة. يستهدف دعم وتعزيز قدراتهم لتوفير حماية فعالة وناجعة للنساء. مسجلا أهمية هذا الموضوع وموقعه المحوري ضمن استراتيجية رئاسة النيابة العامة، في مجال حماية حقوق وحريات الأفراد والجماعات.
وبهذه المناسبة اغتنم الفرصة لأوجه شكرا خاصا لمجلس أوروبا، وللاتحاد الأوروبي على هذا الدعم. الذي سيكون من شأنه إتاحة المجال لتبادل الخبرات على المستوى الوطني والدولي. والوقوف على الممارسات الفضلى في مجال التكفل بالنساء وحمايتهن من كل مظاهر العنف، والاهتداء إلى أنجع السبل من أجل الانتصار لكرامة المرأة والفتاة المغربية.
ومما لا شك فيه أن حماية المرأة من كافة أشكال العنف، أولوية في السياسة الجنائية، التي تضطلع النيابة العامة بتنفيذها. انسجاما مع المعايير الدولية ذات الصلة والمقتضيات القانونية الوطنية، وتنفيذاً لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الذي ما فتئ يدعو للنهوض بأوضاع المرأة المغربية وصيانة حقوقها إسوة بالرجل. ونستحضر هنا ما جاء في رسالته الملكية السامية الموجهة للمشاركين في الدورة 61 لمؤتمر النساء المقاولات العالمية “إن المغرب يواصل وبخطوات حثيثة وعقلانية مسيرته على درب تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات … وفي إطار تشبتنا بهذا المسار حرصنا على الترسيخ الدستوري للمساواة بين الرجل والمرأة”.
وعلى هذا النهج سارت رئاسة النيابة العامة منذ إنشائها، من خلال السهر على توفير حماية قضائية ناجعة للنساء. سواء من خلال إقامة الدعوى العمومية أو ممارستها، أو تسهيل الولوج لهذه الحماية. فكان أول منشور وجهته للنيابات العامة بمختلف المحاكم، يتضمن العديد من التوصيات الرامية لحماية الحقوق والحريات، مع ترتيب الجزاءات اللازمة على خرقها. والحثِ على ضرورة حماية الفئات الخاصة، سيما النساء. والتنبيهِ إلى ضرورة تعزيز دور خلايا التكفل بالنساء لدى النيابة العامة بالمحاكم، لما لها من دور في تسهيل ولوجهن للحماية القضائية.
وبصدور القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء تم توجيه منشور لمختلف النيابات العامة، يحث على ضرورة تفعيلِ القواعد الموضوعية والاجرائية التي تضمنها القانون، والحرصِ على حسن تطبيقه، وبيان الاشكاليات التي تتعلق بفهم أحكامه وتفسيره، بغية تتبع تنفيذ هذه الأحكام وضمان التنزيل الأمثل لها من أجل حماية أفضل للنساء.
كما أن منظور رئاسة النيابة العامة لحماية حقوق المرأة والفتاة يتسع ليشمل زواج القاصرات، الذي يمكن أن يكون في بعض الحالات صورة من صور الزواج القسري المنصوص على تجريمه كذلك في القانون 103.13. ومن أجل تفعيل سليم لهذه المقتضيات قامت رئاسة النيابة العامة بتوجيه رسالة دورية تحث النيابات العامة على الحفاظ على حقوق الفتاة القاصر ومراعاة مصلحتها، من خلال تفعيل إرادة المشرع التي جعلت من الزواج المبكر، استثناء من الأصل، الذي يحدد أهلية الزواج في اكتمال 18 سنة بالنسبة للفتى والفتاة. وتوجيه أعضاء النيابة العامة إلى عدم التردد في معارضة طلبات الزواج التي لا تراعي المصلحة الفضلى للقاصر.
وفي نفس الإطار ومن أجل حماية المرأة العاملة، سيما عاملات المنازل اعتبارا لخصوصية هذه الفئة الهشة، والتي يمكن أن تكون عرضة للاستغلال، – وإثر صدور القانون رقم 19.12 الخاص بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين والإجراءات اللازمة لتطبيقه، والذي تضمن العديد من المقتضيات الحمائية لهذه الفئة -، أصدرت رئاسة النيابة العامة توجيهات إلى النيابات العامة تحثها على التعريف بهذا القانون من أجل توحيد العمل بمقتضياته، واستقبال الشكايات المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين، وإيلائها العناية اللازمة. وتعمل رئاسة النيابة العامة بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالشغل، على وضع دليل خاص لحماية هذه الفئة، من شأنه مساعدة القضاة والممارسين على حسن تطبيق القانون المشار إليه.
حضرات السيدات والسادة:
لا يفوتني اليوم كذلك أن أشيد بتجربة إحداث خلايا التكفل بالنساء بمختلف المحاكم منذ سنة 2005 التي تتولى النيابات العامة الإشراف عليها، من أجل تسهيل ولوج هذه الفئة إلى العدالة، منوها بنجاح تجربتها التي تمت مأسستها من خلال التنصيص في القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء على إحداث هذه الخلايا بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف وبالمصالح الحكومية المركزية واللاممركزة المعنية بالموضوع.
والجدير بالذكر أن التنسيق بين جميع المتدخلين في مجال التكفل بالنساء والفتيات، يتم من خلال اللجن المحلية والجهوية التي ترأسها النيابة العامة على المستويين الجهوي والمحلي منذ سنة 2010. هذه اللجن التي تمت مأسستها كذلك بمقتضى القانون رقم 103.13، كآلية أثبتت عطاءها لتذليل الصعوبات والتحديات التي تواجه الخلايا في التكفل بالنساء ضحايا العنف.
حضرات السيدات والسادة؛
إن التكوين المستمر وتعزيز القدرات من أهم مقومات بناء جهاز قضائي قادر في الحاضر والمستقبل على مواجهة التحديات التي تطرحها الجريمة من جهة، وتطرحها ضرورة الاستجابة لحاجيات المواطن من جهة أخرى.
لذا تولي رئاسة النيابة العامة أهمية قصوى لكل ما من شأنه جعل قاضي النيابة العامة مؤهلا لأداء وظائفه الدستورية، المتمثلة في الحفاظ على حقوق المواطنين وحرياتهم.
في هذا السياق تأتي أهمية برنامج هيلب “HELP” لتعزيز دور قضاة النيابة العامة في توفير حماية ناجعة للمرأة، لذا فإنني أدعو كافة قضاة النيابة العامة المشاركين في هذا اللقاء واللقاءات الموالية في إطار هذا البرنامج إلى الاستفادة من الزخم المعرفي والعملي والمقارن الذي سيتاح لهم.
كما أغتنم المناسبة لأشكر الخبراء الدوليين الذين سيؤطرون البرنامج على الجهد المبذول لهذا الغرض والشكر موصول للقضاة المغاربة الذي سيشاركونهم التأطير.
وفي الختام فإنني متيقن بأن هذا اللقاء سيغني النقاش ويساعد في تحديد الحاجيات والاكراهات في موضوع حماية المرأة من مختلف صور العنف، والتوافق حول الحلول الفضلى بشأنها، متمنيا التوفيق لأشغاله.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.