كلنا نعلم أن التطبيع يجعل من غير الطبيعي أن يكون طبيعيا بين الطرفين، وهدا المعنى من الناحية السياسية يعني إعادة العلاقات بين دولة اختلفت مع دولة أخرى لتعود العلاقات طبيعية وجيدة بعد فترة من الثوثروالقطيعة، بحيث تنتهي الخلافات السياسية التي كانت قائمة بينهما.
ولكن هل يمكن أن يحدث تطبيع في أيامنا هده بين الفلسطينيين و الإسرائيليين؟ بمعنى تجاهل الاستعماروالحرب المستمرة مند عقود بينهما وهل التطبيع معناه أن تصبح علاقة المحتل جيدة مع صاحب الأرض و قضيته المشروعة التي يناضل من أجلها؟
بالنسبة للعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، يعني التطبيع قيام هذه الدول أو مؤسساتها أو أشخاصها في تنفيذ مشاريع تعاونية ومبادلات تجارية واقتصادية، ولكن في غياب السلام العادل يتضح أن مقاطعة الدول العربية لإسرائيل يجب أن تستمر حتى يتحقق ذلك السلام العادل. التطبيع في هذه الحالة أصبح يعني ليس فقط السماح بتطوير علاقات طبيعية بين المعتدي والمعتدى عليه في غياب العدالة، أي في وضع غير طبيعي، بل والسماح أيضاً بالأضرار في تلك الأداة التي هي إحدى أدوات تحقيق تلك العدالة المنشودة.
اعتقد انها قضية خطيرة للغاية و لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يتحقق دلك على أرض الواقع.
لا يمكن للفلسطينيين أن يتعايشوا في سلام و أمن مع الإسرائيليين خصوصا أن حكومة الاحتلال خصصت 15 مليون دولار لتعزيز الرواية اليهودية حول مدينة القدس في إطار مخططاتها لتهويد القدس.
لا أعتقد أن تقبل الشعوب العربية والإسلامية هدا المخطط الدي يزيد في تعقيد الحياة الإجتماعية والسياسية بين الحكومة الفلسطينية و الإسرائيلية.
هناك اعتقاد راسخ في دهن بعض الدول الغربية التي تؤيد سياسة الاستيطان، فهم ينظرون إلى التاريخ بالشكل الذي يتماشى مع مصالحهم و يركزون على بعض الأساطير التي تقول إن لليهود حقا تاريخيا في فلسطين و ان فلسطين كانت أرضا صحراء و ان العبرانيين هم اول من سكن فلسطين وغير دلك من المعتقدات الدينية التي ساهمت في احتلال الاراضي الفلسطينية.
أغلبية الدول الغربية التى تؤيد دولة الاحتلال الإسرائيلي تدعي ان التاريخ يثبت أن العنف أصيل عند العرب و المسلمين و بهدا الاعتقاد المغلوط الدي يوهمون به الرأي العام الدولي لا يبشر على ان تكون علاقة جيدة بين الدولتين، و بهدا المعنى يمكن القول أن تطبيع العلاقات بين الفلسطينيين و الإسرائيليين يستحيل و يبقى مجرد خيال و وهم.
مازال الجرح الفلسطيني ينزف و لم يشفى بعد، ومازال الإحتلال الإسرائيلي يرتكب جرائم القتل والاعتقال والتدمير بحق الشعب الفلسطيني و لازالت المستوطنات تشيد ولازالت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها تناضل و تقدم الدعم السياسي لحليفهم في الشرق الاوسط إسرائيل.
وبالرجوع إلى وعد بلفور الدي أعلنته الحكومة البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى لإعلان دعم تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، و بعد مرور أكثر من مائة عام على وعد بلفور، لم تنسى الشعوب العربية بصفة عامة و الشعب الفلسطيني بصفة خاصة ما قاله وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إنه تأثر بشدة بمعاناة المتضررين والمطرودين من إقامة إسرائيل، موضحا أن وعد بلفور لم يتحقق بالكامل.
اعتقد ان موضوع التطبيع مع إسرائيل اعتراف ضمني من الجانب الفلسطيني لمطالب المحتل، و بهدا المعنى يصبح النضال الفلسطيني ضعيفا و أخرسا و لا معنى له، وهدا ما تطمح إسرائيل لتحقيقه من خلال التطبيع.
يبدو لي أن التطبيع يحمل في جوهره تنازلا على الأرض و من غير الطبيعي أن تقبل الشعوب العربية هده الخطوة الخطيرة التي تساهم لا محالة إلى الدل و المهانة و النكبة التي لا يمكن علاجها من جديد.
ان غالبية الشعوب العربية تستبعد خيار التطبيع باستثناء بعض الزعماء العرب الدين يروجون في الخفاء لمزايا التطبيع.
و في الختام،أريد أن أوضح أن كل من ينادي بالتطبيع و يروج له فهو بدون شك و لا ارتياب مع مؤيدي مطالب و شروط الإحتلال و العكس صحيح.
بقلم مصطفى توفيق
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.