كان الزمن يوم أحد من منتصف دجنبر 1985 ، أما المكان فكان أحد استوديوهات التلفزة المكسيكية بمدينة مكسيكو سيتي ، وأما الحدث فانتظره المغاربة جميعهم ؛ مراسيم سحب قرعة الدورة 13 من كأس العالم التي ستجرى بالمكسيك في ماي ويونيو 1986.
أدار عملية القرعة السيد سيب بلاتير الكاتب العام للفيفا حينها ، وساعده ثلاثة أطفال مكسيكيين مكلفين بالسحب كانوا يناولونه الكريات التي تحمل أسماء المنتخبات ، كنا أول منتخب تسحبه القرعة في المجموعة السادسة التي ستجري مبارياتها بمدينة مونتيري ، أما رأس المجموعة ، فكان منتخب بولونيا الذي وضعته الفيفا على رأس هذه المجموعة لبلوغه نصف نهاية البطولة السابقة باسبانيا واحتلاله المركز الثالث ، بالمناسبة جرى سحب القرعة باللغة الاسبانية ، وقد أحسسنا بالفخر حين نطق سيب بلاتير إسم المغرب بلغة اسبانية طليقة Marruecos ، سحبت بعدنا البرتغال ثم إنجلترا ( أنظر لحظة كشف سيب بلاتير عن انجلترا خصمنا الثالث في الصورة ) ، ظهر الحبور على محيا السير بوبي روبسون مدرب المنتخب الانجليزي ووفد بلاده ، فيما لم يظهر لأعضاء الوفد المغربي أثر، لكن هذه المجموعة اعتبرت ثاني أقوى المجموعات بعد مجموعة الموت التي ضمت ألمانيا ، الاورغواي ، الدانمارك ، واسكتلندا ، والسبب أنها ضمت ثلاث منتخبات أوربية قوية .
أجمع كل المتتبعين حينها على أن المغرب هو الحلقة الضعيفة في المجموعة ، وسيخسر جميع مبارياته ، أما التفاصيل فستكون في الحصص التي ستفوز بها عليه باقي المنتخبات .
لم يكن هذا انتقاصا من قيمة المغرب ، وإنما هو تقدير لقيمة المنتخبات الأخرى ، فبولونيا رأس الم??موعة كانت حينها أقوى منتخبات شرق أوربا والعالم بهجوم مرعب يقوده نجم يوفنتيس الايطالي بونياك إلى جانبه الشاب النفاتة جيكنوفسكسي والمجرب سمولاريك ، إنجلترا كانت في ذلك المونديال من أبرز المرشحين للظفر باللقب بالنجم لينيكير (هداف البطولة ب6 أهداف) ورأس الحربة هاتيلي ونجم وسط الميدان ويلنكز دون نسيان الحارس المجرب شيلتون ، أما البرتغال فكان البعض يرشحها حينها للعب دور الحصان الأسود في البطولة للأداء المبهر والكرة الحديثة التي قدمتها في أمم أوربا قبل سنتين بفرنسا .
البقية لن أحكيها ، فقد تصدر المغرب المجموعة بأربعة نقط متقدما على انجلترا ( الثانية ) وبولونيا (الثلاثة ) اللتين تأهلتا معا بثلاثة نقط ، وبات أول منتخب عربي إفريقي يصل إلى الدور الثاني .
ما جعلني أشارك هذه الذكريات التي مرت عليها 32 سنة ، أنني أحببت أن أنقل شعورا يشابه ذات الشعور الذي ساد أغلب المغاربة اليوم حين سمعوا إسمي البرتغال وإسبانيا إلى جانب منتخبهم في المجموعة الثانية .
بقلم : عبد الرزاق كطي محامي بهيءۃ مراكش
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.